لم أكن أعلم يوما أن ذلك كان سبب تصنيعى ، كما أننى لم أكن أعرف أنى سوف أكون سببا فى نحيب أم ، وفراق حبيبة ، وهتك لوطن ….. ياليتنى أمتلك أى إرادة لأمنع ذلك الوغد الخائن الذى صوبنى لقلب غض لا حول له ولا قوة ولا يحوى سوى الحب ، والسلام ، والبسالة ، والتضحية التى هى من شيم الأبطال .
قذفنى نحو فؤاده فخترقت قلب الفتى رغم أنفى ومتعاضى ، فرمقت دون قصد خباياه ومكنوناته ، فرأيت بين الثنايا عيون بريئة لحبيبة يحتضينها بكل ما أوتى من قوة و يخشى عليها من غدر الأيام ويحلم معها بغد سعيد يبعده عنه ضيق العيش ، وعزة النفس ،وتعنت التقاليد والعادات ، كنت ممعنة فى تركيزي مع هاتين العينين قبل أن أنتبه ليدين إمرأة عجوز أشقاها الزمن حتى تجعل أبنائها أفضل الأبناء يخفيها فى الجانب الأيمن من قلبه ويحلم أن يعوضها عن سنين الشقاء ، ورمقت أيضا فى ذلك الجانب ظهرا لرجل عجوز أحنته الايام من فرط بزل الذات من أجل لقمة العيش الحلال ليطعم ويكسى ويعلم الصغار حتى غدو رجال يشد بهم ظهره لأجل ما يستطيع أن يكمل الايام .
ثم أخذنى الشغف أن أبسط قطعة قماش مطوية أثناء إختراقى لها يخفيها فى وسط قلبه، فوجدت أنها علم وطنه رسم عليها صورا لجنود حلف صاحبهم أن يأخذ بثأرهم ، ويرجع للوطن هيبته وكرامته ، لكننى لم أصبر عليه فأوديت بحياته قبل أى شىء ….. أنا هى الرصاصة اللعينة .