أصدرت النيابة الإدارية برئاسة المستشارة فريال قطب، مؤخرا تقريرا يستعرض التمييز ضد المرأة بالوظيفة العامة وأوجه علاج هذا التمييز، حيث رصد التقرير الشكاوى والقضايا الادارية التي تقدمت من النساء فى الوظائف العامة او ضدها، وقد تطرق لجريمة التحرش والاعتداء الجنسي ضد المرأة، كما ابرز الإيجابيات التي تتميز بها المرأة في الوظيفة العامة، حيث إنها لم تتهم برشوة أو اختلاس أو تربح من الوظيفة إلا في حالات نادرة، ولم تتهم بالتحرش ضد آخرين.
وتعرف الوظيفة العامة بأنها «مجموعة الأوضاع والأنظمة القانونية والفنية الخاصة بالموظفين العموميين، سواء التي تتعلق بمستقبلهم الوظيفي وعلاقتهم بالإدارة أم التي تتصل بأدائهم لمهام الإدارة العامة بأمانة وفعالية»، وتمارس السلطة الإدارية وظائفها واختصاصاتها عن طريق الأشخاص الذين تستخدمهم لهذه الغاية، حيث انها خدمة تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة”.
وبناءً على هذا التقرير والذي يعتبر اول تقرير حكومي يرصد اوضاع المرأة المصرية كموظفة عامة لها حقوق وعليها واجبات، قامت “وطني” بطرح التقرير امام الباحثين والناشطات فى مجال المرأة لمعرفة اراءهم حول التقرير بما له وما عليه .
دليل على كفاءة المرأة المصرية
واشادت الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومى للمرأة بمحتوى التقرير ومايتضمنه من ايجابيات تتميز بها المرأة في مجال الوظيفة العامة ، والتى تعد دليل على كفاءة المرأة وجدارتها واستحقاقها للمشاركة في العمل العام، مشيرة الى ان التقرير الصادر عن الهيئة تضمن ايضا اهم سلبيات التمييز ضد المرأة بالوظيفة العامة، وكيفية معالجته فى مجال تقلد الوظائف الادارية العليا بالحهات الادارية واالتى يمكن ان ننظر لها على انها خريطة عمل للتغلب على هذه السلبيات خلال الاعوام القادمة.
ماذا بعد؟
قال المستشار محمد سمير المتحدث الرسمي باسم النيابة الإدارية والقائم على تنقيح التقرير، جاءت فكرة التقرير من تحديد القيادة السياسية ل 2017 عاما للمرأة، وحقيقة الأمر أن في دستور 2014 حصلت المرأة على مكتسبات عدة مكنتها مواد دستورية تحظر التمييز بجميع أنواعه سواء كان الجنس أو العرق أو الدين أو اللون، فبالتالي كانت الدولة حريصة على تحقيق تلك المكتسبات، ومن خلال التقرير قمنا بدراسة الإيجابيات التي أخذتها لتفعيلها بشكل أكبر، وكذلك دراسة السلبيات لوضع الحلول لها.
وأوضح المستشار محمد سمير، أن التقرير وضح 7 محاور من السلبيات متنوعة بين الظواهر وبين الجرائم تكبد ضد المرأة وهي في مجال تقلد الوظائف الإدارية العليا، وفي مجال تكليف الطبيبات والممرضات، وفى مجال الولاية التعليمية، وتزويج القاصرات، وأجازه الوضع وإجازة رعاية الطفل، والتحرش والاعتداء الجنسي، وتشويه الأعضاء الجنسية للفتيات، وتم وضع حلولا لتفادى وعلاج هذا الخلل.
وعن ماذا بعد التقرير! قال، أولا يرفع التقرير إلى القيادة السياسية، ومن ثم يرفع إلى الوزراء والمسؤولين، كلا فيما يعنيه من التقرير الذي تقدمة النيابة الإدارية بشكل سنوي،وفقا لقانونها برفعه للقيادة السياسية ورئيس الجمهورية، ثم تبدأ كل وزارة وكل جهة تنفيذية مباشرة دورها فيما يتعلق بالجزء الخاص بها.
وأوضح، أن الجزء الخاص بتعين المرأة في الوظيفة العامة معني به وزارة التنمية الإدارية، والجزء الخاص بزواج القاصرات تعني به المؤسسات الدينية مع المؤسسات الاجتماعية بالإضافة إلى ملف الأحوال الشخصية، وهكذا باقي التقرير يقسم على الجهات المختصة، وهنا ينتهي دورنا ويبدأ الدور التنفيذي للجهات التنفيذية أن تقومبفعل ما جاء من توصيات بالتقرير.
وبسؤاله هل سيتم عمل تقارير في الأعوام القادمة تخص المرأة، أم هو فقط هذا العام لأنه عام المرأة ، أكد المتحدث الرسمي بأسم النيابة الإدارية، بالفعل بدأنا لأول مرة أصدار تقرير يخص المرأة في عام ٢٠١٧ باعتبارة عام المرأة، ولكن لن يكون الأخير فلقد تم أدراج تقرير خاص للمرأة ضمن التقرير السنوي للنيابة الإدارية ليتناول الإيجابيات التي تم تحقيقها والسلبيات التي مازالت مستمرة وإذا كانت هناك سلبيات جديدة كل عام.
خطة للتنفيذ
وقالت النائبة نادية هنري عضوة مجلس النواب، من الجيد اهتمام النيابة الإدارية برئاسة المستشارة فريال قطب بالمرأة بشكل خاص وأصدار تقرير متخصص حول أبرزالإيجابيات والتحديات التي تواجهها المرأة في الوظيفة العامة.
وألمحت هنري، بإشادة التقرير بكفاءة المرأة وجدارتها في العمل العام بل أفاد بأهمية توسيع المشاركة والعمل علي فتح جميع الأبواب أمام المرأة، وكذلك ذكر التقرير وأشاد بأمانة المرأة في العمل وندرة القضايا التي وجه فيها الاتهام للمرأة الموظفة بجريمة تقاضي رشوة وقلة القضايا التي أحيلت فيها المرأة للمحاكم التأديبية، كما ذكر التقرير أنه لم يوجد سمة قضايا تبديد واختلاس للمرأة على مدار عمله.
وأكدت هنري، تأييدها التقرير في أن المرأة لا تحتاج تشريع جديد لأن النص الدستوري واضح وانه لابد من إصدار قرار من رئيس الوزراء أو رئيس الدولة المصرية بتعيين المرأة قاضية، وخصوصا أن المرأة لها دور فعال في القضاء المدني وفِي الخبراء وأنها تظهر تميزها في المواقع القيادية، وعلى الإدارة المصرية إذا أن تنفذ ما جاء بالدستور، وأن تسلك خريطة عمل للقضاء على هذا التمييز.
تنسيق بين القوانين والإجراءات الإدارية
وقالت الدكتورة هدى بدران رئيس الاتحاد العام لنساء مصر، في البداية بشكر النيابة الإدارية لهذا التقرير لعدة أسباب، بداية الفكرة في أننا نتحدث بالعلم وبالإحصائيات والدراسات فهذا موقف مشرف، لأنه منذ فترة كبيرة يتم الحديث عن المشاكل دون الاستناد إلى معلومات حقيقية، فكون أن يصدر هذا تقرير فلهذا الجهد كل التقدير، وأثمن جهد النيابة الإدارية بقيادة المستشارة فريال قطب، وفى نظري هذا التقرير يعد أحسن ما أفضت إلية عام المرأة.
وأضافت بدران، لا يصح أن يبقى هذا التقرير حبيس الأدراج المقفلة، يجب أن يصل إلى الرئاسة والجهات التنفيذية وأن تتبعه خطوات تتلافى الكسور الموجودة في وضع المرأة في مصر.
واختلفت بدران مع التقرير الذي يطالب أن تكون المرأة في المناصب القيادية بداية بنسبة 25%، لأنه يوجد أتفاق دولي أن تبدأ نسبة تولى المرأة للمناصب القيادية ل 30 % كبداية إلى أن تصل إلى النصف لتحقيق المساواة .
وأوضحت الدكتورة هدى أن التقرير يشير لجزئية في غاية الأهمية وهي أنه لا يوجد تنسيق بين القوانين وبعضها وبين الإجراءات الإدارية في توظيف المرأة،فأشار التقرير أنه يأتي تعينات الطبيبات والممرضات بعيدا عن محل أقامتهم الأصلي، “متسأله” هل سياسة الدولة تتجه إلى الحفاظ على كيان الأسرى أم لا!، أذا كانت الإجابة بنعم فلماذا لا يوجد تنسيق بين الإدارات وبعضها.
وأهتمت الدكتورة هدى بما جاء في التقرير حول زواج القاصرات موضحة، زواج القاصرات هو تجارة علنية وخصوصا عندما تحدث مع كبار السن من العرب والفتيات الصغار ذات 11 و12 عام، والقرار الذي اتخذته الدولة بزيادة المبالغ المدفوعة هذا يسمى بسوق النخاسة لا يصح إطلاقا.
فى نهاية حديثها ، طالبت بدران الأعلام بتسليط الضوء على هذا التقرير بشكل كبير ومتابعة تنفيذ الحلول التي وردت فيه مع الجهات التنفيذية.
اغفال المرأة في القضاء
وقالت الاستاذة هبة عادل المحامية ورئيس مبادرة المحاميات المصريات، يعد التقرير جيد من منظور انه اول تقرير واضح من جهة رسمية ذات طابع رقابى حول رصد وضع المرأ ة بالقيادة العليا بوظائف الدولة، كما ان التقرير اعتلى الموضوعية في كثير من جوانبه عندما ذكر أوجه الخلل التى يكون أحيانا ناتج عن غياب التشريع او عدم تطبيقه او التطبيق المجتمعى الخاطئ له.
وتضيف عادل ، كنا نأمل تعاون جهات أخرى مع هيئة الرقابة الإدارية فى اصدار مثل هذا التقرير وخاصة وحدات النوع الاجتماعى بالوزارات والهيئات الحكومية والتي يفترض أن يكون لديها بيانات وتقارير .
وتوضح الاستاذة هبة تغافل التقرير لجزء مهم وهو تولى المرأة الوظائف القضائية والاشكالية الحالية فى الوصول لقضاء مجلس الدولة والنيابة العامة ومحكمة النقض وهي هيئات خالية تماما من النساء ، بالاضافة الى النقابات التي تخلو مجالس إدارة اغلبها من النساء ايضا ، فالإشكالية كبيرة جدا ولكن التقرير مر عليها من الخارج، ورغم كل هذا لا بأس به لانه بمثابة بداية إدراك حقيقى للمشكلة من جهة رسمية.
وذكرت رئيس مبادرة المحاميات المصريات انها تعمل هذا العام فى ذات الإطار بمبادرة عنوانها المحاميات صانعات القرار، تهدف الى تدريب وتأهيل المحاميات للوصول لمجلس النقابة والعمل على تضمين مقترح قانون المحاماة به كوته للمحاميات تمهيدا لوصولهم لمواقع القيادة بالنقابة.
كوتة للنساء
وترى الاستاذة منى عزت مديرة برنامج العمل والمرأة في مؤسسة المرأة الجديدة ، ان التقرير جيد واضاف الكثير، فأولا، قام التقرير علي اساس القضايا المقدمة من النساء للنيابة الادارية كشكاوى من عدم وصولهم للمناصب القيادية وتخطيهم بدون وجه حق، كما يبرز عدم وجود قضايا ضد النساء سواء بالفساد، بالاضافة الى الاستناد لمواد الدستور، بل وطالبوا كتوصية بنسبة 25% للنساء في المناصب القيادية، سواء في مجالس الادارات او المناصب القيادية، وهذا اقتراح ايجابي جدا من وجود كوتة للنساء داخل المراكز القيادية، وكان مطلب للحركة النسوية، اذكر ان التحالف النسوى الذى شكل بعد ثورة 25 يناير 2011، اصدر بيان بعد استبعاد النساء من حركة المحافظين، طالب التحالف فيه بنسبة تمثيل للمرأة فى حركة المحافظين بتخصيص خمس مقاعد للنساء على الاقل، فتخصيص نسبة هو مطلب ايجابي نتمنى ان يتم الاستجابة له.
وفيما يخص باقي الموضوعات التي رصدها التقرير من التحرش الجنسي للنساء داخل اماكن العمل، تؤكد عزت ان التوصيات المقدمة مهمة جدا وخاصة فيما يخص حماية النساء المقدمات للشكوى مثل ما يحدث للشهود، وهذه فكرة مهمة جدا فربما يكون المتحرش بها رئيسها في العمل، فتتوفر لها الحماية الكافية، حيث تكون فرص عملها مهددة داخل العمل.
أما النقطة التانية والتي تتمنى ان تفعل، هي التوصية بامتداد العقاب في قضايا الزواج المبكر ليس فقط للمأذون كموظف، بل الى افراد الاسرة لان لها سلطة فى قرار تزويج هذه الطفلة مبكرا، بل وتشديد العقوبة، فاذا نظرنا الى ابعاد الزواج المبكر لهذه الطفلة فهو جريمة مركبة متعددة الاثار تتعرض لها النساء.
وتؤكد منى، انه من اللافت في التقرير رغم انه صادر عن هيئة قضائية، انه ركز على بعد التوعية ،وخاصة التوعية بالحقوق، وهذا كثيرا ما نتحدث عنه فيما يخص القوانين والحقوق، فلا يمكن تطبيقها بعيدًا عن التوعية في المجتمع سواء للجماهير او للمسئولين عن تطبيق القوانين، من رجال ونساء، وهذا يساعد على مواجهة الفساد والخلل الاداري في العمل، هذه اقتراحات نتمني ان تلقي القبول والعمل بها.
وفيما يخص تعديل القواعد التى يقوم عليها الاختيار في المراكز القيادية، اوضحت ان قانون الخدمة المدنية الجديد رقم 81 لسنة 2016، فيما يخص الوظائف الحكومية او القطاع العام اقر بقواعد للاختيارات بالمناصب القيادية من خلال تقارير دورية للاداء تختص بها ادارة التنمية البشرية على اساسها سيتم الترقي، ولكنه ركز في هذا التقرير على النوع الاجتماعي، حيث يوضح انه رغم وجود تقارير جيدة إلا ان القائمين على الاختيار يروا ان الرجال هم افضل في اتخاذ القرار.
اما فيما يخص التوعية فالحكومة تقوم بعمل دورات تدريبية للقادة، ومؤخرا قامت الحكومة بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة مع منظمة العمل الدولية بتدريب لوحدات تكافؤ الفرص لتثبيت المفاهيم الخاصة بالمساواة بين الجنسين في العمل، ولكن العمل فيما يخص النوع الاجتماعي ليست مدرجة بالتدريبات الخاصة بالعمل، بالتالي هي ليست موجودة بالثقافة في العمل.
في النهاية تتمنى مديرة برنامج العمل والمرأة في مؤسسة المرأة الجديدة ان هذا التقرير يترجم الى خطة للعمل تطبقها الدولة، مع تأهيل وتدريب للادارات للعمل به لدمج مفاهيم المساواة بين الجنسين.