أقام قصر ثقافة اسنا التابع لفرع ثقافة الاقصر برئاسة محمد العدوى أمسية أدبية وشعرية بعنوان “الأدب العربى ما بعد الحداثة”بحضور د. قرشي عباس الدندراوى أستاذ النقد الأدبي بجامعة جنوب الوادي ود. سعيد عبيد استاذ الفلسفة بجامعة جنوب الوادى ود. محمد مختار أستاذ الأدب الجاهلي ود. محمود بكرى الباحث في الأدب الأندلسي وادار الجلسة احمد جمال أمين نادي الأدب بقنا.
صرح ناصر رمضان سر القصر ان الأمسية التى امتدت حتى الساعات الأولى من صباح السبت أثرت الحياة الادبية بقصر ثقافة اسنا. وتناول قرشى معنى الحداثة قائلا “مصطلح الحداثة من اكثر المصطلحات جدلا منذ اواخر القرن العشرين فى الأدب العربى. فمروجوه من الشعراء والكتاب اعتبروا أنفسهم أعصاب التقدم والعصرنة، بينما اتهمهم معارضوهم بأنهم أصحاب كفر وزندقة. وقد انتقل مصطلح الحداثة إلى مصر منذ اواخر الستينات على يد شعراء مثل حسن طلب وحملة سالم. ومن ينظر فى النماذج الشعرية التى صاحبت تلك الفترة يرى انها سعت إلى تدمير الأبنية اللغوية والأدبية فى الشعر من خلال السخرية بكل التعبيرات والصور المتوارثة، وأحداث بناء لغوى جديد وسياقات جديدة. فرأينا صورا شديدة الغموض وتعبيرات لغوية معقدة، وأصبح الشعار المرفوع العيب فى القارىء الم تلقى وليس فى الشاعر المبدع. أصدروا مجلات جديدة مثل مجلة إضاءة 77 فى القاهرة. ومن تجليات الجدل الإغراق الفلسفى”.
وأضاف عبيد ” أن ثمة انفصال كامل فى الترث العربى كله بين الفلسفة والأدب. فالشعر العربى ظل جاهليا حتى عهد بدوى الجبل ومحمد مهدى الجواهرى، وحتى عند المتنبى والمعرى وإن طرحت بعض القضايا الفلسفية فوجدها لا يدخل الفلسفة على الشعر. فالفلسفة شكلت لذاتها لغة غريبة عن الأدب اوجدتها تقريبا من العدم وبدأت تتكون، وما كادت تتحسس طريقها حتى وءدت. والذى واءدها هو الغزالى فى كتابة تهافت الفلاسفة، ولقد كانت محاولات ابن رشد فى كتابة تهافت التهافت وكذا بعض الاندلسيين أمثال ابن باجة محاولات يائسة. ولكن الفلسفة اختبأت فى علم الكلام فالذي يقرأ النصوص الفلسفية المتأخرة يلاحظ انها مستمدة من ارسطو، وقد أصبحت من بنية اللغة العربية وكان هذا فى مرحلة الانحسار. أما المحاولات الفلسفية الحديثة فما هى إلا اقتباس وتلخيص لما جاء فى بعض الكتب المدرسية الغربية او الشرقية فهو خلو من اى فائدة. وسوف يمضى زمن طويل قبل أن تتاقلم الفلسفة وتصبح بعدا من أبعاد التراث العربى”.
وتناول مختار الادب الجاهلى قائلا: “للباحثين المحدثين من عرب ومستشرقين كتب مختلفة في تاريخ الأدب العربي أدت كثيرًا من الفائدة والنفع منذ ظهورها؛ غير أن من الحق أنه ليس بين هذه الكتب ما يبسط الحديث في أدبنا وأدبائنا على مرّ التاريخ من الجاهلية إلى العصر الحديث بسطًا مفصلًا دقيقًا. وأغزرُ هذه الكتب وأحفلها مادة كتاب “تاريخ الأدب العربي” لبروكلمان، وهو دائرة معارف جامعة. لا تقتصر على الحديث على شعرائنا وكتابنا؛ بل تفيض في الكلام عن فلاسفتنا وعلمائنا من كل صَنف وعلى كل لون، مع استقصاء آثارهم المطبوعة والمخطوطة في مشارق الأرض ومغاربها والإشارة إلى ما كتب عنهم قديمًا وحديثًا. وهذه العناية من وصف التراث العربي جميعه جعلت بروكلمان لا يعني عناية مفصلة ببحث العصور والظواهر الأدبية ولا ببحث شخصيات الأدباء بحثًا تاريخيًّا نقديًّا تحليليًّا؛ إذ شغلته عن ذلك مواد كتابه المتنوعة الكثيرة. فكلمة أدب من الكلمات التي تطور معناها بتطور حياة الأمة العربية وانتقالها من دور البداوة إلى أدوار المدنية والحضارة. وقد اختلفت عليها معان متقاربة حتى أخذت معناها الذي يتبادر إلى أذهاننا اليوم، وهو الكلام الإنشائي البليغ الذي يقصد به إلى التأثير في عواطف القراء والسامعين؛ سواء أكان شعرًا أم نثرًا.”
وقال بكرى: “نظم الأندلسيون الشعر في الأغراض التقليدية كالغزل والمجون والزهد والتصوف والمدح والهجاء والرثاء، وقد طوروا موضوع الرثاء فأوجدوا «رثاء المدن والممالك الزائلة» وتأثروا بأحداث العصر السياسية فنظموا «شعر الاستغاثة»، وتوسعوا في وصف البيئة الأندلسية، واستحدثوا فن الموشحات والأزجال.
وكان الغزل من أبرز الفنون التقليدية، يستهل به الشعراء قصائدهم، أو يأتون به مستقلاً، وبحكم الجوار أولاً، ولكثرة السبايا ثانياً، شاع التغزل بالنصرانيات، وكثر ذكر الصلبان والرهبان والنساك. كذلك شاع التشبيب بالشعر الأشقر بدلاً من الشعر الفاحم، وكما أن الشعراء جعلوا المرأة صورة من محاسن الطبيعة. قال المقَّري: (إنهم إذا تغزلوا صاغوا من الورد خدوداً، ومن النرجس عيوناً، ومن الآس أصداغاً، ومن السفرجل نهوداً، ومن قصب السكر قدوداً، ومن قلوب اللوز وسرر التفاح مباسم، ومن ابنة العنب رضاباً) ولم يظهر المجون الذي يخلط فيه الجد بالهزل في عهد الدولة الأموية في الأندلس لانشغال الناس بالفتوح، من جهة، ولأن الوازع الديني كان قوياً في النفوس، من جهة ثانية. لكن، منذ عصر ملوك الطوائف حتى نهاية حكم العرب في الأندلس، اتخذ بعضهم المجون مادة شعرهم، وأفرطوا فيه إلى حد الاستهتار بالفرائض، مع أنه ظهر في القرن الخامس الهجري في ظل دول الطوائف عدد غير قليل من الشعراء الذين نظموا في الزهد، كأبي إسحق الإلبيري وعلي بن إسماعيل القرشي الملقب بالطليطل، والذي كان أهل زمانه (المئة السادسة) يشبهونه بأبي العتاهية.”
وصرح الباحث سعد فاروق رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي أن ليلة تلك الأمسية شهدت اقبال فكرى أضاف قيمة ثقافية كبيرة إلى رواد القصر، فالثقل العلمى والادبى للسادة المحاضرين اعطى زخما شديدا وأضاف بشكل كبير إلى المواهب الشابة من الحضور. وسنحاول تكرار مثل تلك الامسيات في مختلف المواقع التابعة لفرع ثقافة الأقصر.