افتتح الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار بمرافقة دكتور سمير فرج رئيس المجلس الأعلي لمدينة الأقصر مشروع ترميم وتطوير مسجد أبو الحجاج بالأقصر الذي أنشئ عام 1286م واستغرق العمل فيه أربعة عشر شهرا بتكلفة إجمالية بلغت 13.4مليون جنيه حيث شيد هذا المسجد فوق جزء من الفناء المكشوف لمعبد الأقصر مجاورا الكنيسة القبطية الموجودة بنفس المعبد.
تعرض الجامع للحريق مؤخرا لذلك قام المجلس الأعلي للآثار بتسجيله كأثر إسلامي وإعداد مشروع لترميمه وتطويره وأثناء أعمال الترميم تمت بعض الاكتشافات الأثرية التي ستوضح جزءا مهما من تاريخ معبد الأقصر كان غير معروف لفترة طويلة.
ومن جانبه أضاف اللواء علي هلال رئيس قطاع المشروعات بالمجلس الأعلي للآثار أن مسجد أبو الحجاج الأقصري تم تسجيله بالكامل مؤخرا كأثر إسلامي إلا أن المئذنة وحدها تم تسجيلها كأثر منذ زمن بعيد حيث إنها ترجع في تاريخها إلي أكثر من840 عاما. وللحفاظ علي المسجد وتطويره وضع المجلس الأعلي للآثار مشروعا لترميم جميع عناصر المسجد وإعادة توظيف الأماكن الموجودة بما يحافظ علي الأثر ويهئ المكان بشكل جيد للمصلين مثل دورات المياه وأماكن الوضوء والأماكن الخاصة بالاطلاع الديني.
الاكتشافات الأثرية
وقال عطية رضوان رئيس الإدارة المركزية لمصر العليا, إن الأسباب التي أدت إلي إعداد مشروع لترميم وتطوير مسجد أبو الحجاج الأقصري ترجع إلي ارتفاع وتذبذب المياه الجوفية, مما أدي إلي وجود شروخ بالجدران الملاصقة لمعبد الأقصر لذلك تم عمل مشروع لتخفيض وتثبيت منسوب المياه الجوفية, إلي جانب أعمال التدعيم الإنشائي والترميم المعماري والدقيق للأثر.
وأشار رضوان إلي أنه أثناء تنفيذ أعمال الترميم تم الكشف عن عدد كبير من الكتل الحجرية والنقوش الجدارية الأثرية لمعبد الأقصر كانت قد استخدمت في بناء الحدران الداخلية للمسجد,وترجع إلي عهد رمسيس الثاني من الدولة الحديثة(1304-1237) ق.م,وأضاف أن هذه المناظر تصور الملك رمسيس الثاني وهو يقدم المسلتين الموجودتين أمام واجهة المعبد للإله آمون, بالإضافة إلي منظر آخر يصور ثلاثة تماثيل للملك رمسيس الثاني واقفا يرتدي زيه الرسمي ويضع علي رأسه التاج الأبيض.
وأوضح رضوان أن هذا الكشف ينفي صحة ما ردده بعض الدارسين والباحثين, أن الملك رمسيس الثاني كان قد اغتصب كل التماثيل الخاصة بالملكأمنحوتب الثالثونسبها لنفسه وترجع أهمية أعمال الترميم إلي إلقاء الضوء علي جزء مهم من تاريخ معبد الأقصر كان غير معروف لفترة طويلة.
أبو الحجاج الأقصري
أضاف رضوان أن مسجد أبو الحجاج الأقصري ينسب إلي المتصوف الإسلامي الكبيرأبو الحجاج الأقصريالذي يرجع نسبه إلي الإمامعلي بن أبي طالبوولد في بغداد في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي ونشأ وتربي في قلببغدادعاصمة الفكر والعلم,وكان يعمل في بداية حياته خياطاتم ترك مهنته واشتغل بعلوم الدين والموعظة بين الناس,وقام بعقد مجالس علم في بغداد ثم خرج من بغداد قاصدا بلاد الحجاز ليباشر نشاطه في نشر الدين الإسلامي ثم توجه إلي مصر وجلس مع كبار المتصوفين في الإسكندرية والقاهرة ثم استقر به المقام في مدينة الأقصر وقام بنشر الدعوة من خلال مجالسه إلي أن توفي في عام1244م وذلك في أيام السلطان الصالح نجم الدين أيوب.وقام الشيخ أحمد نجمابن أبو الحجاج في عام1286م بتشييد المسجد فوق أطلال معبد الأقصر.
بناء المسجد
وترجع المئذنة الأثرية لمسجد أبو الحجاج الأقصري لعصر الإنشاء,وهي مبنية من الطوب اللبن المدعم بمداميك من الخشب وتبدأ بقاعدة مربعة ثم بدن أسطواني يليه القمة التي تأخذ الشكل النصف كروي,وهي من سمات مآذن الصعيد التي بنيت في العصرين الفاطمي والأيوبي,أما المسجد فهو غير أثري ويرجع لأوائل القرن العشرين.
والجدير بالذكر أنه تم إنشاء جزء خرساني في عام 1950 بغرض توسعة المسجد, مما أثر سلبيا علي أعمدة معبد الأقصر المبني عليها المسجد نظرا لأنه تم بناؤه علي الأعمدة مباشرة.
معبد الأقصر
وأكد رضوان علي أن الملك أمنحوتب الثالثمن ملوك الأسرة الثامنة عشرة في عام(1405-1370 ق.م) تقريبا شيد معبد الأقصر لثالوث طيبة المقدس المكون من الإلهآمونوزوجتهموتوابنهماخون سوإله القمر. كانت الإلهة تحتفل بعيد الزواج مرة كل عام فينتقل موكب الإله من معبد الكرنك بطريق النيل إلي معبد الأقصر في احتفال فخم,وهكذا أصبح معبد الكرنك هو قصرالإله آمونالرسمي,ومعبد الأقصر هو منزله الخاص الذي يستريح فيه مع عائلته في ميعاد محدد من كل عام.
وشيد الملكأمنحوتب الثالثثلاثة أرباع معبد الأقصر الذي يمتد من الشمال للجنوب,وقد بدأأمنحوتبالبناء من أقصي الجنوب حتي البهو ذات الأربعة عشر عمودا الذي كان يريد أن يجعله فناء ثانيا ولكنه مات قبل أن يتم مشروعه.
ثم أقام الملكرمسيس الثانيأحد ملوك الأسرة التاسعة عشرة بتوسعات بالمعبد,وأضاف الأجزاء الواقعة أمام معبدأمنحوتب الثالثلذلك يبدأ مدخل معبد الأقصر بالصرح الذي شيدهرمسيس الثانيوبه تمثالان ضخمان يمثلانه جالسا ويتقدم المعبد مسلتان إحداهما مازالت قائمة والأخري تزين ميدان الكونكورد في باريس وذلك عندما أهداها محمد علي باشا إلي فرنسا عام1836م.
ويلي هذا الصرح فناء رمسيس الثاني المحاط من ثلاثة جوانب بصفين من الأعمدة علي هيئة حزمة البردي المدعم,وفي الجزء الشمالي الشرقي من الفناء أقيم مسجد أبو الحجاج الأقصر منذ حوالي 850عاما.
الكنيسة القبطية
وبجوار مسجد أبو الحجاج الأقصري توجد كنيسة قبطية مهملة بها العديد من القطع الأثرية من أحجار الجرانيت والمرمر ورسومات ونقوش علي أيقونات مهملة.