يبدو أن العمل الإعلامى بعامة، والتليفزيون بخاصة أصبح مهنة لا مهنة له، وإلا قل لى م هذا الكم من الإعلاميين والمذيعين الذى نراهم ونسمع كلامهم وحوارهم فنشعر بالغيظ والاحباط من هذا الهبل المتواصل، والكلام الذى لا معنى له، واللغة العربية المريضة على ألسنتهم، والغرور الذى يتسمون به، والاهتمام بالملبس أكثر من الاهتمام بالثقافة، والجهل بأبسط قواعد العلام التى تطلب من المذيع عدم التدخل ومقاطعة الضيف إلا للضرورة، واختيار الكلمات المعبرة الواضحة المهذبة، وعدم فرض رأيه، لأن المذيع يمثل المشاهد والمستمع وبالتالي يجب أن يسأل فقط ما يريد المشاه وهكذا.
أرى مذيعين وقد تحولوا إلى شيكو بيكوالعجيب، يحاول التظرف مع أن بعضهم دمه ثقيل، يتحرك أكثر من اللازم ويرتدى ملابس أكثر من مرة ويغيرها، وآخريحملق فى وجه الضيف ويرفع صوته ويختلف معه ويفرض رايه!.
أعتقد أن السبب الرئيسىهو عدم اختيار المذيع المناسب، فليس كل من هب ودب يصلح مذيعا، فلاعب الكرة النجم هو نجم فى الملعب وليس بالضرورة يصلح للعمل الإعلامى، والراقصة التى وصلت إلى السن القانونية لا تصلح أن تكون مذيعة أو الممثلة أو الممث الذى استغنت عنه السينما وهجره المخرجون لا يصلح مذيعا، ووصل بنا الحال أن يسند لشعبان عبدالرحيم عملا إعلاميا ليكون مذيعا، فوجدنا ضيوفه يسخرون منه ويضحكون من عدم قدرته قراءة الأسئلة أو إجراء الحوار!
حرام والله حرام هذا الذى يحدث فى الإعلام المصرى، ولا أعرف لماذا يحدث هذاوالسبب الرئيسي للضياع؟
وأنا هنا أتحدث عن معظم القنوات الفضائية التى يهمها أن تأتى بأى شخصية وتجلسها على مقعد المذيع دون الاهتمام بالشكل والصوت والمضمون والثقافة، فرأينا مذيعين لا شكل ولا صوت ولا قدرة على الحوار، ولا لغة، ولا خلفية ثقافية ولا ولا.. البعض يقول ان هذا هو الاعلام الحر الغير مسيس، أو الذى لا ينطق بصوت الحكومة، ونحن لسنا ضد الاعلام الحر، قطاع خاص، ولكن اختاروا اعلاميين مناسبيين يشرفوكم، ويشرفوا الاعلام المصرى كالاعلامى الكبير وائل الإبراشى وأسامة كمال ومنى الشاذلى وإيمان خضير وإبراهيم عيسى وغيرهم، هناك من نسعد بهم ونسمع لهم ونقتنع بفكرهم، وللأسف هناك من يطلون علينا فنغلق التليفزيون.
الاعلامى الحقيقى لابد أن يكون موهوبا اعلاميا ولديه قدرة على الحوار، وعنده ما يريد أن يقوله، وعلى قدر رفيع من الثقافة حتى يقدم لنا اعلاما محترما يليق بنا. كان الاعلام المصرى هو سيد اعلام العرب وكانت كل الدول العربية تستعير وتستضيف مذيعينا لاذاعاتهم وفضائياتهم لكن الحال تبدل وانقلب عكسا، فأصبحنا نستضيف مذيعين ومذيعات من الدول العربية، والتعاون فى هذا المجال ليس خطأ أو عيبا، بل هو ضرورة، لكن عندما نستضيف من الخارج لحاجتنا إلى اعلاميين فهذه هى المشكلة بل هى المصيبة!
ماذا جرى للاعلام المصرى الذى كان صوته يجلجل فى كل مكان، وكانت السيادة الاعلامية للعرب هى مصر؟!.
فى مجال الدراما والتمثيليات والمسلسلات تراجعنا أيضا وأصبحنا نعتمد على الأعمال التركية والهندية والعربية والصينية، وضاعت لهجتنا المصرية التى كان يتحدث بها كل العرب عندما كانت أعمالنا الفنية من تليفزيون واذاعة وسينما ومسرح منترة وسائدة وعظيمة.
حتى الأغنيا تراجعت، وعندما أسمع اذاعة الأغانى مثلا أحسبها اذاعة عربية وليست مصرية، فالاغنيات معظمها عربية بلهجات مختلفة بعد أن كانت صباح ووردةوفايزة أحمد ولطيفة وعليا ووديع الصافى وفيروز وغيرهم يتغنون باللهجة المصرية .
أريد فى النهاية أن تتخلص بعض الفضائيات من نشر الجهل المدقع والدجل عندما تنشر خرافات العلاج بأدوية غير معروفة وبالجان والسحر، والشيخة فلانة التى تعرف طالعك وتحدثك عن مستقبلك وحالتك الاقتصادية والعملية!
والشيخ فلان الذى يفسر لك أحلامك ويشفى لك أمراضك!
أيها الناس فوقوا واعرفوا أننا فى القرن الحادى والعشرين وليس هناكسحر ولا خرافة ولا بخت ولا ودع ولا كوتشينة، العلم هو طريق التقدم، والاختيار المناسب هو طريق الاعلام الجيد المفيد للناس.