تبدأ القمة العربية في العاصمة القطرية الدوحة غدا وسط حالة من الترقب سواء كان ذلك علي الصعيد العربي أو علي الصعيد العالمي, وتواجه هذه القمة تحديات كبيرة لما تحمله الموضوعات المطروحة عليها, وأيضا أجواء القمة والتي تعد اختبارا للمصالحة العربية, التي تمت مؤخرا بين مصر وسورية والسعودية, وكذلك المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية والتي تعد من أهم تحديات هذه القمة, بالإضافة إلي التحدي الأكبر والأخطر للدول العربية وهو حضور الرئيس السوداني عمر البشير بعد صدور قرار المحكمة الدولية الجنائية باعتقاله, وهو ما يطرح معه بعض القلق من المخاطرة لإلقاء القبض عليه أو اعتراض طائرته, خاصة أن الحكومة السودانية أكدت أن البشير سيشارك في القمة إذا تلقي دعوة لحضورها, وعلي الجانب الآخر رحبت قطر بحضور البشير في حالة رغبته في تمثيل بلاده في القمة.
أما علي الجانب السوري فأبدي الرئيس بشار الأسد تفاءله بأجواء المصالحة التي تمت والتي من شأنها أن تحقق النجاح لهذه القمة في حين أكد عمرو موسي, الأمين العام لجامعة الدول العربية أن انعقاد القمة العربية في دورتها الواحدة والعشرين يأتي وسط متغيرات دولية وظروف بالغة الصعوبة تموج بها المنطقة خاصة بعد التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة واحتمالات قدوم حكومة يمينية متطرفة, وبرغم وجود الكثير من التحديات التي تواجه هذه القمة إلا أن موسي أشار إلي إيجابية المصالحة العربية – العربية والجهود المبذولة من قبل بعض الدول العربية لتهيئة الأجواء ورأب الصدع العربي, وكذلك المصالحة الفلسطينية, وهذه كلها من الأمور الإيجابية التي يمكن البناء عليها والتي من شأنها أن تدفع بالقمة إلي الأمام, أما عن الملفات المطروحة فأوضح موسي أنه سيطرح أمام القمة العربية المقبلة مستقبل العمل السياسي في المنطقة في ظل التحديات الراهنة, والملفات كثيرة وفي صدارتها الأزمة السودانية وتطوراتها, موضحا أن هناك تنسيقا وتشاورا بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي من أجل إعمال المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي تجيز لمجلس الأمن إرجاء تنفيذ قرارات المحكمة, فضلا عن متابعة تطورات القضية الفلسطينية.
أما عن الموقف العربي وتباينه مع إيران, قال موسي إن الموقف الإيراني بالغ التعقيد, والصدام مع إيران ليس من مصلحة أحد, ونأمل أن تتجه الأمور نحو تفعيل الحوار العربي – الإيراني لإنهاء كل المشكلات الخلافية.
وهنا يعلق الدكتور عمرو الشوبكي الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية علي الموقف العربي – الإيراني وحضور إيران للقمة العربية وما تحمله من تحد للمصالحة العربية قائلا: إن حضور إيران أو تركيا للقمة العربية يأتي في إطار النظام الإقليمي ودورهما في إقليم الشرق الأوسط, ولذا فإن حضورهما أصبح أقرب إلي الأمر الواقع, ولا توجد غضاضة في ذلك, أما ما حدث مؤخرا حول قيام المغرب بقطع علاقاتها مع إيران فهذا ليس بالغريب لأنه لم تكن للمغرب علاقات مع إيران من الأساس, كما أن تدخل إيران في القضايا العربية يأتي لأن هناك خللا في الأداء العربي, كما أن دور إيران يزداد نتيجة الضعف العربي.
ومن الملفات المتوقع طرحها في هذه القمة أوضح الشوبكي بأنها الملفات المعتادة والتي لم يتم حسمها من قبل العرب مثل دعم العراق, لبنان, إعمار غزة, والسلام في الشرق الأوسط بين فلسطين وإسرائيل, والذي لن يتجاوز الأحاديث فقط.
أما فيما يتعلق بحضور البشير والمخاطرة في ذلك فيري الشوبكي أن حضور البشير يحمل مخاطرة إلقاء القبض عليه أو اعتقاله ومن الأفضل ألا يحضر, وإلا إذا كانت قطر قد حصلت علي وعود أمريكية بحمايته لأن العرب غير قادرين علي حمايته وبالتالي حضور البشير وتعرضه للاعتقال يمثل إحراجا كبيرا للزعماء العرب.
في حين أشار الدكتور سيف الدين عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلي أن المصالحة العربية لم تكن كاملة حتي يكون لها أثر إيجابي في قمة الدوحة بسبب الخلافات المتعددة الأطراف بين الدول العربية.
وتوقع عبدالفتاح ألا تؤدي هذه القمة إلي نتائج إيجابية لأنها لا تخرج عن مجرد الأحاديث ثم يذهب كل في طريقه, أما عن حضور إيران فأوضح عبدالفتاح بأن حضورها يمثل نوع من المراقبة الإقليمية مثل حضور مندوب من الاتحاد الأوربي مثلا, ولكن حضور إيران أو تركيا يمثل نوعا من الضعف للقمة ونتائجها في ظل موقف بعض الدول العربية الرافض لحضور إيران مثل مصر, والتي يجب عليها أن تتخذ دورها ومركزها الطبيعيين حتي تؤمن نجاح القمة والجهود العربية, فدور مصر وموقفها هو الذي يحدد الوضع في المنطقة العربية, وإذا كان لم يتم توجيه الدعوة لإيران إلا أن حضورها في ظل حالة الرفض من شأنه أن يعمق الجراح العربية وينعكس ذلك بشكل سلبي علي المصالحة العربية التي تمت مؤخرا.