هناك ذكريات لا تنسى وتظل تحيا دائما في الوجدان، حيث أنها حفرت في الذاكرة مغلفه بالحب والشجن لما تحتويه من قيم ومبادئ لا يريد الإنسان أن تطوى مع الأيام.
لازالت اتذكر لقائي معه يوم الجمعة الساعة السابعة والنصف صباحاً من كل أسبوع في مكتبه بوسط القاهره، فكان لقاءاً انتظره وأتشوق إليه لما كان يحوي من حوارات. كان الموعد شبه مقدس مع أحد أبناء جيلاً اعتاد الانضباط والاستيقاظ مبكراً، وأكتسبت وتعلمت منه هذه الصفة.
في هذا اللقاء الأسبوعي، كنا نتناقش في موضوعات من مختلف المجالات. كانت آراؤه حاسمه وجريئه وقاطعه، وكانت قوة شخصيته وقناعته بما يتخذ من قرارات ظاهرة لي بوضوح في كثير من المواقف التي عايشتها معه، برغم مواجهته فيها كثير من العواصف والمخاطر… فتعلمت منه أنه لا مجال للمساومه مع ما يتعارض مع المصلحه العامة.
ومن الطريف أنه من الطقوس الثابتة التي كنت اشاهدها أثناء هذا اللقاء، لافته إنسانيه مؤثره، حيث كان يواظب على إطعام الطيور، بوضع طعام وماء على سور نافذة مكتبه..
ولازلت أتذكر مرافقتي له سيراً على الأقدام في طريقه إلى جريده وطني، يوم الأربعاء بعد الظهر. كان له بُعد نظر سياسي عميق وواعي، وأثر ذلك في إستمرار إصدار جريدة وطني حتى يومنا هذا.. حيث قرر تحويل شركة وطني إلى شركة مساهمة، لتلافي مخاطر إغلاقها بالقانون المطبق حينذاك. لم يكن قراراً بسيطاً أو سهلاً، وبرغم مخاطر هذا الإجراء إلا أنه – وعن قناعه، وإحساس بالمسئولية الملقاه على عاتقه، اتخذ هذا القرار. لقد واجه بعدها بعض المصاعب التي تداركها سريعا وسرعان ما قضى عليها، بصرامته المعهوده، ليحافظ على هذا الصرح الذي أنشأه وحافظ عليه، ليسلم رايتها إلي الجيل التالي لاستكمال الرسالة التي شيدت من أجلها.
أما الجانب الأسري، فلم أنسى أبداً فرحته بتواجد الأسرة كلها من حوله، وفرحة الأطفال بوجوده في وسطهم وفرحتهم بما يوزعه عليهم من شيكولاته وحلويات.
عشرون عاماً مضت على انتقالك، ولكن هناك الكثير والكثير من الذكريات التي لازالت تعيش معي وأعيش معها واسعد بها، حيث كنت دائماً بجانبي بعد ان فقدت الكثير من الأعزاء والأحباب، فأنت معي دائما لأن علاقتي بك أقوي من الفراق ولكن حقيقه… وحشتني