بقــلم: م. منــير وصــفي بطـــرس
باحث في موسيقى الألحان القبـطية
مـــدرس مــــادة اللــــحن الكنـــسي
بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيــة
أعزائي القُراء أستَكمِل معكم الدِّراسة في جُزئِيَّة (الأواشي الكبار) التي تُقال في رَفعِ بخور عَشِيَّة وباكِر.
الأواشي الكِبار:
في طَقس كنيستنا القبطية مجموعات من الطِلبات والصلوات التي يُصليها الكاهن ويُنَبِّه بها الشماس الشعب للصلاة ويتشارك الشعب بالمردات التي تتوافق مع روح كل صلاة وتُسَمَّى هذه المجموعات “أواشي” وكلمة أوشية هي كلمة يونانية ومعناها (صلاة، طِلبة، تَضَرُّع، تَوَسُّل) ومن ضِمن مجموعات الأواشي (الأواشي السَّبع الكِبار)، وهي (المَرضَى، والمُسافِرين، والأَهوِيَة، المَلِك، والرَّاقِدِين، والقَرَابين، والمَوعُوظِين) وهذه الأواشي تُقال في مناسباتٍ عديدة (اللَّقان، والمَعمودية، ومِسحَة المَرضى، والسَّجدة) وتُقال أَربَع “أواشي”منهم في رفع بخور عشية وباكر وهم (الراقدين والمرضى والمسافرين والقرابين) ولهم نظام في استخدامهم إن كان في رَفع بخور عشية أو باكِر كما سأشرحها في النُقطة التالية.
النِظام الطَّقسي للأواشي الكِبار في رَفع بخور عَشِيَّة وباكِر:
بالنسبة للأواشي التي تُقال في رَفع بخور عَشِية فهي أساساً أوشية الراقدين (المُنتَقِلين) على مدار السنة، ماعدا في فترة الأعياد، ففيها تُقال أوشية المرضَى بدلاً من أوشية الراقدين.
أما في رَفع بخور باكِر فتُقال أوشية المرضَى على مدار السنة، (ما عدا أيام السُّبوت حيث تُقال بدلاًمنها أوشية الراقدين، مُتذكِّرين فيها أن جَسدَ ربِالمَجدِ ظلَّ في القبر في يوم سَبت النور)، وتُقال أيضاً أوشية المُسافرين على مدار السنة، (وفي القديم كانت أوشية المُسافرين هي الأوشية التي تُصَلِّيها الكنيسة يومياً من أجل المؤمنين الذين سيذهبون إلى أعمالهِم بعد حضورهِم صلوات رفع بخور باكِر حيثُأن القداس كان منفصلاً أحياناً عن رفع بخور باكِر)،ولأبينا القمص تادرس يعقوب تأمل جميل: “لأن الكنيسة هي مستشفى تفتح أبوابَها في الصباح الباكِر لتستقبِل كلَّ مريضٍ، فتُقَدِّم له السيد المسيح طبيباً ودواءً في نفس الوقت، وتشعُر أيضاً بحاجةِالمُسافرين إلى رِعاية الله من الأخطار”، ولكن لا تُقال أوشية المُسافرين في أيام الآحاد والأعياد السيدية؛حيث كان من عادات المسيحيين قديماً الالتزام بحضور القداس وعدم السَّفَر في هذه الأيام، فتُقال بدلاً منهاأوشية القرابين، وكان المسيحيون قديماً يأتون إلى الكنيسة لحُضور القداس، مُقَدِّمين عطاياهم وتقدماتهم كلٌ حسب طاقتِهِ، تنفيذاً لوصايا الله “لا تَظهَروا أمامي فارِغين” (خر23: 15).
لماذا تُصَلَّى أوشِيَة الراقدين ؟ ولماذا تُقال بصورةٍ أساسية في صلاةِ رَفعِ بخورِ عَشِيَّة؟
1- لإيضاح أن نُفوس الراقدين حَيَّة فالله إلهُ أحياءٍوليس إله أموات، ونتذكر خلودَ الرُّوحِ فنُجاهد.
2- لتصديق القيامة فنطلب من الله أن يُقيم أجسادَهم في اليوم الأخير، ويُقيمنا معهم ويغفر لنا خطايانا.
3- لأجل تحقيق الدينونة العامة، فبصلاتِنا عن الراقدين نعترف جهاراً بالدينونة العتيدة.
4- لتأكيد أن المُكافأة لم ينَلها أحدٌ؛ لأنهم لم يُكمَلوا بِدونِنا (عب40:11).
5- ونتذكَّر على الدَّوام أن الراقدين هم أعضاؤنا وإخوتنا كي نُصلي بعضنا لأجل بعض، فهناك صِلة مابين الكنيسة المُنتَصِرة التي تُصلي من أجل الكنيسة المُجاهدة حتى تُكَمِّل جهادَها،والكنيسة المُجاهدة بدَورها تُصلي من أجل الذين انتقلوا لكي يغفر لهم الله توانيهم وكسلَهم وتفريطَهم، وهناك مِثال للقديس بولس الرسول الذي صَلَّى من أجل أنيسيفوروس الذي كان قد انتقل لكي يرحمه الله في يوم الدينونة (2تي1: 18).
6- ولكي ننظر إلى أحباءِنا الراقدين الذين أكمَلوا جهادَهم ونَنظُر إلى نهاية سيرتِهِم ونتمثل بإيمانهم.
7- ولأجل تَعزِيَة الأحياء وطلب الصَّبر لهم جميعاً، ليخرجوا من فِكرة الموت إلى فِكرة القيامة.
أما من حيثُ