نقص الإمدادات لساعات طويلة أدىت لحالة ذعر من احتمال نقص الوقود بالبلاد
تتصاعد أزمة الطاقة فى دول الاتحاد الأوروبى يوماً بعد يوم ، وبدأ عدد متزايد من المدن الأوروبية، في خفض الأنوار من أجل تقليل استهلاك الكهرباء، في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تعتبر ألمانيا والسويد وبريطانيا وإيطاليا وفنلندا ولاتفيا أكثر الدول إعتماداً على الغاز الروسى .. ومؤخراً أنضمت فرنسا كأحدث الدول الأوروبية التى أعلنت عن اتخاذها عدة إجراءات لتوفير الطاقة مع وضع خطط لإطفاء الأنوار عند برج إيفل فى باريس، وإطفاء إضاءة المباني العامة والمتاجر أثناء فترة الليل، أما الجديد فى الوضع الفرنسى الحالى فيما يتعلق بالطاقة، فقد نشبت إضرابات في عدد من مصافي تكرير البترول الكبرى بفرنسا، أدى لحالة من الذعر من احتمال نقص الوقود في البلاد، وقال الاتحاد الكونفيدرالى للعمل “CGT” إن الإضرابات في مصفاتي “توتال إنرجي” و”إكسون موبيل” مستمرة ، إذ تعانى مصافي التكرير الفرنسية بمرحلة عصيبة جراء ما تشهده من إضرابات وحرائق في الآونة الأخيرة، وتواجه أكثر من 20% من محطات الوقود الفرنسية مشكلات في الإمدادات، بعدما تسببت الإضرابات في تعطيل العمليات في أربع من مصافي التكرير الرئيسية في البلاد ، وأدت تصرفات المُضربين إلى تراجع عمليات توصيل الوقود، مما أثار المخاوف وأدى إلى ساعات طويلة من الانتظار فى محطات الوقود، كما تأثرت حركة النقل بالحافلات المدرسية بسبب الإضرابات..
وبعد إضراب مستمر منذ ثلاثة أسابيع وزيادة في الأجور اعتبرها “الاتحاد العام للعمل” ضئيلة جدًا وتعبئة وطنية باهتة الثلاثاء، يفترض أن يختار المضربون في مواقع النفط الفرنسية التابعة لمجموعة “توتال إينيرجيز” الأربعاء بين مواصلة تحركهم أو توسيعه، في حين يؤدي إلى أزمة وقود نادرة في فرنسا .. اقترح “الاتحاد العام للعمل” “تمديد حركة” عمال المصافي التي بدأت في 27 سبتمبر حتى ظهر اليوم الأربعاء موعد انعقاد اجتماعات عمومية جديدة.
هذا وتسعى فرنسا جاهدة لاحتواء توقّف المصافي وإنعاش مرافق ومفاعلات الطاقة النووية قبيل أزمة الطاقة المتوقعة خلال فصل الشتاء الوشيك، وجاءت الإستعدادات التي أبدتها الحكومة الفرنسية اليوم بالتوافق مع جهد مُماثل أعلنته شركة توتال إنرجي وإجرائها مفاوضات لتلبية المطالبات العمالية .. حيث قال المتحدث بأسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران : إن حوالي عشرة بالمئة من محطات الوقود في منطقة باريس تواجه مشكلات في الحصول على إمدادات وقود كافية في الوقت الذي تستمر فيه إضرابات بأربع مصافي تابعة لشركة توتال إنرجيز .
تعطل 60% من طاقة التكرير الفرنسية
وأدت الإضرابات وأعمال الصيانة غير المخطط لها – بحسب اليورنيوز – إلى تعطل أكثر من 60 % من طاقة التكرير الفرنسية، أي 740 ألف برميل يوميًا، مما أجبر البلاد على استيراد المزيد من الوقود في وقت أدى فيه الغموض بشأن الإمدادات العالمية إلى زيادة التكلفة، وتسبب الإضراب العمالي الذي نظمه أعضاء الكونفدرالية العامة للعمل في توتال إنرجيز، بسبب الأجور فى المقام الأول ، إلى تعطيل العمليات في مصفتين ومنشأتي تخزين، كما تواجه مصفاتان للتكرير تابعتان لشركة إكسون موبيل مشكلات مُماثلة منذ 20 سبتمبر الماضى، وقال المتحدث باسم الكونفدرالية العامة للأشغال تييري ديفرسن لـ “رويترز” إنه لم يتغير أي شيء في مواقع توتال إنرجيزعلى مدار أسبوع، وتسلّط النقابات الضوء على الأرباح الكبيرة التي حققتها مجموعات النفط، إذ تستفيد من ارتفاع الأسعار، حيث حصدت «توتال إنيرجي» أرباحاً قدرها 10.6 مليارات دولار في النصف الأول من العام.
احتياجات فرنسا من الكهرباء
من ناحية أخرى، صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة قادة حكومات دول الاتحاد الأوروبي في براغ عاصمة التشيك، إن فصل الشتاء في نهاية عام 2023 وبداية 2024 سيكون أصعب من الشتاء القادم على الأوروبيين من حيث إمدادات الغاز، مؤكداً أن أوروبا ستكثف محادثاتها مع موردي الغاز، وستنسق مع الدول الآسيوية الشريكة بشآن صفقات شراء الغاز، وستطبق أيضًا آليات للتأكد من وجود تضامن مالي بين الدول الأوروبية في تعاملات شراء الطاقة، وتساءل الرئيس الفرنسي “ماكرون”: ” ما الذي تحتاجه أوروبا في السنوات القادمة، لإنتاج مزيد من الكهرباء على أراضيها، وكي تكون لديها استراتيجية طاقة متجددة ونووية “، حيث أجاب “ماكرون” قائلاً : إن بناء خط الأنابيب الجديد سوف يستغرق من 5 إلى 8 سنوات، مشيرًا إلى أن فرنسا لا تريد استيراد كميات كبيرة من الغاز على الأمد البعيد.
هذا وارتفع سعر الوقود على مدار الأيام الماضية بالإضافة لأزمة الإضرابات التى كادت أن تشل الحركة اليومة فى عدد من المدن الفرنسية، ومن أجل التغلب على مشكلة نقص الوقود، أطلقت الحكومة الفرنسية كميات كبيرة من الوقود من مخزونها الاستراتيجي وعززت واردات الوقود من بلجيكا، وكانت شركة “توتال إنرجي” والاتحاد العام وافقا على العمل على بدء المفاوضات ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق، إذ يُطالب المضربون برفع الرواتب لمواجهة التضخم المرتفع الذي تعيشه فرنسا ، إذ يعد هذا الإضراب جزءًا من تحركات عمالية أوسع في جميع أنحاء فرنسا تطالب بزيادة الأجور ومعاشات التقاعد في ظل تراجع القوة الشرائية مع ارتفاع التضخم في جميع أنحاء أوروبا. وأدى ذلك إلى إضرابات في مفاعلات نووية مما أدى إلى الحد من إمدادات الكهرباء.
انتقادات لقرارات “أوبك+”
ويرجح المحللون – بحسب ما نشرت وكالة ( أرجوس ميديا / Argus Media ) المعنية بشؤون الطاقة – أن تؤدي عمليات الإغلاق إلى زيادة الطلب الفرنسي على واردات المشتقات النفطية في وقت تحاول فيه أوروبا فصل نفسها عن الإمدادات الروسية، وكانت فرنسا قد قررت منتصف مارس الماضي دعم أسعار الوقود بأكثر من ملياري يورو (2.03 مليار دولار)، أو ما يعادل 0.15 يورو لكل لتر، ثم ارتفع الدعم إلى 0.18 يورو لكل لّتر في أبريل وذلك من البنزين والديزل، ويبدو أن كل دول العالم من غير منتجي مصادر الطاقة، أو ليس لديها اكتفاء ذاتي منها، ستشهد مزيدًا من المعاناة، بعد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط – وحلفائها المعروفين بـ “أوبك+” – بخفض الإنتاج مليوني برميل، حيث دفع قرار “أوبك+” الأخير كثير من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى توجيه نقداً عنيفاً إلى الدول الأعضاء، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
السحب من المخزون .. ومفاوضات الأجور
وقالت الحكومة الفرنسية أنها لجأت لاحتياطياتها الاستراتيجية من الوقود لإعادة تزويد المحطات وسط إضرابات المصافي والمستودعات حدت من الإنتاج ومنعت عمليات التسليم، وقال الاتحاد الفرنسي للصناعات البترولية إن عدم ضخ الوقود بالقدر الكافي يرجع إلى أمور لوجستية وليس إلى نقص الإمدادات، وأضاف أن السحب من المخزون لم يؤثر قط على المستوى الوطني للاحتياطيات .. وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن: طلبت من المسؤولين المحليين أن يصدروا بموجب القانون تدبير استدعاء العاملين الأساسيين لعمل المستودعات ، مؤكدة أن الحوار مع العاملين يقوم على التقدم عند اتفاق الغالبية، وحثت رئيسة الحكومة الفرنسية الإدارة والنقابات للإنخراط في مفاوضات بشان الأجور، بينما تستعد وزارة النقل الفرنسية للإفراج عن كميات إضافية من المخزون الاستراتيجي للوقود لتخفيف النقض الناجم عن إضراب مصفاتي التكرير ما تسبب في أزمة وقود في بعض الأقاليم الفرنسية، وصرح كليمان بون وزير النقل الفرنسي في مقابلة مع شبكة تليفزيون “إل.سي.إي” أنه سيسمح لشاحنات نقل الوقود بتوصيل شحنات أيام الأحاد، في محاولة لتخفيف النقص في الأسواق .. وقال وزير البيئة الفرنسي كريستوف بيتشو : لم نصل لنقطة تستدعي فرض قيود على استهلاك الوقود بعد، بسبب الإضراب، وأعتقد أن الأمور ستهدأ بعد أيام، مُطالباً المواطنين التزام الهدوء والتحلي بالمسؤولية جراء تأثُّر محطات الوقود سلبًا بإضراب عمال المصافي.
الإضرابات فاجأت السوق
وقال كبير محللي النفط في أويل إكس، نيل كروسبي: “موجة الإضرابات في فرنسا فاجأت السوق، وهناك حالة من عدم اليقين بشأن مدتها” بينما أكد كريستوف أوبير المنتخب من ” الاتحاد الكونفيدرالى للعمل ” في ” إكسون موبيل “: ” أنهم يُمثلون70% من المضربين ، وهؤلاء هم نفس القوى العاملة طوال عطلة نهاية الأسبوع، لذا يجب ألا نتحرك “،و بيدرو أفونسو، لوكالة “فرانس برس”: أن هناك 100% من المضربين في قسم الشحن وعادة ما يكون هناك ما بين 250 و300 شاحنة يوميًا وما بين 30 و50 عربة ،ولا يتم خروج الوقود حتى لو استمرت المصفاة في الإنتاج “.. وقال ممثل نقابة عمال توتال إنرجي: النقابة وجهت نداء لرئيس الشركة باتريك بويانيه، لبدء مفاوضات مع اقتراب موعد محادثات الأجور الرسمية، إلا أن ممثل نقابة عمال توتال إنرجي أكد عدم تراجع النقابة عن أي من مطالبها .
ويؤدي الحصار من قبل المضربين لإنخفاض عمليات تسليم الوقود، لذلك غالبًا ما تنفد محطات الوقود من مخزون البنزين أو الديزل، حيث تدير ” توتال إنرجي ” ما يقرب من ثلث المحطات الفرنسية ..حيث عطّلت الإضرابات في فرنسا منذ أكثر من 15 يوماً، قرارًا حكوميًا بوضع قيود على استهلاك الوقود، واجتاحت الإضرابات العمالية مصافي التكرير، بسبب مطالب متعلقة بزيادة الأجور، لمواجهة معدلات التضخم المتقافزة مؤخرًا .