“على المرء أن يأكل ليحيا، لا أن يحيا ليأكل” تذكرت تلك الحكمة لسقراط حينما رأيت أحد الأصدقاء يلتهم الطعام بنهم وشراهة دون توقف .. واستوقفتني تلك الآلام الحادة التي يعاني منها من جراء التهاب المرئ الارتجاعي .. وبالرغم من صعوبة الحرقان الشديد الذي يشتعل في صدره، وجدته يلتهم ذلك الطعام الغير صحي بكميات كبيرة وينقض عليه بأنياب الشهوة التي تكاد أن تفتك بالمرئ ذلك الأنبوب الأجوف الممتد من الحلق إلى المعدة دافعًا الطعام من خلال موجات متتالية من التقلصات العضلية.
وهنا وجدتني أتساءل لما هذا التحرق الشديد بالصدر؟ وما أسباب وأعراض التهاب ارتجاع المرئ؟ كيف يؤدي الغذاء الغير صحي إلى تفاقم تلك الآلام ؟؟ وما هو الدور الفعال للغذاء في علاج تلك الحالة المرضية؟ كل هذه الأسئلة طرحتها على “أبانوب مجدي البرت” اخصائي التغذية العلاجية وعلاج أمراض السمنة و النحافة – جامعة عين شمس ، فأجاب قائلاً: يحدث التهاب المرئ الارتجاعي عندما يرجع محتوى المعدة إلى الجزء السفلي من المرئ، وهذه الحالة قد تكون بسيطة ويمكن السيطرة عليها ببساطة أو قد تكون درجة حادة لدرجة أنها قد تسبب نزيف ، ثم ضيق بالمرئ، و عادة ما تكون مصحوبة في مراحلها المتقدمة بفتق في الحجاب الحاجز.
ويوضح أبانوب ألبرت أن الوظيفة الأساسية للعضلة السفلى للمرئ هو منع رجوع محتويات المعدة إلى المرئ ، و السبب في حدوث التهاب المرئ الارتجاعي هو ضعف هذه العضلة، وعدم لياقتها لأداء تلك الوظيفة، ومن أهم الأمراض الشائعة في هذه الحالة حدوث حرقان شديد بالصدر (heart burn )، رجوع محتويات المعدة إلى الفم، ويحدث ذلك عادة أثناء الليل أو عند الانحناء للأمام.
لعلاج هذه الحالة المرضية يشير أبانوب ألبرت إلى أهمية إعطاء علاج مكثف بمضادات الحموضة، وتقليل الإرتجاع بواسطة الجاذبية، وذلك بأن يظل وضع المريض قائماً بعد تناول الوجبات ، وأن يبقي رأس السرير مرتفع قليلاً لتقليل الارتجاع أثناء النوم. هذا إلى جانب تناول وجبات خفيفة و تقسيم الوجبات الغذائية على ٥ وجبات صغيرة يوميًا على مدار اليوم، مع تجنب الشاي والقهوة والكحوليات والأغذية المليئة بالمواد الحريفة والحامضية.
وعن أسباب فتاق الحجاب الحاجز يوضح ابانوب البرت قائلا: أن فتاق الحجاب الحاجز يرجع إلى بروز الجزء الأعلى من المعدة (القريب من القلب) إلى تجويف الصدر، وعادة فتاق الحجاب الحاجز ليس له أعراض ، و لكن في حالة ضعف العضلة السفلية للمرئ يحدث ارتجاع لمحتوي المعدة بالمرئ ، و يصاب المريض بإلتهاب المرئ الإرتجاعي، وفي حالة حدوث نزيف يوصى المريض بزيارة اخصائي تغذية علاجية لوضع خطة غذاء مناسبة لحالته للتحكم في الحالة مع علاجة الدوائي الموصي به من طبيبه المعالج، وفي الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج يمكن أن يرشح الطبيب المعالج اللجوء لإجراء عملية جراحية للمريض.
وهناك العديد من الأغذية الممنوعة لالتهاب المرئ الارتجاعي هذا ما يوضحه ابانوب البرت وتتمثل في:
المخبوزات المصنعة بكميات كبيرة من الدهون مثل (الكرواسون، البسكويت المملح ، الفطائر مرتفعة الدسم )، وبعض أنواع الخضروات مثل( البصل و اللفت)، والخضروات التي تولد غازات مثل (الكرنب و القرنبيط المقلي)،
و بعض الفاكهة و خاصة الحامضية مثل( الليمون والجريب فروت و البرتقال و اليوسفي) ، كما يجب الإمتناع عن منتجات الألبان مرتفعة الدسم، والقشدة المصنوعة من لبن كامل الدسم، هذا إلى جانب البروتينات مثل( اللحوم والطيور والأسماك المقلية، و اللانشون، زبدة الفول السوداني المضاف اليها مكسرات او بذور )، وبعض الطعمة المحفوظة مثل( الشيبسي والبطاطس المحمرة و الفشار و الكعك و الحلوي بالكريمة)، وأخيرا لا يجب تناول الأدوية التي تحتوي على الأسبرين إلا بعد استشارة الطبيب المعالج.
ومن الجدير بالذكر أن أبانوب ألبرت اخصائي التغذية العلاجية وعلاج أمراض السمنة والنحافة – جامعة عين شمس، اخصائي التغذية العلاجية والإكلينيكية – جامعة ستانفورد، ومحاضر التغذية الإكلينيكية بالأكاديمية الدولية للإدارة العربية ومحاضر التغذية العلاجية والرياضية بشركة روتابيوچين الدوائية و شركة ايجي فارما.