“ما اعظم أعمالك يارب كلها بحكمه صنعت ملآنه الارض من غناك” (مز 104: 24).
هل نتجت مخلوقات الارض من نبات وحيوان وطيور من خليقه الله ام من نظريه التطور ؟
السؤال بهذا الشكل لابد انه يثير التحفز عند طرفى الجدال . فأنصار الخلق سيقولون ان كل شئ خلقه الله , فلقد قال الله ليكننور فكان نور , ولا يمكن ان نقبل اى جدال فى هذا الامر .
اما انصار نظريه التطور فسوف يقولون ان العلم أثبت لنا ان كل المخلوقات الحيه على الارض وجدت بالتطور من الخليه الاولىالبسيطه . والدلائل العلميه اكثر من ان تحصى . يقول اصحاب هذه النظريه . وفى نظرهم انه لا وجود لله فى المعادله بالمره، بلكلها قوانين طبيعيه تعمل تلقائيا عبر ملايين وملايين السنين .
وهناك فريق ثالث بين الفريقين يلجأ الى حل يعتقد انه “يريح دماغه” فيقول : لماذا تتصارعون ؟ افصلوا ما بين الايمان والعلمفهما لا يلتقيان. دع الايمان فى مجاله واعط العلم مجاله .
فماذا اذا؟ وما هو الحق فى الامر ؟
الحقيقه ان الكتاب المقدس واضح وصريح ان الله هو الخالق والضابط الكل. عشرات بل ومئات الايات تؤكد لنا هذا. بل ان اول آيهفى الكتاب كله تؤكد :” فى البدء خلق الله السموات والارض ” (تك 1:1). وهكذا ايضا اول اصحاح من انجيل يوحنا فى العهدالجديد :” كل شئ به كان (اى اللوجوس الكلمة) وبغيره لم يكن شئ مما كان ” (يو1: 2) . والمرنم يقول ايضا “لانه قال فكان , هوامر فصار ” (مز 33: 9)
فماذا نقول اذا عن قوانين التطور ؟ هل نرفضها ؟
ولماذا نرفضها يا عزيزى ؟ ولماذا نفتعل صداما بين وحى الكتاب المقدس ومعطيات العلم ؟
وقوانين التطور تقول بأن الانسان الاول (او شبه الانسان بتعبير العلم) كان الكائن اقرب الى القرده لايملك قدرات عقليه تأمليه ولاتفكير ولا ادراك للزمن . ثم فى لحظه تاريخيه معينه ظهر الانسان الكامل الذى يملك هذه الامكانيات . والعلماء يقولون ان الانسانالكامل منذ ظهوره لديه كل القدرات العقليه التى للانسان حاليا ,وما التطور الحضارى والتكنولوجى الا تراكم للمعلوماتوالخبرات . تماما كالطفل المولود حديثا , يملك كل قدرات الانسان ولكنها صفحه بيضاء لم تخط عليها التجارب بعد . فتأمل معىيا اخى العزيز .. من الذى اعطى هذه القدرات العقليه فى تلك اللحظه التاريخيه العجيبه ؟ وكيف قفز الانسان من كائن غير عقلىالى كائن يختلف عن كل الكائنات الاخرى فى العقل والنطق وكل القدرات . والنطق فى حد ذاته معجزه . العلم يخبرنا ان الانسانظهرت له فى تكوين وجهه ولسانه وفكيه خواص فريده تمكنه من نطق الحروف لا يملكها اى كائن اخر على الارض . فهل هو الذىطورها لنفسه ؟! اذا كان هو ذاته لم يكن يدرى ما هو النطق وما هو الكلام فكيف يخلق لنفسه هذه القدره ؟!
ثم تعالى نتأمل فى التنوع الرائع الخلاب للمخلوقات . لماذا يوجد طائر ملون بالوان معينه واخر بالوان اروع منها واخر واخروهكذا ؟ اصحاب نظريه التطور سوف يقولون ان الاختفاء عن الاعداء هو الدافع الى هذا التنوع . او هو الرغبه من الذكر فىجذب انظار الانثى . ونحن لا نعترض على هذه الدوافع ولكن من هو ذلك الفنان العبقرى الجبار الذى رسم هذه الالوان بهذاالجمال . وهل يملك الطائر الصغير ان يلون ريشه واحده خلاف ريشه اخرى كما نرى فى عشرات الالوان فى الطائر الواحد ؟؟ ثمانك ترى فصيلتان من الطيور تعيشان فى نفس الظروف تماما، حولهما نفس الاعداء الطبيعيين ولهما نفس الاناث يريدونالتودد لهن ومع ذلك ترى هذا الوانه تختلف تماما عن ذاك، فلماذا لم يتطورا بنفس الاليه ونفس الشكل؟! وكلاهما شكله خلاب , فمن قام بهذا ؟؟
بل هناك ما هو اعمق: فقد كشف لنا العلم الحديث عن ال DNA
وهو ذاكره جباره موجوده فى كل خليه لكل مخلوق على وجه الارض , سواء نبات او حيوان او انسان . وهو فى شكل شريطيحتوى على كل خصائص الكائن ويحدد مستقبله وما سيكون عليه , لونه وجنسه وصفاته وحتى الامراض المحتمله التى قدتصيبه . ما هذا الاعجاز ؟؟ من صنع كل هذا ؟
الا ان اهم نقطه فى الامر هى اصل الحياه . فقد وقفت نظريه التطور عاجزه تماما عند هذه النقطه . فلو رددنا كل المخلوقاتالحاليه والماضيه الى خليه اولى بسيطه , من اعطاها الحياه ؟؟؟ ان الخليه ما هى الا مجموعه من البروتينات وبدون الحياه لاقيمه لها . فمن اعطاها الحياه ؟؟
هنا نصل الى غاية القول يا اخى العزيز .. ان كل نظريات العلم قد تكون صحيحه ونحن لا نعترض عليها ولكن .. هناك قوهمحركه وعقل جبار خلاق وراء كل هذا . ان بعض المؤمنين للاسف يعتقدون بالتفسير الحرفى للكلمات التى وردت فى الكتابالمقدس عن الخلق فيقعون فى هذا التضاد والتضارب المختلق بين العلم والدين . بينما لو فكرنا ان “يوما واحدا عند الرب كألفسنه والف سنه كيوم واحد” (2بط3: 8) فسوف يفتح لنا هذا مجالا واسعا جدا للتامل الجميل المتفق مع كلام الله .
ان اللوجوس , عقل الله , الابن الوحيد , يعمل فى الخليقه حتى الان مع الاب القدوس والروح القدس .” ابى يعمل حتى الان وانااعمل ” (يو 5: 17) . هو الذى وضع قوانين الطبيعه وتركها تعمل . وروحه هو القوه الدافعه لكل المخلوقات كى تتطور وترتقىوتبدع .” ترسل روحك فتخلق , وتجدد وجه الارض “( مز104: 30) .
فلا تتشكك يا اخى العزيز ولا تقلق , ولا تفصل بين ايمانك والعلم , لان هذا الفصل فى الحقيقه لن يريحك بل بالعكس سيزيدكحيره .
بل ارفع نظرك حولك وتأمل الطبيعه , والكائنات , والطيور , والزهور , والجبال والمياه والبحر , وكل شئ فى الخليقه .. واستمتعبجمالها وروعتها , وقل مع المرنم :
” ما اعظم اعمالك يارب كلها بحكمه صنعت ملآنه الارض من غناك (مز 104: 24)