ألقى الراهب القمص تداوس افا مينا منسق العلاقات بين وزارة السياحة والآثار والكنيسة القبطية ومسؤول عن الآثار بدير مارمينا بمريوط الضوء على منطقة أبو مينا الأثرية الموقع الوحيد في قائمة التراث العالمي من خلال ورقة بحثية قدمت في فاعليات الاحتفال بالسنة العاشرة لتأسيس مركز الدراسات القبطية التابع لمكتبة الإسكندرية، والذي عقد ببيت السنارى بالقاهرة حيث قال
تقع منطقة ابو مينا في وسط مريوط على بعد حوالي 56 كم من الاسكندريه وهذه المدينة تعتبر من أهم المدن في الفترة من
القرن الرابع وحتي القرن الثامن الميلادي وانتهت في القرن التاسع
وقد عثر على قنينات فخارية في منطقة ابو مينا موجودة في المتحف اليوناني الروماني تحت اسم” قنينات ابو مينا” وهي تستخدم كتذكار من المنطقة عندما كان الزوار يحجون اليها ووصل عدد السكان فيها الي 50 الف نسمةوقنينات ابو مينا عبارة عن قنينه صغيرة من الفخار لاتزيد في قطرها عن 10 سم وهي مستويه مبططة عليها صورة القديس
وعن اكتشاف المكان اضاف القمص تداوس افامينا، هذه المدينه التي اذهلت العالم انتهي بها الامر بان ظلت مدفونه في الرمال تائهة في الصحراء لمدة 1600 سنه، ولو انها بقيت معروفه عند البدو في المنطقه باسم “بومينا”. وقد اكتشف هذا المكان عام 1905 علي يد عالم الاثار الالماني C.M.Kaufmann حيث تمكن في صيف عام 1907 من الكشف عن اجزاء كبيره منه.
وفي عام 1979 م قررت لجنه اليونسكو UNESCO في اجتماعها الذي عقد من 27 – 22 اكتوبر في الاقصر
وتم وضع هذا الموقع في “ World Heritage List” بين اكثر اهم سبع مناطق في جمهورية مصر العربية وتم
إدراج هذا المكان ضمن قائمة التراث العالمي وبذلك اصبح هذا المكان واحدا من أهم الأماكن التاريخيه بمصر
وعن تاريخ المنطقه اوضح القمص تداوس افامينا
اطلق على المنطقة اسم منطقة ابو مينا نسبه للقديس مينا وهو قديس مصري عاش في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الميلادي.
ووصلت منطقة ابو مينا الي اهميتها الكبري في اواخر القرن الخامس واوائل القرن السادس الميلاديين،
عندما بنيت الكاتدرائية الكبيرة في عام 461 م واعتبرت اكبر كنيسة في مصر ملحق بها العديد من الفنادق وحمامان
كبيران، جذب المكان الكثير من الحجاج من بلاد مختلفة مثل فرنسا واسبانيا حيث وجد بعض التذكارات ) قارورات
القديس مينا( في هذه الاماكن بالاضافه الي ان الحجاج وهم في طريقهم للاراضي المقدسة بالقدس غالبا ما كانوا
يمرون علي منطقة ابو مينا في طريق عودتهم. ثم هدمت الكنيسه في العصر العباسي في القرن التاسع الميلادي واعيد
بناؤها مره اخري علي انقاض كنيسه اثناسيوس. وفي العصور الوسطي عاد الي المكان شيئ من الاهميه لان منطقة
ابو مينا اصبحت محطة للحجاج المسلمين في طريق القوافل من ليبيا وشمال افريقيا الي شبه الجزيره العربيه
وعن الوصف المعماري للمدينه قسمها القمص تداوس افامينا الى
اولا: مدفن الشهيد
ان المدفن الكائن تحت الكنيسه ذات نصف القباب الاربعة
)تتراكونش( هو المكان الذي كان الناس فيه يوقرون مقبرة القديس مينا منذ البداية. وهو عباره عن ضريح علي شكل بناء مفتوح ذي اربعه قوائم وغرف المقبره الكائنه تحت الارض عباره عن مكان ممتد به سلمان احدهما للنزول والاخر للصعود ويشير ذلك الي ضخامة عدد الحجاج
والسلم محفور في الصخر، وحجرة الدفن عبارة عن حجرة تعلوها قبة كان يوجد امام جدارها الجنوبي القبر المبني من الاحجار الذي يضم جسد الشهيد في محراب.
ومن المؤكد انه كان مزينا بالزخارف فيما مضي. وعند هذا الوضع كان باستطاعة الزائر ان يؤدي شعائره وبعد ذلك يتجه نحو الشمال يسير خلال دهليز قصير ممتد من الشرق الي الغرب ثم يصعد الي اعلي ثانية عن طريق السلم الغربي. وتشير بعض الدلائل الي ان مدفن الشهيد لم يكن له منذ البدايه هذا الشكل الذي وصفناه اذ يوجد فوق الجزء الشرقي لردهة حجرة الدفن بقايا دهليز قديم تحت الارض تم سده
والسلم المحفور في الصخر يغطيه قبو علي شكل نصف برميل. وتم عمل سلم حتي تكون الحركه سهله في النزول واصعود عند زيارة المقبره. ونجد ان في القرن الخامس الميلادي اعيد بناء المقبرة الخاصه بالقديس مينا واول مره تظهر القبه علي نطاق محدود ويظهر استخدام المقرنصات في عمل القبه
والسور الحديد المحاط بفتحة تظهر جزء من مدفن
الشهيد الذي يقع في سرداب اسفلها
ثانيا:البازيليكا الكبري
وهي تعتبر بجناحها الاوسط الذي يبلغ اتساعه اكثر من 30 م
اضخم الكنائس في مصر حيث يبلغ طولها 60 م وعرضها 51 م ولها شكل بازيليكا ذات جناح مستعرض يبلغ عرضه 21 م وصحن مكون من ثلاث اجنحه. مازال هناك عدد كبير من قواعد الاعمده من المرمر باقيه في مكانها الاصلي، ويري المرء علي الجدران بقايا الكسوه المرمريه القديمه
وفي الطرف الشرقي للكنيسه حنيه الهيكل كانت تغطيها نصف
قبه وتقع علي جانبيها الغرف الجانبيه التي جرت العاده علي
استخدامها في الكنائس الشرقيه والتي يمكن الوصول اليها عن طريق ابواب ذات وضع متماثل عند طرفي الجناح المستعرض. اما الهيكل وهو المكان الذي يشغل تماما منطقة تقاطع الجناحين الاوسط والمستعرض بالبازيليكا والمذبح الذي كان محاطا فيما مضي بحواجز من المرمر والذي توجد في وسطه مبني صغير تحمله اربع اعمده ويغطي المذبح
وترجع فترة بناء البازيليكا الكبري الي اواخر القرن الخامس الميلادي اي الي فترة حكم الامبراطور زينون
491 م اما المباني الملحقه فاضيفت فيما بعد علي فترات متباعده وعلي الرغم من التجهيز الفخم لهذه الكنيسه -472
الا ان الاعمده المصنوعه من المرمر هي عباره عن قطع اعيد استخدامها ومن الجائز انها من ابنية كانت موجوده في
الاسكندريه وهدمت بعد ذلك.
ثالثا :كنيسة المدفن
هذه الكنيسه تؤرخ بالقرن السادس الميلادي. ويتخذ شكلها
المعماري تتراكونش اي مسقط مكون من اربع انصاف دائره
وتلي البازيليكا الكبري من جهة الغرب مباشرة كنيسة المدفن باعتبارها الجزء الاوسط من مبني الكنيسه الكبيرة المكون من ثلاثة اجزاء الموجودة في منطقة الحجاج في منطقة ابو مينا وهي تعلو مقبرة القديس مينا مباشرة وتعتبر اهم مبني في هذا المكان كما تعتبر في الوقت نفسه اشد مبانيه تعقيدا بالنسبه لتاريخ تشييدها. وفي عام 1942 م استطاع عالم الاثار الانجليزي B.Ward Perkins عن طريق القيام بجسات صغيرة الي حد ما في المنطقه المحيطة بالمكان المقدس ان يكتشف سلسلة من مراحل البناء المختلفه انتهت بوجود البناء الحالي اما التصميم المعماري لهذا البناء فانه عباره عن بازيليكا ذات اعمدة وخمسة اجنحة بها ردهة مدخل غربي مقسمة ورواق مذبح مزود بخورس علي النحو المتبع في ذلك العصر. وكان الخورس يشغل مكان ردهة المدخل الخاص بالبازيليكا القديمة. واحتلت الحنيه الضيقه مكان
فتحة الاتصال القديمة المؤديه الي الجناح الاوسط وقد اقيمت كنيسة اركاديوس )المرحله الاولي للبازيليكا الكبري كتوسعه لكنيسة القبر حتي تستوعب الاعداد الغفيره من الزوار)
رابعا : المعموديه
اماالجزء الرابع في البناء المركزي الكبير لكنيسة ابو مينا فهو
المعموديه الملحقه بالناحيه الغربيه بكنيسة المدفن وتاريخ بناء
المعموديه مرتبطا ارتباط وثيقا بمراحل تطور كنيسة المدفن والتي شملت كل مراحل بنائها الرئيسي )المعموديه( التي تنتمي الي نفس العصر ولقد تم بناء اهم اجزاء هذا المبني الذي مازال قائما الي حد كبير حتي يومنا هذا في منتصف القرن السادس وهو بهذا يتطابق والكنيسه ذات الحنيات الاربعة والمسقط الافقي يبين داخله بهوين رئيسين مزخرفين بتجاويف مستديرة واعمده علي الجانبين والمعموديه الكبيره مقامه علي ارضيه 26 * 25 م الي الغرب من قبر القديس مينا ويتوسطها المغطس الدائري الذي يعد الاقدم من نوعه ويؤدي اليه سلمان من الشرق ومن الغرب وفي اركانه الاربعه توجد حنيات نصف دائريه
خامسا :دور الضيافة
ان المباني التي تقع في الجهه الشماليه من الميدان والتي كشف
جزء منها كوفمان واعتبرها بقايا دير من القرن الخامس او بداية القرن السادس بينما يعتبرها جروسمان دور ضيافه, تقع علي الجانب الشمالي لميدان الحج الكبير ولم تتم عمليات التنقيب والتنظيف الا لجزء صغير فيها وعلاوة علي ذلك فان هيكلها الاساسي والذي يرجع الي القرن السادس قد طمست معالمه عمليات البناء فوقه في العصور الوسطي
سادسا:الحمام المزدوج
يشير القمص تداوس افامينا الى انة في اثناء عمليات التنقيب التي اجريت عام 1964 م،1965 م في المنطقة التي اطلق عليها كاوفمان اسم البازيليكا ذات الحمامات اتضح ان امتداد مباني هذه المنطقه اكبر بكثير مما كان كوفمان يعتقد انذاك واثبتت الحفريات ان هذا الحمام ليس مخصصا للعباده انما كان للتنظيف الجسماني اثناء اقامة الحجاج لفترة طويلة وهو علي الطراز الروماني المتاخر ان الحمام المزدوج ملحق به بازيليكا صغيره ذات حنيتين شرقيه وغربيه فمن المحتمل ان تكون تحت الحنيه الغربيه مقبره ارضيه وهذا الطراز السائد في مدينة الاسكندريه في ذلك الوقت ولا تزال قواعد الاعمدة موجودة حتي الان وهي مصنوعه من المرمر
سابعا: مجموعة مباني البازيليكا الشمالية
كان كوفمان هو الذي قام بالكشف الكامل عن البازيليكا الشماليه، ووفقا للدراسات التي اجريت بعده – فان المسقط الافقي ذي التفاصيل الدقيقه الواضحه للمبني ينقسم الي قطاعات فردية اقيمت دون علاقه لها بالناحيه الزمنية. والكنيسة نفسها اقدم هذه المباني وكانت غير متصله باي
مبني اخر والمسقط الافقي يتكون – وفقا للاسلوب المتبع في اي بازيليكا مصرية- عادة من صحن والاجنحة المحيطة بثلاث جوانب وقاعدة المذبح المكون من ثلاث اجزاء في ناحية الشرق ولم تكن هناك ردهة للمدخل. اما الاعمدة الناقصة الان فيبدو انها كانت من المرمر وقد سرقت
ثامنا:الكنيسة الشرقيه
بدراسة بعض اطلال المباني في الاطراف الشرقيه لمنطقة ابو مينا امكن في عام 1969 اكتشاف كنيسة جديدة اطلق عليها الكنيسة الشرقيه وهي من نوع تتراكوش . وهذا النوع لم يعرف لها مثيل في مصر الا كنيسة الدفن في ابو مينا والتي يرجع تاريخها الي منتصف القرن السادس الميلادي
والجزء الاوسط من الكنيسة يتكون من بهو اوسط مربع الشكل تقوم اركانه علي اعمدة صلبانية وفي الاتجاهات
الاربع )كونشات( وكل كونش يتكون من حائط نصف دائري داخله صف من الاعمدة علي نصف دائرة، اما الدعامات
المتصله بالاعمدة فهي علي شكل زوايا قائمة والفتحات بين الاعمدة كانت مغلقة بسياج خشبي بما تحويه من بقايا
قواعد العوارض المحيطه به وقواعد الفتحة الوسطي الممتدة علي الجانب الغربي ولم يعد من الممكن التعرف علي مكان المذبح
والكنيسة الشرقيه بها عدد كبير من مساكن الرهبان تنتشر في نظام غير متلاصق مكونه منطقة سكنية. واذا
اعتبرنا ان هذه المساكن خاصه بالرهبان فان الكنيسه تعتبر مركزا روحيا لهذه المنطقه السكنية حيث ان شكل المنطقه ياخذ شكل مساكن الرهبان
وقد تم تكريم القمص تداوس افامينا بمنحة شهادة تكريم من مركز الدراسات القبطية بيد الدكتور مصطفى الفقى ضمن فاعليات الاحتفال بالسنة العاشرة لتأسيس مركز الدراسات القبطية التابع لمكتبة الإسكندرية، والذي عقد ببيت السناري بالقاهرة بحضور بحضور وتشريف الأستاذ الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، ونيافة الأنبا إبرام أسقف الفيوم والأنبا باخوم النائب البطريركي لشؤون الإيبارشية البطريركية الكاثوليكية ومسؤول اللجنة الأسقفية للإعلام بالكنيسة الكاثوليكية والعديد من الضيوف والمدعوين المتخصصون في مجال الدرسات القبطية والفنون القبطية.