تلقت جمعية نهوض وتنمية المرأة الآلاف من الاستغاثات من أمهات مصر، اللاتي يبدين ذعرهن من تطبيق مسودة قوانين الأحوال الشخصية التي سيناقشها مجلس النواب، والتي تم نشرها مؤخرًا على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية المختلفة.
وبناءً على حملة “صوت أمهات مصر” التي أطلقتها جمعية نهوض وتنمية المرأة منذ عدة أعوام بخصوص قوانين الأحوال الشخصية، وهي الحملة التي هدفت إلى توصيل صوت أمهات مصر واستغاثاتهنّ إلى صناع القرار، جراء ما نطالعه باستمرار من مشروعات ومسودات لتعديل قانون الأحوال الشخصية، وانطلاقًا من إيمان جمعية نهوض وتنمية المرأة في تحقيق المصلحة الفضلى ليكون لدينا أسرة سليمة صحية تماشيًا مع سعي الدولة وتوجهاتها ودعم الرئيس السيسي للأسرة المصرية.
لذا استنكرت جمعية نهوض وتنمية المرأة، بعض بنود هذه المسودة الخاصة بقوانين الأحوال الشخصية، حيث وجدت الجمعية أنها ظالمة للمرأة والطفل المصري، حيث تطرقت المسودة إلى عدة نقاط ظالمة، والتي تعتبر خطوات إلى الوراء في الحصول على حقوق المرأة والطفل، فى الوقت الذى تتقدم فيه بعض الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية والتي قدمت مسودة قانون تستند إلى رؤى فقهية مستنيرة تساهم بحق في الانصاف للمرأة، على عكس مصر التي تتقدم بمسودة قانون غير واقعية، وتساهم في هدم الأسر المصرية ليس بناءها، والتي نرد عليها في إطار الدراسات التي قامت بها الجمعية بهذا الشأن:
• بالنسبة للبند الخاص بإقرار الاستضافة، فهذا مرفوض رفضا قاطعًا، نتيجة للدراسات التي قامت بها الجمعية والتي أوضحت أن:
– أولًا بالنسبة للشق الديني: لا يوجد بالشريعة الإسلامية لفظ الإستضافة في القرآن أو السنة النبوية، أو تحديد أن تكون لمدة 48 ساعة في الأسبوع، ولكن يُستدل على الحق الشرعي للرؤية بقوله تعالي “لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ” الآية رقم 233 من سورة البقرة، كما يدعم هذا الرأي قرار مجمع البحوث الإسلامية بجواز الإستضافة بشرط إذن الحاضن بذلك، وأخذ رأي المحضون ويكون ذلك بالتراضي بين الطرفين.
– ثانيًا: بالنسبة للشق الاجتماعي فمن خلال البحث الميداني الذي أجرته جمعية نهوض وتنمية المرأة على مئات الحالات الاجتماعية فيما يخص قوانين الأحوال الشخصية، وجدنا أن الآباء يقومون باستغلال قانون الرؤية لمجرد العند مع الأم وإغراقها في القضايا والمشاكل تاركين مصلحة الطفل، مع أنهم لا يلتزمون بالرؤية، مستغلين الثغرة فى القانون الحالى بعدم وجود جزاء للأب الذي يتخلف عن الرؤية والأكثر يستغلونها في التخطيط للخطف وتهريب الأطفال للخارج، ولهذا يظهر تخوف الأمهات من الرؤية والإستضافة من خطف الطفل مثلًا وعدم رجوعه للحاضن- وهناك الآلاف من الحالات التي تعرضت لذلك.
كما أن البند الخاص بإقرار وضع الطفل في قائمة الممنوعين من السفر للطرف غير حاضن، لا يمنع من إختطاف الطفل داخل أي محافظة من محافظات مصر كما يفعل ذلك الآلاف من الآباء.ِ
• أما البند الخاص بعدم ذكر الأم على الإطلاق في الولاية على الأطفال، فهذا بند ظالم حيث يجعل الأم ليس لها علاقة قانونية بأطفالها، ونحن نستنكر هذا البند خاصة بعد إصدار قرار عام 2017 لقانون يوضح بأن تكون الولاية التعليمية للطرف الحاضن دون الحاجة لحكم قضائي، وكنا قد أشدنا بهذا القرار الذي يعمل بدون شك على تيسير تلك الأمور على الأمهات ، كما أنه يحقق مصلحة الطفل الفضلى، حيث تستمر قضية الولاية التعليمية بين الآباء والأمهات في المحاكم لفترات طويلة مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية ومصلحة الطفل.
ونتساءل لماذا هذا التغيير في القانون؟!! والذي يترتب عليه عدم تمكن الأم من قيد ميلاد طفلها ، كما لا تستطيع الإشراف على أمواله أو حتى معرفة وضعه المالي وحماية مصالح الطفل من ولاية جد ربما يستولى على أمواله، كما لاتستطيع دعم طفلها فى أية تعاملات قانونية باعتبارها أم
• أما بالنسبة للبند الخاص بتعديل ترتيب الحضانة، حيث تم تغيير ترتيب الأب فى حضانة الأطفال ليتقدم بعد الأم والجدات، فإن فيه مخالفة للشريعة الإسلامية، حيث أقر مجمع البحوث الإسلامية في مايو 2011 بتشكيل لجنة فقهية لدراسة كافة مواد قانون الأحوال الشخصية ومن ضمنها بند ترتيب الحضانة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وأقرت اللجنة باستمرار العمل بترتيب الحضانة للأم ثم والدة الأم ثم والدة الأب ثم أخواتها، وليس نقل الحضانة مباشرة ليتقدم بعد الأم والجدات، وذلك لأن النساء أقدر على تلبية احتياجات الطفل، فلماذا يتم تغيير قانون حالي نابع من الشريعة الإسلامية والتي هي مصدر قانون الأحوال الشخصية.
• كما أن مسودة القانون الجديدة، لم تساهم فى تقديم أى تصور إجرائي تنظيمي يساهم في حسم المشاكل الإجرائية في المحاكم والتى تجعل دعاوى الأسرة ومن أخطرها النفقة التي تمتد لسنوات، مما يؤدي إلى وضع الأطفال فى حالة لا يرثى لها من الناحية المادية والنفسية على حد سواء، بالإضافة ثبت من خلال الدراسات التي أجرتها الجمعية، أن في أغلب الحالات لا تتحمل زوجة الأب عبء أطفال زوجها ولا تبالي لمصلحتهم على الاطلاق.
• كما أنه أبقى عبء إثبات دخل الزوج في النفقات على الزوجة، دون تقديم أي تصور حديث أو مميكن للإثبات مما يجعل معاناة الأمهات والأطفال في البحث عن الاثبات لا تتوقف.
وبناءً على هذه البنود، نجد أننا أمام مسودة قانون ظالم لا يتماشى مع الواقع المرير الذي تعيشه أمهات مصر، كما أنه يساهم في مزيد من الظلم والتعقيد في الحياة الأسرية المصرية، ونتسائل لماذا هذا التجاهل لأمهات مصر، وللمقترحات والمطالب التي تطالب بها المؤسسات والجمعيات النسوية المناهضة للمرأة المصرية؟!!
ولهذا نؤكد نحن جمعية نهوض وتنمية المرأة وبأننا على مدار 34 عام من سنوات عملنا في الميدان وباعتبارنا ممثًلا عن عشرات الآلاف من الأمهات الحاضنات، رفضنا التام لمسودة قانون الأحوال الشخصية والتي من المفترض مناقشتها قريبًا، ونرفض كل من يدعم هذا القانون غير مباليًا لحقوق المرأة والطفل، فهذه التعديلات بها انحياز لفئة الآباء وتضر بمصلحة الطفل وبمصلحة الأسرة المصرية.
كما أننا نناشد معالي فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي، باستمرار دعمه للمرأة المصرية والطفل، كما فعل منذ توليه للرئاسة وحتى الآن، وتشديده على عدم ظلمه لسيدات مصر في جميع المحافل، مطالبًا جميع مؤسسات الدولة بحماية حقوق المرأة والطفل على حد سواء، فنحن على ثقة بأن فخامته لن يوافق بمثل هذا المقترح الظالم لحقوق الطفل والمرأة، وننقل لفخامته ذعر عشرات الآلاف من السيدات اللاتي يستغيثون من هذا المقترح الذي سيدمر حياة أطفالهن وحياتهن.
وفي النهاية، تؤكد جمعية نهوض وتنمية المرأة على أنه لا تنازل عن إقرار قانون منصف للأحوال الشخصية يحقق المصلحة الفضلى للطفل وللأسرة المصرية، ويضمن حق الطرف المحضون في أن يعيش حياة سليمة بدون أي مشاكل قد يتعرض لها نتيجة عدم وجود ضوابط ومعايير قانونية واضحة، كما نناشد مرة أخرى فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي، بالتدخل السريع لنصرة المرأة المصرية ودعمها .