على طريقة رائعة الكاتب الكولومبي جابرييل جارسيه ماركيز “الحب في زمن الكوليرا” لا زالا الحب والأماني في زمن الكورونا متاحين أيضًا، فعلى الرغم من الأوضاع التى نعيشها، و هلع الكثيرين من الظروف المحيطة بنا، لا ولن نستطع أبدًا وأد أحلام الشباب وطموحاتهم ورؤاهم لمستقبلهم الذي ينشدونه، ويطمحون للحاق بركب الأماني، لا زال هناك الساعون وراء الحب والشعر.
باغتتني في خضم عملها الصيدلاني بقولها “أتمنى لو أصبح أول شاعرة عامية مصرية يتغنى بكلماتها المغنون الشباب وأتمنى لو تكون لي صيدليتي الخاصة، وأحلم بهذا كثيرًا منذ زمن”، شيماء توفيق عبد العزيز، الصيدلانية التي تعمل في مجال الدواء منذ سنوات وتخرجت من كلية الصيدلة بجامعة حلوان عام 2008، بدأت مشوارها في كتابة الشعر منذ نعومة أظافرها حين كانت في الصف الخامس الابتدائي أي في العاشرة من عمرها تقريبًا، فخرجت كلماتها في هذا السن الصغير كشخص ناضج يعاتب الزمان ويشكو غدره، ثم سرعان ما عدلت عن شكواها من الزمان، فألقت به على سوء تصرفات البعض وبرأت ساحة الزمان من الغدر والخيانة بقولها أن ما يحدث هو نتاج تصرفاتنا الخاطئة وسعينا لطرق لا تشبهنا، والتي وإن أوصدت الأبواب أمامنا إلا أنه لا زال هناك بصيص أمل وطاقة نور في نهاية الطريق.
سريعًا لاحقتني بقولها: “لم أكن أدري أن هذا العبث الطفولي البرئ يمكنه أن يكون أحد الخطوات التي أخطو بها نحو حلم كبير، فانقطعت عن الكتابة فترة طويلة حتى وصلت إلى الصف الثالث الثانوي، ووقتها بدأت استاذتي في اللغة العربية بتشجيعي عند سماعها إحدى قصائدي التي كتبتها في صديقتي المقربة، وتمنت أستاذتي وقتها لو كنت قد كتبت كلماتي في وصفها، ثم بدأت ألقي قصائدي في حفلات اتحاد الطلبة بالجامعة.
وقد راقت كلماتي لأساتذتي قبل زملائي، ونلت الكثير من التشجيع منهم ومن كل المحيطين بي وقتذاك، وحينها صدقت في موهبتي الشعرية ولكن الأمر اقتصر حتى هنا على كلماتي التي كنت انشرها عبر صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت عنوان الزمن الجميل، والتي لاقت الاحتفاء والثناء من متابعي أيضًا، وقبل شهرين فقط من اليوم بدأت أولى خطواتي الحقيقية في صعود سلم حلمي الأول”.
و أكملت قائلة :”قدمت كتاباتي وقصائدي الشعرية إلى إحدى دور النشر التي تدعم مواهب الشباب المبتدئ، وقد نالت التوفيق وسيصدر أول ديوان شعري لي بالفصحى والعامية في شهر مايو القادم، ولكم حلمت ولا زلت أحلم لو تعجب كلماتي أحد المطربين الشباب فأبيعها له وأحقق حلمي الثاني وهو تأسيس صيدلية خاصة بي، ثم اكملت ضاحكةً: ربما أحلامي غير واقعية وبعيدة المنال جدًا ولكني أؤمن أن شيئًا جميلًا سيحدث لي قريبا جدًا، فلماذا لا نطمح ولا نحلم بغدٍ أفضل يمسح عن قلوبنا الأيام القاسية التي تكبدناها، أحلامي ليست مستحيلة وسأحققها يومًا ما لا محالة، فليس عسيرٌ على يد الله.
كانت ولا زالت أكبر أماني شيماء تكمن في المضي قدمًا في كتابة الشعر العامي واكتشاف موهبتها من قبل المطربين والتغني بكلماتها، ربما تكون أمنية صغيرة في أعين البعض ولكنها عظيمة في عينيها، وقد لا قت شيماء التشجيع والدعم من المحيطين ولكن أكثره كان من صديقتها المقربة سامية سيد ومدربها يوساب وزميل العمل دكتور علي الذين تركوا في نفسها عظيم الأثر، داعمين إياها نحو المضي في طريق حلمها المنشود، وعلى الرغم أن ديوانها الصادر قريبًا تحت عنوان “الزمن الجميل” يحتوي علي نحو 25 قصيدة بالعربية الفصحى، إلا أنها تميل للشعر العامي بشكل أكبر وتضع عليه أحلامها وأمانيها، ويحتوي ديوانها سالف الذكر علي 35 أغنية أو قصيدة بالعامية أيضُا، وتعتبر شيماء الشاعر “بهاء الدين محمد” مثلها الأعلى في الشعر ويليه “أيمن بهجت قمر”، واللذين ترى أن كلماتهما رائعة وتحمل معاني عميقة وليست مجرد كلمات مسطورة وراء بعضها، وتحلم أن يلحن لها ذات يوم الملحن “عمرو مصطفى” والملحن “وليد سعد” كلماتها.
تحلم شيماء كبنات جيلها بأحلام كثيرة، ولكن الفرق بينها وبين الكثيرات هو أنها بدأت تحدد الخطوات التي تحتاجها لتصل إلى حلمها وتبلغه آجلًا أو عاجلًا، فترى أن مولودها الشعري الذي سيصدر قريبا هو توثيق لكتاباتها وخطوة نحو دفعها للسوق بكافة فئاته، وكذلك خطوة نحو حلمها الثاني وهو تأسيس صيدليتها الخاصة التي تحلم بأن تسميها “الزمن الجميل” أيضًا، وتعلق عليها لافتة الصيدلية بصور للفنانة هند رستم.
حيث ترى الصيدلانية أو الشاعرة المرتقبة “شيماء” إن صح القول في هند رستم الأنثى الكاملة والنموذج المثالي للأنثي فهي الفنانة والانسانة والمرأة، فالأمر لا يقتصر على لافتة على صيدلية بصور هند رستم وإنما سيصدر مطبوعها الأول يحمل صورًا علي الغلاف وبداخله للفنانة هند رستم ويحمل إهداءً لروحها أيضًا، وتستطرد شيماء في حكايتها نحو حلمها قائلة: “إنها كانت تتمنى لو تنتمي إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لتلتقي بالكثير من الفنانين الذين تحبهم وتود مرآهم وتحيا في زمن الأبيض والأسود بنقائه وعفويته واحترامه ومشاعره الجميلة ، فهي تعبر عن نفسها بقولها :”إنني أعيش للحب وبالحب، ولا حياة لي بدونه” وهو الأمر الذي بات عسيرًا في حاضرنا على حد وصفها.
وتري “شيماء” الشاعرة في هند رستم المرأة المثالية، النموذج الذي يجب أن تحتذي به كل نساء الأرض، فهي الأجمل والأمهروالفنانة والأنثي والإنسانةوالحياة كاملة، نموذج كامل متكامل للأنثي، كما جسدتها آلهة المرأة في الحضارات القديمة.
ِ
وعن علاقة الشعر بالصيدلة أكملت بقولها: “لا علاقة على الإطلاق بين كليهما، فعلى الرغم من كوني الشاعرة التي كانت تنظم الكلمات، إلا أنني كنت الطالبة والصيدلانية النشيطة والمجدة والعملية في كل حياتها، فلا أحد يمكنه أن يعتقد أن هذه الشخصية الجادة في كل حياتها والعملية بشكل كبير، تكون بهذا القدر من الرومانسية والتناغم مع الكلمات، بل ويمكنها سطر بيت واحد من الشعر” ،مشيرة إلى أنها كتبت أغنية حفلة التخرج مع زملائها في الجامعة والتي خرجت كلماتها تصف حالتهم أثناء الدراسة ومع استخدام المواد الكيميائية.
وألقت “شيماء” الشاعرة الصيدلانية بعض أبياتها الشعرية بقصيدتها “أعجبني” قائلة: “أعجبني الغزل ينبع من كتاباتك، هل أفقدك الحب صوابك، أم أنك أمتطيته تسطر به شعرًا، لم يخطر قط على بالك، يا عزيزي قد زارني صوتك ليفصح لي عن حبك بكلام ما أعذبه وإحساس ما أصدقه، لقد أشعلت الأمل في نفسي، أما زال هناك من يفهمني، ويصاحب الرضا ليرضيني، ولكني لن أتخذ من حبك وسيلة لأجدني وتفقدني، فلنصبر صبرًا جميلًا، يعوضني الله ويعوضك.. أعجبني.
ترى شيماء بعين “الشاعر” أنه لا يوجد ملهم واحد في كتاباتنا، فطالما نكتب فإن تلاحم قطرة الندى مع ورقة الشجر كافيين أن يحركا احساسنا ويستمطرا الكلمات ليتدفق ينبوع الشعر بداخلنا وعلى الصفحات، وكذلك تجارب من حولنا ومعاناتهم وتجاربنا الشخصية وما كبدتنا الحياة إياه من فقد وحب ولوعة وشوق وفرح وحزن وانصار وهزيمة جميعها مصدر إلهام لنا، ففي الكتابة كل كاتب يشعر ويكتب وفق انفعالاته ومحيطه ولكل قصيدة روح وملهم وإحساس خاص بها، والأصدق دومًا هو فطري الموهبة وليس المرغم في الكتابة، فالكتابة إن كتبت عنوة لن يشعرها متلقيها ولن تخرج صادقة أبدًا، ولن يبق فيها سوى معانيها الجوفاء بلا مشاعر تدفيها، ولكنها ترى أن الشعر وكلمات الهوى باتت أمورًا لا تليق كثيرًا بزماننا، فهي أشبه بالزمن الغابر وأجمل في سياقه، متمنية لو كانت تكتب في زمن الأبيض والأسود فالمشاعر تليق بالماضي أكثر.
وفي سعى شيماء نحو حلمها تتمني لو تكتب كل أعمالها تحت عنوان “الزمن الجميل”، وتتمنى أن تشارك بإحدى قصائدها في مسابقة الشاعر الكويتي “عبد العزيز بابطين” التي تقام كل عام، وتشترط أن يكون للشاعر ديوان عمره عام يشارك من خلاله في المسابقة، وتكمل حلمها بأمنيات الفوز في المسابقة، لتلحق بركب باقي حلمها وتفتتح صيدليتها الخاصة.
وتكمل شيماء حول ديوانها قائلة: ” لطالما قرأنا شعرًا ولم نفهم أكثر معانيه، لذا سعيت أن ألحق بديواني هامشًا صغيرًا أشرح من خلاله القصيدة ومعناها للمتلقي، علَني أصل إلى كل من يقرأون لي، وتعتبر شيماء أن كل قصائد ديوانها ابناء صغار لها، فلا واحدة أفضل من أخرى، ولكنها ترى الأقرب لقلبها قصيدة : “عارف يعني إيه، قصاد الموج قاعد، تنده لي وأنت شارد، عارف يعني إيه عينيك في عينيا، تروح وتيجي معاها، تشوفك عايش جواها، عارف” .
وتهدي شيماء ديوانها ومولودها الثاني بعد ابنها “إياد” إلى “روح الفنانة الراحلة هند رستم ولزوجها الذي طالما شجعها وساندها وآمن بها وبموهبتها _ والذي ترى فيه نعم الزوج والصديق والحبيب المخلص الوفي والانسان المثابر الطموح الذي يدفها دومَا نحو الأمام ويضع ثقته الكاملة فيها_ ، وإلى جميع الذين ساندوها ودفعوها للخطو نحو حلمها”.
وفي النهاية قالت إنها :”تؤمن أن الله ينظر لقلوبنا، وإن كانت الأفعال مهمة ولكن المظاهر ليست لها أهمية أمام الله، فهو كاشف القلوب وفاحص الكلى، وتؤمن أن الله لن يضيع حلمها وسيساعدها أن تصل إليه في نهاية المشوار، الله لن يعيدني خائبة السعي أبدًا، سأظفر قريبًا”
لينك مقطع بصوت شيماء: