اطلقت أمس وزارة الصحة والسكان مع مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة، الخطة القومية لمكافحة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.
وتعد مصر تاسع دولة من 22 دولة هى دول شرق المتوسط التى وضعت خطة قومية لمواجهة هذه المشكلة، والتى تواجه العالم كله حالياً.
وببساطة المشكلة تتمثل فى أن الاستخدام العشوائى والمفرط للمضادات الحيوية جعلها غير فعالة فى مقاومة الميكروبات والفيروسات والجراثيم، والأرقام تقول حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، أنه بسبب الاستخدام العشوائى للمضادات الحيوية تكونت أجيال من الميكروبات المقاومة للأدوية، وأنه بسبب هذا يوجد 700 ألف شخص يموتون سنوياً بسبب هذه المشكلة، بل أنه بنهاية عام 2050 سيصل معدل الوفيات إلى 10 مليون وفاة سنوياً، بسبب عدم جدوى استخدام المضادات الحيوية لمقاومة الميكروبات لها.
وعلى مستوى مصر رصدت المراكز البحثية والجهات الصحية أن الحصول على مضاد حيوى أصبح أسهل من الحصول على قطعة حلوى.
وأشار الدكتور علاء عيد مدير قطاع الطب الوقائى، فى كلمته إلى أن هذه المشكلة على المستوى العالمى وليس فقط على مستوى مصر، وأن البشرية تعانى منذ ثلاث عقود وبسبب الإفراط فى استخدام المضادات الحيوية من تكون أجيال من المقاومات المقاومة للأدوية، وهناك نقص فى الأبحاث فى هذا المجال، والمشكلة تواجه قطاع الصحة وقطاع الزراعة متمثل فى صحة الحيوان، لوجود أمراض مشتركة بين الحيوان والإنسان، والاستخدام المفرط فى المضادات الحيوية فى علاج الحيوانات بعيدا عن أشراف الطب البيطرى جعل ايضا المضادات الحيوية غير مجدية فى علاج أمراض الحيوان.
ويشير تقرير صادر عن البنك الدولى إلى أن ظاهرة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية ستسبب عجز فى الناتج المحلى السنوى سيصل إلى 3.8 مليون دولار بسبب هذه المشكلة وسيصل إلى قرابة 3.4 تريليون دولار بحلول عام 2030.
ومصر تعد من الدول السباقه فى أعداد خطة قومية والتى نطلقها حالياً لمواجهة هذه المشكلة، وبدأنا فى أعداد هذه الخطة منذ عام 2017 ، وهى مجهود وطنى مشترك بين العديد من الوزارات والمراكز البحثة، وأهم هذه الوزارات خلاف وزارة الصحة، وزارة الزراعة، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، وزارة البيئة، وزارة البحث العلمى، ومن أبرز المراكز البحثية معهد بحوث أمراض الحيوان، ومنظمة الأعذية والزراعة (الفاو) ، وتم كل هذا بدعم وأشراف منظمة الصحة العالمية.
خطورة على الإنسان والحيوان:
وأشار الدكتور جان جبور مدير مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة، إلى أنه نظراً لخطورة هذه المشكلة عالمياً، قامت منظمة الصحة العالمية بجنيف بتخصيص قسم خاص بالميكروبات المقاومة للأدوية، وله دعم مادى خاص به، والغرض منه تحفيز الدول وخاصة دول شرق المتوسط بالعمل على نشر توعية مجتمعية بالحد من الاستخدام العشوائى والمفرط للمضادات الحيوية.
وأكمل الدكتور جان جبور قائلا: كما أن لقطاع الزراعة دوراً هاماً في تقليل مخاطر هذه الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، من خلال ضمان ألا تعطى المضادات الحيوية للحيوانات سوى لأغراض مكافحة الأمراض المعدية وبإشراف طبيب بيطري، وتشجيع الممارسات الجيدة وتطبيقها في جميع مراحل إنتاج وتجهيز الأغذية من مصادر حيوانية ونباتية.
إن نجاح مصر في وضع خطة قومية لمكافحة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية وفقا للمعايير العالمية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، يعد إنجازا جديدا يضاف إلى سلسلة الإنجازات القومية لمصر التي تسعى من خلالها إلى زيادة التدابير الطبية والصحية اللازمة لحماية المواطنين المصريين والحفاظ على سلامتهم.
دعم فنى:
أيضا لا بد من التأكيد على استمرار مكتب ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر في العمل عن كثب مع منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان باتباع نهج الصحة الواحدة للنهوض بأفضل الممارسات من أجل تجنب ظهور مقاومة مضادات العدوى المقاومة للمضادات الحيوية، وتعزيز تدابير الوقاية من حالات العدوى ومكافحتها وتنظيم وتعزيز استعمال الأدوية الجيدة النوعية كما ينبغي في القطاعين البشري والحيوانى.
إن مكتب ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر وبالتعاون التام مع المكتب الإقليمي والمقر الرئيسي في جينيف يحرص على تقديم الدعم الفنى الكامل لوزارة الصحة والسكان من أجل تعزيز الوقاية من حالات العدوى عن طريق ضمان نظافة اليدين والأدوات والبيئة، وعدم اللجوء لاستخدام المضادات الحيوية إلا إذا كانت هناك حاجة فعلية إليها، والحرص على تدوين الوصفات الطبية وصرفها فيما يخص المضادات الحيوية المناسبة والجرعات اللازمة منها خلال المدة الصحيحة.
أفلام توعوية:
وأثناء أطلاق الخطة القومية تم عرض مجموعة من الافلام التى أعدتها مصر تحت أشراف منظمة الصحة العالمية والوزارات المعنية لتوعية أفراد المجتمع بالحد من استخدام المضادات الحيوية فى علاج الأمراض، وكان هناك تعليقات من الحاضرين على هذه الأفلام، ومن أبرز هذه التعليقات انها تخاطب المواطنين فى شكل نصائح مباشرة وقد لا يجدى هذا في التحذير من الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، وعلق البعض منهم أساتذة فى مراكز البحوث وعدد من الإعلاميين على أنه من الأفضل إصدار تشريع من مجلس الشعب بتجريم صرف المضادات الحيوية بدون روشتة طبيب ويعاقب الصيدلى الذى يصرف هذه المضادات بدون روشتة طبيب.
وأشار عدد من الإعلاميين بأن الرسائل الأفضل للتوعية تكون للأطباء وللصيادلة الذين يصرفون المضادات الحيوية وليس للمواطن العادى.
كما أشارت أحد الباحثات فى المركز القومى للبحوث، إلى ان وزارة التربية والتعليم يجب أن تكون شريك فى برامج التوعية بإضافة بنود فى مقررات الطلبة الابتدائى بأهمية الاهتمام بالنظافة وغسل الايدى للحد من الاصابة بالميكروبات والفيروسات التى تقتضى أخذ أدوية أو مضادات حيوية.
مكافحة العدوى:
وأشار المسئولين بوزارة الصحة وعلى رأسهم الدكتور أحمد السبكى مساعد وزيرة الصحة للرقابة والمتابعة إلى أن مصر من الدول التى أهتمت بوضع برامج لمكافحة العدوى بالمستشفيات ومتابغة تنفيذ هذه البرامج ويتم ذلك ليس فقط فى مستشفيات وزارة الصحة بل ايضا من مستشفيات القوات المسلحة والشرطة والمستشفيات الجامعية.
شركات الأدوية شريك:
وكان هناك توصيه بان تكون شركات الأدوية المستوردة والمنتجة للمضادات الحيوية شريك فى المناقشات حول التوعية بخطورة الاستخدام العشوائى للمضادات الحيوية.