مسرح ضخم ملئ بالدمى ، ذات الاشكال والاحجام المختلفة ، كرنفال مهيب بعرائسه ، حضور جماهيرى مكثف ، ليروى الأب الروحى لنا، حكاية بورسعيدية فى ليلة شم النسيم .
اقتحمت عدسة “وطنى” ورشة الفنان التشكيلي ” محسن خضير” الأب الروحي لظاهرة الألمبي الكائنه بتقاطع شارعي نبيل منصور وأوجينا حي العرب ، لنرصد سويا رحلة الفنان التشكيلي الكبير خلال نحت الألمبيات ، ونرى وضع اللمسات الأخيرة من داخل الورشة ، للتعرف على الفكرة التي سيجسدها مسرح الألمبي ” لمحسن خضير” في شم النسيم هذا العام .
ويعتبر الفنان التشكيلي ” محسن خضير” هو مؤسس صناعة دمي اللمبي الأول ببورسعيد ، وذلك للحفاظ على هذا التراث البورسعيدي منذ أواخر السبعينات وحتي الان ، و ينتظره أهالي المحافظة بترقب كل عام، لمعرفة الفكرة التي سيناقشها من خلال تلك مسرح الدمي الضخم .
نبذة تاريخية:
صنع أهالي محافظة بورسعيد في ليلة شم النسيم عام 1925 ، دمية كبيرة الحجم ليتهكموا بها علي اللورد ” ادموند ألنبي ” المندوب السامي لبريطانيا الباطش في فترة الإحتلال ، لتصبح عادة كل عام ، تنظيم احتفالية كبري مهيبة في كل شوارع بورسعيد ، في كل ليلة شم نسيم علي أغاني السمسمية .
أصل العادة :
في ليلة شم النسيم من كل عام ، تتميز محافظة بورسعيد بطقوس مختلفة وهي احتفالية «الالمبي»، وهي تعود لواقعة وصول المندوب السامى البريطانى الباطش “اللورد إيدموند ألنبى” إلى بورسعيد عام 1925 ، ليعود لبلاده عن طريق ميناء بورسعيد، فاستقبله أهل المدينة بدمية كبيرة مصنوعة من القش تشبهه كثيرا للسخرية منه ، وكانت الدمية ترتدى الزى العسكرى ورتبته العسكرية و تم حرقها بالنار أمامه.
وأصبحت دمية الألمبى ، وسيلة للتعبير عن إحساس أهل بورسعيد بالظلم والقهر في ليلة احتفالات شم النسيم ، كذلك ينتقد بها الظواهر الاجتماعية السلبية أو الرموز السياسية الفاسدة ، ولكن تطورت العادة مع مرور السنوات، وبدأ كل بيت ببورسعيد تنفيذ دُمية خاصة بهم يحرقوها مع نغمات السمسمية ، ولكن مع دخول الغاز الطبيعى لبورسعيد اختفت الحرائق تدريجيًا ، وتحولت العادة لمسرح “خضير” بشارع أوجينى ونبيل منصور ومسرح ” محمد السعيد ” بشارع الدقهلية .
** البداية:
قال الفنان التشكيلى “محسن خضير” فى بداية حديثه مع بوابة “وطنى” ، أن اسم الألمبي هو تحريف لاسم اللورد إدموند هنرى ألنبى، المندوب السامي لبريطانيا بمصر في مطلع القرن العشرين، حيث تزامنت زيارة ذلك الرجل، والذي عرف ببطشه لبورسعيد مع ليلة شم النسيم، فاستقبله الأهالي بدمية كبيرة ترمز له وقاموا بحرقها كسخريه منه .
وتابع “خضير” لقد بدأت رحلتي مع تلك الدمي عام 1979 ، وكانت أول دمية صنعتها لمناحيم بيجِن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ، ومنذ ذلك الوقت وكل عام أقوم بصناعة الدمي، التي أنتقد من خلالها قضايا سياسية أو اجتماعية يعاني منها المواطن البسيط.
** الحفاظ على التراث :
أضاف الفنان التشكيلي ” خضير” أنه عقب انتهاء فترة التهجير والحرب ، وعودتنا إلي بورسعيد ، وجدت تلك العادة قد قاربت على الإندثار ، و كان كل همي هو الحفاظ على ذلك الموروث الشعبي” كل عام بشم النسيم” ، لأنه تراث بورسعيدي أصيل ، وأنا أسعي جاهدا طيلة السنوات الماضية للحفاظ علي ذلك التراث ، حتى لا يندثر و يضيع من بورسعيد وينتقل إلى مكان أخر.
** ألمبى شم النسيم 2019 عن محاربة الطلاق :
قال “محسن خضير” ، أن الطلاق دمر الأسرة المصرية، ولذلك قررت أن يكون ذلك الموضوع هو الذي سيتم انتقاده من خلال مسرح الألمبيات ببورسعيد .
واستكمل ” خضير ” أنا ورشتي تقع بجوار مأذون شهير جدا ببورسعيد ، ويوميا أري العشرات من قصص الطلاق والانفصال ببورسعيد ، وللأسف أجد ” عرسان وعرايس” سنهم صغير جدا لم يكملا الثلاثون عام وينفصلا .
وتابع”خضير” أغلب شباب بورسعيد يقررون القيام بـكتب كتاب للتقديم علي سكن في مشروعات الاسكان ، ولكن بعد فترة تحدث مشكلات، وتؤدي إلي الانفصال.
ولفت ” خضير” من هنا جاءت فكرة مسرح الألمبيات الخاص بي هذا العام ، والذي سيكون أمام ورشتي وسيناقش مشكلة الانفصال علي المجتمع المصري، والذي أصبح خطر يهدد الأسرة المصرية وينتج أطفال غير أسوياء .
وتابع “خضير” حديثه مع بوابة “وطنى” ، للأسف دائما الذي يدفع ثمن الطلاق الأطفال، ويخرجون للمجتمع وهم غير أسوياء ولا يشعرون بالأمان ، ومن هنا تبدأ ظاهرة عدم الانتماء وكراهية الغير والكثير من الأمراض النفسية والاجتماعية في المجتمع .
** وعن كيفية صناعة تلك الدمي:
قال الفنان التشكيلي “محسن خضير” تصنع دمي الألمبي من الفوم الأبيض، والكارتون ، ومادة تشبه المعجون و النشا .
واستكمل “خضير” أما الهيكل الداخلى لتلك الدمي ، يكون من الحديد والاسفنج، ثم يتم دهان الوجه من الخارج بالبويات ، وفي النهاية ترتدي الدمي الملابس وباروكة الشعر ليظهر الشكل طبيعي في النهاية .
* احتفالية مهيبة:
وأشار الفنان التشكيلي ” محسن خضير ” الى أن أهالي بورسعيد ينتظرون احتفالية الألمبيات كل عام ، وفي هذا العام ستكون هناك مفاجأت مثل كل عام ، حيث سيكون هناك فرق سمسمية تصاحب عرض مسرح الألمبي، لتقص تاريخ بورسعيد وموروثها الشعبي وذلك عن طريق عرض تلك الدمي علي مسرح ضخم مع نغمات السمسمية واللافتات التي توضح .
وفى نهاية حديثه مع بوابة “وطنى” ، وجه “خضير” التهنئة لشعب بورسعيد بالكامل بمناسبة عيد شم النسيم ، وعن ترحابه بجميع المواطنين من شتي محافظات الجمهورية لحضور احتفالية الألمبي ببورسعيد فى ليلة شم النسيم بالشكل الذى يليق بشعب بورسعيد.