تتجه الأنظار في فرنسا اليوم الأحد نحو” إيمانويل ماكرون “الذي حصل على 23.7 % في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية ، النجم الصاعد في السياسة الفرنسية.
وزير الاقتصاد الفرنسي السابق (2014-2016) تحول إلى ظاهرة سياسية منذ استقالته من منصبه الوزاري في شهر أغسطس 2016 ليؤسس حركة “إلى الأمام”، ويبدو أن ،حظوظه في الوصول إلى قمة السلطة في مايو 2017 لا يستهان بها.
عمل ماكرون مستشارا في قصر الإليزيه في 2012 قبل تعينة وزيرا للاقتصاد
لكن في أغسطس 2016، قرر ماكرون مغادرة الحكومة بحثا بمفرده عن السلطة العليا.
بدء إيمانويل ماكرون حياتة بمسار تعليمي ناجح في أبرز المدراس والمعاهد الفرنسية وهي معهد “هنري 4” بباريس، ثم معهد العلوم السياسية بباريس (2001) والمدرسة العليا للإدارة بمدينة ستراسبورغ (2002-2004) إضافة إلى مؤسسات تربوية عريقة أخرى.
. فبعد تخرجه من المدرسة العليا للإدارة في 2004، عمل كمفتش عام للمالية لمدة ثلاث سنوات، ثم أنتقل بعد ذلك ليعمل في لجنة مهمتها إيجاد سياسة مالية تدعم الاقتصاد الفرنسي تحت رئاسة جاك أتالي، مستشار الرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران.
في 2008، غادر عالم الإدارة العليا والتحق بمصرف “روتشيلد” ليكتشف أسرار البنوك والمالية، وفي حوار مع جريدة “لوموند”، علق ماكرون عن خبرته البنكية قائلا:” لقد تعلمت مهنة، واكتشفت كيف يسير عالم المال والاقتصاد”.
في 2012، التحق بالرئيس هولاند وعمل مستشارا اقتصاديا إلى 2014 ليعينه هولاند بعد ذلك وزيرا للاقتصاد محل أرنو مونتبورغ الذي استقال من منصبه، وعن هذا التعيين، قال ماكرون:” لقد طلبت من الرئيس أن يمنحني ساعة واحدة فقط للتفكير. كنت أريد أن أضمن أن تكون لي حرية كاملة في التصرف، في الحقيقة لست رجل النزاعات والخلافات، لكن الرئيس كان يدرك في نفس الوقت بأنني قادر على الاستقالة في أية لحظة”.
ظل” ماكرون ” سنتين (2014-2016) وزيرا للاقتصاد، وظف خلالها خبرته في مجال البنوك لإعطاء دفعة جديدة للاقتصاد الفرنسي وتخفيض نسبة البطالة التي تطال ملايين الفرنسيين، لكن عندما غادر الحكومة، اعترف بوجود عوائق كثيرة في الشركات والإدارات الفرنسية تحول دون القيام بإصلاحات عميقة وكفيلة بإخراج فرنسا من الأزمة التي تمر بها منذ سنوات عديدة.
ولم يشرح ماكرون سبب استقالته من منصبه ولم يكشف عما إذا كان يفكر آنذاك في خوض الانتخابات الرئاسية أو إذا كان بصدد تأسيس حزب سياسي، عمل ماكرون في الظل و بعيدا عن أنظار الإعلام إلى غاية تأسيس حركته ” إلى الأمام” واستقطب عشرات الألاف من المساندين، غالبيتهم من الشباب الذين يرون فيه الرجل السياسي النظيف الذي جاء بأفكار حديثة ويتحدث لغة أخرى غير لغة السياسيين الفرنسيين التقليديين.
يؤكد ماكرون في كل تجمع انتخابي شعبي على ضرورة تحسين القدرة الشرائية للمواطنين في حال انتخابه رئيسا للبلاد وبالدفاع عن مشروع متناغم يقوم على رؤية شاملة.
كما تعهد بخفض كلفة العمل للمؤسسات العمومية وإبقاء نظام العمل 35 ساعة في الأسبوع وتحسين القدرة الشرائية للموظفين.
على المستوى الأوروبي، اقترح ميزانية أوروبية شاملة قادرة على التصدي للأزمات وتشجيع الاستثمار.
سياسيا، لا يصنف إيمانويل ماكرون في اي “خانة” فهو لا ينتمي لليسار ولا لليمين. فرغم شغله منصب وزير الاقتصاد في حكومة يسارية، لم يعلن ولو مرة واحدة أنه يدعم التوجه اليساري أو الحزب الاشتراكي، لا ينتمي بذلك لأي تيار سياسي تقليدي.
دخل ماكرون المعركة الانتخابية بقوة رغم نقص الإمكانيات المالية، واليوم أصبحت تجمعاته الانتخابية تستقطب آلاف الشباب الذين يرون فيه رجل المستقبل الذي سيقود فرنسا نحو التألق والازدهار
ولا تزال حركة ” إلى الأمام” تجذب المزيد من الشباب ورجال الثقافة وحتى بعض السياسيين الذين أعلنوا مساندتهم لماكرون في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لكن الحزب الاشتراكي يرى فيه المنافس المباشر الذي يمكن أن يشتت صفوف اليسار ويسمح لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بالتأهل إلى الجولة الثانية مثلما وقع في 2002 عندما جاء والدها جان ماري لوبان في المرتبة الثانية بعد شيراك في حين استبعد ليونيل جوسبان ممثل اليسار.
ورغم النداءات التي وجهها له الحزب الاشتراكي لكي يشارك في الانتخابات التمهيدية مثل باقي المرشحين، رفض ماكرون الاستجابة لها بحجة أنه رجل حر لا يمكن وضعه في خانة سياسية ما، ويصفون ماكرون بـ”الديمقراطي الليبرالي” وهو يلقى الدعم من “الجناح اليميني” للحزب الاشتراكي ومن بعض السياسيين من اليمين والوسط.
يأتي ماكرون في طليعة الشخصيات السياسية المحبوبة من قبل الفرنسيين أمام جان لوك ميلانشون وفرانسوا فيون. فهل سيصل حبهم إلى درجة التصويت له في مايو .2017