تحدث البابا تواضروس الثاني أمس الأربعاء، خلال عظته الأسبوعية، عن تأمل فى إنجيل يوم الأربعاء من الأسبوع السادس للصوم الكبير حول ( لمن هذه الويلات ؟) مشيراً أنه يوجد إصحاح في الإنجيل يسمى اصحاح التطويبات (إنجيل متى اصحاح ٥) ويوجد اصحاح الويلات (إنجيل متى اصحاح ٢٣). وكلمة “ويل” معناها صعب وكبيرة لأنها تأتي بالعذاب والهلاك والغرض منها التحذير.. يخاطب الرب يسوع بالويلات الكتبة والفريسيين والناموسيين رؤساء اليهود.
“لكن وَيْل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون انتم ولا تدعون الداخلين يدخلون” (مت ٢٣: ١٣)
“هكذا انتم أيضاً من الخارج تظهرون للناس ابراراً ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثماً” (مت ٢٣: ٢٨)
المرض الأول في الحياة الروحية هو الرياء. وهو المرض الروحي الخفي الذي يمكن أن يسرق من أي إنسان ملكوت السموات. فالفريسيون كان هدفهم أن يظهروا أمام الناس متميزين لكي يمدحوهم. كلمة الويل كانت بمثابة جرس إنذار لهم وللإنسان عامة.. فهي تنبه للخطر الذي يمكن أن يطيح به الذي هو الرياء.
هذا المرض الروحي يمكن أن يصيب كثيرين ممن يرتبطون بالكنيسة، مثلاً إنسان يحفظ لحن بدقة لكنه لا يعيش خشوع اللحن، ومن أشهر الأمثلة التي قالها السيد المسيح مثل الخشبة والقذى، فقبل أن تتكلم عن ضعف أو علة في انسان أخرج أولاً الخشبة التي في عينيك التي تعيق رؤيتك. ومثل الفريسي والعشار، فكانت عبادة الفريسي عبادة شكليه وهذه العبادة الشكلية لا يقبلها الله مهما طالت. وقال البابا أن أسهل شئ في الحياة أن يعطي الانسان نصيحة، لكن هل نظرت لنفسك أولا وهل تنصح نفسك أولاً؟
طبيعة خطية الرياء:
أولا – أن الانسان يتمسك بالحرف وليس بالروح “تحملون الناس أحمال عثرة”، فالشخص الذي يعيش في خطية الرياء يحكم على كل الناس ويدين كل الناس ويغيب عنه فضيلة الستر. رغم أن الإنجيل يقول: “بكلامك تتبرر وبكلامك تدان”، “الحرف يقتل ولكن الروح يحيي”
ثانيا – “قتل الانبياء” كل دم برئ سفك يصرخ ويقول: “حقى عند الرب” (اش 49 : 4).
الإنسان المرائي يمكن أن يقتل، ليس بسلاح ولكن بالكلمة.
وأيضا من احتكروا المعرفة “ويل لكم أيها الناموسيون لانكم اخذتم مفتاح المعرفة” “ما دخلتم أنتم والداخلون منعتموهم”
ثالثاً – الإنسان المرائي لا يرى إلا نفسه وتكون النتيجة أن الإنسان يضيع حياته وهو لا يدري.
في صلاة الصلح من القداس الكيرلسي نقول “لا بحاسة رافضة لمخافتك، ولا بفكر غاش مملؤ من شر الخائن، غير متفقة نياتنا في الخبث” هذه الثلاثية تشرح الإنسان المرائي (فهو ليس عنده مخافة الرب – له فكر مغشوش – غالباً انسان خبيث أي كذاب ومتلون)
يا ابني.. احترس من الرياء لئلا يسرق أيام عمرك.. احترس لئلا تغيب عنك مخافة الله.. احترس لئلا يمتلئ عقلك بالفكر المغشوش.. احترس لئلا تكون نياتك خبيثة.. بهذه الكلمات ننبه الانسان باستمرار لئلا تلحقه هذه الويلات.
وأشار البابا أن من صور الرياء هي النفاق والكذب والكلام الناعم، وهذه الصور لا يقبلها الله. إننا نستطيع تجنب الرياء في حياتنا من خلال عدة أمور:
أولها أن تكون صادقاً مع نفسك، والتوبة تفضح النفس.
ثانيا – شارك الآخرين في أحمالهم وأشعر بالآخر.. أشعر بكل من هم في مسئولية، فالكنيسة تعلمنا أن نصلى من أجل الكل.
ثالثاً – إهتم بالعمل أكثر من الكلام، “من يعرف أن يعمل حسناً ولا يفعل فتلك خطية له”، فالشكليات لا تبني الملكوت.
“لغتك تظهرك” فالكلام إذا كان كلام رياء سوف تكشفه الأيام، وإذا كان كلام فيه مخافة الله سوف يظهر أيضاً.