في هذا الفصل من الإنجيل المُقدّس ، يقول لنا القديس يوحنا الإنجيليّ بأن يسوع لم يذهب إلى العيد في أيّامِه الأولى، بل انتظرَ إلى حين بلَغَ إلى أوسَطِه . بهذا التأخير أرادَ ربُّنا أن يجعلَ اليهود أكثر إنتباهًا إلى تَعليمِه. في الأيام الأولى من العيد بَحثوا عنه فلم يجِدوه ، ولكنهم رَأوه فجأةً أمام أعيُنِهم. وبالرغم من آرائهم المُسبَقة ، البعضُ منهم كانوا يعتَبِرونَه رجلاً صالحًا ، وآخرون مُضلِّلاً للشعب، ولكنهم كانوا يميلون تلقائيًّا إلى إظهار إهتمام كبير بتَعليمِه ووصاياه ، البعض لتَأمُّلِه وللإستفادة منه، والبعض الآخر لمُفاجَأتِه وللنيلِ من شخصِه.
ما هو موضوع تعليم يسوع ؟ القديس يوحنا الإنجيلي لم يذكر شيئًا عن هذا الموضوع أبداً ، لكنّه أخبَرَ فقط أنّه كان يعلِّمُ بطريقة جذّابة و مُدِهشة، وكانت تعاليمَه تَتَميَّز وتُثبت أنّه تعليمُ إنسانٍ لديه سلطان ، ليس سلطان أرضيّ ، بل سماوي . أمّا الذين كانوا يتَّهمونَه بتضليل الشعب، فقد غيّروا آراءهم وبدوا مُندَهشين به تمامًا.
” فَتَعجَّبَ اليَهودُ وقالوا: كَيفَ يَعرِفُ هذا الكُتُبَ ولَم يَتَعَلِّمْ؟ ” .
لاحظوا كيف كانَتْ دهشتُهم مُتَّسِمةً بالحيلة . القديس يوحنا الإنجيلي لم يُخبرنا بأنّ تعليمَه هو الذي أثارَ دهشَتهم، بل كانَ هنالك سببًا آخر، وهذا السبب هو إكتشاف كيفيّة إكتسابِه هذه المعرفة كلِّها.
نتيجة هذا التردّد وهذه الشكوك، كان يجب على اليهود أن يَتَوصَّلوا إلى الإستنتاج التالي : إنّ المعرفة التي كانتْ لدى المُخلِّص لم تكن من مصدر بشري، بل من مصدر إلهي. لكنّهم اكتَفوا بإبداء الدهشة، لأنّهم رفَضوا التوصُّل إلى هذا الاستنتاج. لذا، قام الرّب بإيضاح هذا الأمر حين أجابهم قائلاً : ” لَيسَ تَعليمي مِن عِندي بل مِن عِندِ الَّذي أَرسَلَني ” ( يوحنا ٧ : ١٦ ).