ونحن على أبواب الصوم الأربعيني المقدس تحضرنا كلمات معلمنا بولس الرسول في الإصحاح الثالث عشر من رسالته إلى أهل رومية مخاطباً أبنائه المؤمنين “إنها الأن ساعة لنستيقظ من النوم، لأن خلاصنا الأن أقرب مما كان حين آمنا، قد تناهي الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور” (رو ١٣: ١٢) ومن كلمات الرسالة نستطيع أن نعلم أن معلمنا بولس كان يكلم أناساً مؤمنين قد قبلوا الإيمان سابقاً، لأنه يقول “خلاصنا الأن أقرب مما كان حين آمنا”.. وبهذا نعلم أن الغفلة الروحية أمر قد يصيب الكثير من المؤمنين، وربما الخدام المرتبطين بالكنيسة ارتباط دائم.. لذلك مع بداية هذا الصوم نحتاج أن نراجع يقظتنا الروحية التي ربما تتراجع فتفقدنا اهتمامنا بأبديتنا..
وهناك أسباب عدة تجعلنا نفقد يقظتنا الروحية وهذه بعض منها..
1. الانشغال الدائم.. سواء بالعمل أو متابعة وسائل الإعلام أو الانشغال بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي قد تصل إلى حد الإدمان!! أو الانشغال الدائم بالأصدقاء أو حتى الانشغال بعمل الخدمة دون إعطاء فرصة للنفس للهدوء والسكون أمام الله لنعرف أن نحن من الطريق؟ فالوقت الذي نمضيه أمام الرب في سكون ومراجعة للنفس يساعدنا كثيراً على اليقظة الروحية.
” بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ” ( أش 30 : 15 )
2. وجود خطايا محبوبة أو شهوات شخصية.. تجعلنا ننسى الله وننجرف في تيار الخطية فنفقد يقظتنا الروحية لذلك كأولاد لله ينبغي ألا يتسلط علينا شيء من الخطايا.
3. العادات والهوايات.. فالبعض ينشغل بمتابعة الكرة أو مشاهدة الدراما، رغم أن الهوايات في أحيان كثيرة لا تشكل خطية في حد ذاتها إلا أنها إن كانت بلا حدود ثابتة تجعلنا نفقد الاهتمام بروحياتنا، لذلك حسن أن يهتم الانسان بهوايات تدفعه في الطريق الروحي كقراءة سير القديسين وسماع قصص جهادهم.
4. البيئة المحيطة.. فالإنسان الذي يرتبط بأصدقاء غير روحيين تجعل الإنسان يفقد شهوته في الوصول إلى السماء ومع الوقت يفقد يقظته الروحية.
5. عدم الاهتمام بضبط الحواس.. فالحواس هي مداخل الإنسان، والإنسان الذي يهمل السيطرة على حواسه تدخل إليه الخطية ويفقد يقظته الروحية.
وكما أن هناك أسباب تفقدنا اليقظة هناك أمور تساعدنا أن نبقى في حالة يقظة مستمرة..
1. التامل في محبة الله.. فالإنسان الذي يعرف كم أحبه الرب يراجع نفسه باستمرار وهذه المحبة تدفعه أن يبقى يقظاً وحريصاً وإلا يحزن قلب الرب..
2. تذكر ما تصنعه الخطية فينا.. فالخطية تغربنا عن الأب السماوي.. كما فعلت بالإبن الضال.
3. الحزم الروحي يحفظ لنا يقظتنا.. فتأديبات ونظام الكنيسة الروحي يشجع أبنائها على اليقظة الدائمة.. فمثلاً منع الكنيسة الموعوظين من حضور قداس المؤمنين والاشتراك في التناول. كانت حافذاً قوياً للموعوظين لكي يتوبوا ويعتمدوا ليشتركوا في مائدة الرب.
4. الاستفادة من فترات الضيق.. لاكتشاف النفس والحرص على النقاوة الروحية، فهزيمة الشعب أمام قرية عاي كانت سبباً في فحص الشعب واكتشاف خطية عخان بن كرمي (يش ٧)
5. الطاعة للمرشدين الروحيين.. وتاريخ الكنيسة مليء بسير قديسين وقديسات تابوا بسبب كلمات الأباء الروحيين المهتمين بخلاصهم.. كالقديس اغسطينوس.. فالنصيحة الروحية تحفظنا يقظيين على الدوام.
6. وسائط النعمة.. تجعلنا دائما في حالة يقظة روحية .
7. تذكر الرحيل ولحظات وداع الأحباء.. الراحلون يجعلونا نهتم بأبديتنا ونستعد لها.
8. الحرص من الأخطاء المصيرية.. فهناك خطايا تفقدنا كل المستقبل كخطية حنانيا وسفيرة ( اع 5 : 1-11 ).
9. زيارات النعمة.. تحفظنا في حالة يقظة دائمة فهكذا كانت توبة اغسطينوس وموسي الأسود بسبب عمل نعمة الله فيهم.. لذلك لنكن يقظين ونقبل زيارات النعمة لحياتنا لكي نحتفظ بيقظتنا الروحية دائما.