يرى المركز المصري للدراسات الاقتصادية, أنه مما لا شك فيه أن إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام تعد أمراً ملحاً ، ويأتي ضمن أولويات الإصلاح الاقتصادي وأحد محاور عمل برنامج الحكومة 2019- 2022، الأمر الذي يتطلب إنشاء صندوق تمويل برنامج تطوير الشركات المملوكة للدولة، وفي هذا الصدد ينبغي إلقاء الضوء على العديد من النقاط الهامة ، فقبل إنشاء الصندوق ينبغي أن يكون الفكر وراء هذا الصندوق واضحا لأن ذلك سيحدد الشكل المؤسسي وأسلوب عمله، فمن غير الواضح كيف سيتعامل الصندوق مع الحالات المختلفة من الشركات، فمثلا حالة شركة لها حصة سوقية وتواجه مشاكل إدارية أو فنية وأخرى ليس لها حصة سوقية لكن هناك إمكانية لذلك، وثالثة لا تمتلك ولا يوجد احتمال لتملكها أي حصة سوقية، فهل يوجد سيناريوهات للتعامل مع كل حالة سواء البيع، أو الشراكة مع القطاع الخاص أو غيره، مسبقا على إنشاء الصندوق حتى لا ننشئ الصندوق ثم نسيره وفق ما هو مطروح وليس وفق ما هو مستهدف.
وأضاف المركز المصرى للدراسات الاقتصادية : من الضروري توضيح العلاقة بين صندوق تمويل برنامج تطوير الشركات المملوكة للدولة والصندوق السيادي “صندوق مصر” المنشأ بالقانون رقم 177 لسنة 2018 خاصة من حيث التعامل مع ما تمتلكه شركات القطاع العام من أصول غير مستغلة (أراضي، عقارات) ، كما أنه من الضروري توضيح موارد الصندوق الأخرى وإلى أي مدي تحقق معايير الاستدامة خاصة وأنه من غير الواضح كيفية الاستفادة من الأصول التي تمتلكها بعض الشركات وهل الاستفادة ستقتصر على الشركة نفسها فقط أم سيستفيد منها كافة الشركات التي تحتاج إلى تطوير؟
من حيث تشكيل لجنة إدارة “الصندوق” يرى “المصرى للدراسات الاقتصادية” أنه من المفترض أن تكون لجنة إدارة الصندوق لجنة دائمة تضم خبراء متخصصين غير تنفيذين لديهم رؤية لتطوير قطاع الأعمال العام مهمتها الأساسية وضع قواعد توجيه موارد الصندوق في ضوء استراتيجية تطوير القطاع وبناء على خطة واضحة لكيفية توجيه موارده ولأي شركات وعلى أي مجال سيتم الإنفاق.
وبالتالي لا حاجة لضم رئيس الشركة القابضة التي يتولى الصندوق نظر موضوعها لعضوية هذه اللجنة إلا في مرحلة التنفي ، كذلك من الغريب أن إنشاء الصندوق وفقا للقرار الجديد لم يتضمن تمثيل لأي من الجهات الرقابية وتحديدا الجهاز المركزي للمحاسبات على الرغم من القرار الأصلي لإنشائه رقم 4328 لسنة 1999 كان يتضمن ذلك ، أخيرا، ينبغي التأكيد على ضرورة وجود آلية موضوعية تتسم بالشفافية لمتابعة وتقييم عمل الصندوق وفقا لمؤشرات أداء محددة موضوعة مسبقا مع أهمية فصل المتابعة والتقييم عن التنفيذ.
الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى لإنشاء صندوق لإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام ، فقد سبق وأن صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 4328 لسنة 1999 بإنشاء صندوق تمويل برنامج هيكلة الشركات المملوكة للدولة ثم صدر قرار رئيس الوزراء رقم 2076 لسنة 2004 بإعادة تنظيمه ، وعُقد اخر اجتماع لإدارة الصندوق برئاسة وزير قطاع الأعمال السابق في مايو 2017 واعتمد ما ضخه الصندوق خلال الفترة من أغسطس 2016 وحتي 30 ابريل 2017 بإجمالي 75.9 مليون جنيه لإزالة الاختناقات المالية في بعض الشركات.
هذا ووافق مجلس الوزراء على مشروع قرار بإنشاء صندوق تمويل برنامج تطوير الشركات المملوكة للدولة أو التي تساهم فيها. ويأتي ذلك بهدف المساهمة في تسوية مديونية شركات قطاع الأعمال العام للجهاز المصرفي، وتوفير التمويل اللازم للإصلاح الإداري والفني لهذه الشركات، والمساهمة في إزالة الاختناقات المالية التي قد تتعرض لها أي من الشركات المٌشار إليها من خلال الدعم والإقراض.
لكن فيما يتعلق بموارد الصندوق ، فلم يتطرق الخبر تفصيلياً لموارده إلا أنه تمت الإشارة إلى أن جزءاً من موارده يأتي من حصيلة إيرادات طرح شركات القطاع العام بالبورصة لكن من غير الواضح قيمة حصة الصندوق من هذه الإيرادات خاصة وأن الصندوق لم ترد الإشارة إليه في قرار رئيس مجلس الوزراء 926 لسنة 2018 بإعادة تنظيم احكام برنامج طرح أسهم الشركات المملوكة للدولة. وأضاف المركز المصرى للدراسات الاقتصادية : يبدو من صيغة الخبر أن إنشاء صندوق تمويل برنامج تطوير شركات القطاع العام أمر جديد إلا أنه في حقيقة الأمر الصندوق تم إنشاؤه مسبقاً منذ 1999 وتوقف عدة مرات نتيجة توقف برنامج إعادة الهيكلة ، منوهاً أنه لن يُحقق إنشاء هذا الصندوق الغرض منه إلا إذا كان الإنفاق يسير وفق استراتيجية متكاملة وواضحة ومعلنة للدولة لتطوير قطاع الأعمال العام تتعامل مع كافة أبعاد التطوير من تطوير مالي وإداري وفني وتكنولوجي، ومبنية على تقييم لجدوي الشركات من الناحية الاقتصادية. وبالتالي ربط الإنفاق على التطوير بوجود جدوى اقتصادية من ذلك حتى لا يتم إهدار موارد الصندوق على شركات لا جدوى منها أو أن يقف الأمر عند تمويل النفقات الجارية للشركات وبالتالي إفلاس الصندوق واستمرار نزيف هذا القطاع.