مع بداية كل عام .. ندرك مدى عمق مجيء الرب يسوع على الأرض .. رمزاً للميلاد الجديد للإنسان بالمعمودية .. جاء المسيح ليخلص العالم من خطيئة آدم .. ويسمو بالبشر نحو السلام والمسرة .. والإنسان في العالم كله كم هو في حاجة إلى السلام .. ذلك السلام الذي ترنمت به الملائكة تبشر بمولد الرب يسوع المسيح صارخة..” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة “.
منذ ذلك الميلاد وظهور المسيحية وصور الرب يسوع ومعجزاته تشغل بال وفكر الفنانين في جميع أنحاء العالم .. فنجد كل عصر له ملامحه وطبيعته التي تنعكس بشكل واضح على الفن .. يعيش فنانوه أحداثه وتعاليمه .. فقد إستلهم الفن في العالم كله من الفن القبطي .. حيث كان الفنان القبطي يرسم ويصور بالطريقة التي ورثها من الفن الفرعوني.
واليوم تحتفل الكنيسة القبطية بعيد الغيطاس المجيد يوم ١٩ يناير (١١ طوبة للشهداء) من كل عام .. يدعي هذا اليوم باليونانية ”الثاؤفانيا“ أي عيد الظهور الإلهي .. لأن فيه ظهور الثالوث الأقدس: الآب ينادي من السماء: ”هذا هو ابني الحبيب“.. والإبن قائم في نهر الأردن .. والروح القدس شبه حمامة نازلاً عليه .. وإذا السموات قد إنفتحت فرأي روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه، وصوت من السموات قائلاً: ”هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت“.
وتبارى الفنانون في إبراز قدراتهم ومواهبهم في رسم حياة السيد المسيح .. الختان .. عرس قانا الجليل .. عيد دخول المسيح إلى الهيكل .. وأيقونة الهروب إلى أرض مصر .. وغيرها من أحداث ومعجزات. إهتم معظم الفنانين في مصر والعالم برسم وتسجيل الموضوعات المستلهمة من الكتاب المقدس برموز وأشكال بسيطة .. ومن الفنانين المصريين الذين عبروا بكل صدق وإيمان عن مشاعرهم لحياة وآلام السيد المسيح له المجد والسيدة القديسة العذراء مريم .. كل من الفنان ايزاك فانوس أحد رواد فناني الأيقونات القبطية..والفنان الرائد يوسف نصيف والفنانة بدور لطيف.. والفنانة القديرة مارجريت نخلة .. وفنان المنيا يوسف جرجس عياد.. والفنان فيكتور فاخوري .. والفنان مجدي وليم..والفنان عادل نصيف..والفنان جرجس لطفي وغيرهم من الفنانين المصريين.
واليوم نتأمل في لوحة عيد الغيطاس بريشة الفنانة القديرة ماجريت نخلة (١٩٠٨ – ١٩٧٧) .. حيث عبرت الفنانة عن وجود الله ”النور الإلهي“ ورمز الحمامة ”بالروح القدس“ تحل على جسد الرب يسوع المسيح وهو في الماء يعمده يوحنا المعمدان .. فقد جمعت الثالوث المقدس في وحدة كاملة ”الآب والإبن والروح القدس إله واحد آمين“.. وهو تعبير عن علاقة الحياة ورمز الخلاص في إيقاع جمالي منسجم في التكوين والألوان.. تحسه البصيرة وتراه العين .. بإسلوبها الخاص أعطت لكل شخصية تعبيراً خاصاً فى الحركة وقسمات اللون بلمسات تأثرية ( انطباعية ) فيها مذاق فطري يحقق الإحساس بقوة التعبير.
كما نجد أيضاً الشمولية في تكوين الأيقونة والمشاهد المتنوعة في نسيجها الفني بإسلوب ذي أصالة بالغة القوة .. والتعبير عن بمعموديته التي تعمل على تجديد نفوسنا من خلال روح الله القدوس.
وكل فنان يسعى لإيجاد المرونة والحيوية في أعماله .. لكي تنعكس على فن الأيقونة الحديثة .. من خلال الرجوع للتراث القبطي .. والقراءات في الكتاب المقدس .. بشرط أن يحافظ على أصالة الأيقونة القبطية وتاريخها .. وذلك لخلق تذوق للفن القبطي عند مشاهدي الأيقونات التي تجذب إهتمام الشعوب إلى فن أجدادهم القديم .. وفن كنيستهم الأرثوذكسية .. فتسمو بعقولهم وتأخذ وتستغرق وجدانهم في تعاليم الكتاب المقدس ومعجزاته .. ليعيش السلام والمحبة في الوجدان ما عاش الإنسان.