فيلم ” الراهبة ” أو The Nun ” “يقوم على الرعب والإثارة المفتعلة .. من خلال إظلام الشاشة بجو رمادي كئيب طوال الفيلم .. لمجرد التأكيد على أن سيطرة قوى الشر أقوي من الله .. واختار الفيلم رمز ديني “الراهبة” .. لتتم من خلالها عملية سيطرة الشر .. كمحاولة جديدة لإلحاق كل ما هو سحر وشعوذة بالدين المسيحي!
== تدور أحداث الفيلم حول راهبة شابة تنتحر في إحدى أديرة رومانيا، في ظروف غامضة، وعلى إثر هذه الحادثة يرسل الفاتيكان كاهن (أنثوني بيرك) معترف به أنه متخصص في طرد الأرواح الشريرة .. برفقة إحدى المتدربات بطريق الرهبنة (إيرين) للتحقيق في الحادث، حيث يكشفان عن سر مظلم هناك، ويصيرا في مواجهة الراهبة “فلاك” ذات الكينونة الشيطانية، فيحدث صراع بين قوتي الإيمان ممثلة في الكاهن والمتدربة ، وقوى الشر التي تمثلها الراهبة التي تم شيطنتها بالفيلم..
== وهناك شخصية محورية أخرى بالفيلم ألا وهي الراعي (فرينشي) الذي اكتشف أولاً جثة الراهبة المنتحرة .. والذي قبل مُضطرا أن يرشدهم للمكان الذي وضع جثتها به .. ولكن بعدها _وياللعجب – يعود للدير لمحاربة الشر مع الكاهن والمتدربة رغم أنه شاب عادي بسيط .. ورغم ايمانه بأن الدير مكان ملعون .. وهو سبب موت أو انتحار أطفال القرية ..
== الفيلم يبين بعض الثقافة القروية والعرف المتبع في عصور بائنة.. مثل بصق الراعي على المكان قبل دخوله .. كعادة قروية متبعة على ما يبدو .. لدحض شر من مكان يُظن أنه به.. وكذلك كسر المرآة في المكان الذي يموت فيه أحد .. حتى إذا عادت الروح ونظرت نفسها في المرآة .. لا تتحول لروح شرير..!
== رتم الفيلم بطيء جداً بلا أية قماشة ثرية للعمل .. وكل ما يريدونه هو خلق الغموض بالفيلم من خلال ملابسات غير منطقية متناثرة .. يُلقى عليها الضوء برتابة وملل …. مثل دم الراهبة مكان جثتها الذي مازال سائلاً رغم مرور أسابيع على موتها..! الأب (بيرك) والأخت (إيرين) .. يدخلون الدير المهجور ليجدا سيدة متشحة تماماً بالسواد حتى وجهها .. تجلس على كرسي في الظلام .. صوتها غير محبب للنفس وكأنه من عالم سفلي آخر.. تخبرهم عن أمور من حياتهم .. وهم يتابعون الحوار معها (عادي) على أنها رئيسة الدير .. ويقولان لها أنهما موفدان من قبل بابا روما للتحقيق في وفاة الراهبة !!
== الفيلم يغلب عليه الإظلام المتعمد الذي يشعر معه المشاهد بالضيق .. لمجرد أن الفيلم يريد الإيحاء بالغموض والشيطنة من خلال الكثير جداً من تنوع درجات الظلال قاتمة الرمادية بكل مشاهد الفيلم.. والكثير جداً من الصلبان الخشب المتراصة بشكل عشوائي مكثف داخل وحول الدير .. بشكل يوحي بوجود شبه أشباح متراصة في هذا الجو الرمادي البغيض.. لدرجة أني أكملت الفيلم “كرهاً”.. وبإحساس حقيقي بالضيق .. بهدف كشف نوعية هذه الأفلام الرخيصة الممنهجة المتعمدة على ما يبدو لتشويه المسيحية.
== الفيلم أشبه بالسمك لبن تمر هندي .. فهو مليء بكم من المفارقات غير المنطقية، منها على سبيل المثال لا الحصر:
– الشاب الراعي (فرينشي) ينجح في قتل (الأرواح الشريرة) بالرصاص !! ويتفق معه القس في أهمية حفظ الرصاص للضرورة القصوى عند مواجهة أرواح مجتمعة من الشر .. فكيف هي أرواح وتموت بالرصاص !!؟
– ضرب جرس صعير من نفسه على قبر مجاور أثناء دفن الراهبة المنتحرة .. فيقول الكاهن للمتدربة لقد كانوا يدفنون الناس أحياء قديماً عندما كان يصيبهم الطاعون .. و المحظوظ منهم الذي كان يبقى منه حياً كان يضرب الجرس لإعلام الناس بوجوده حياً تحت الأرض… ثم يسقط الكاهن نفسه في مشهد آخر بدفع من القوى الشريرة أثناء محاربتها فيستخدم الجرس للإعلان عن دفنه حياً.. والعجيب أن (إيرين) تسمع صراخه وطلبه للمساعدة من غرفة نومها بالقصر .. ولكنها لا تسمعه وهي في الحديقة بالقرب من مدفنه مع آخرين .. فتركز قواها .. لكي تستحضره في رؤيا لتري مكانه .. وهكذا وجدته .. وكأن الرؤي هو فعل تركيز .. يمكننا التحكم فيه.. لمعرفة أي شيء تريده خارج نطاق المنظور.. أو فوق ما هو منظور !!
– الشاب القروي هو الذي ينقذ متدربة الرهبنة الشابة “إيرين” رغم أنها الوحيدة المقدر لها أن تمسك بالقارورة التي بها دم المسيح لتنقذ القرية من الشر.. فهو يكسر القارورة في وجه ايرين بعد ان التبستها روح الراهبة الشريرة .. وفي تفس الوقت .. عندما تُطرح ايرين بدفعة قوية في الماء الذي يخرج من دائرة الشر بالدير .. تعود الراهبة الشريرة لتمسك برقبتها لتغرقها بالماء .. فتخرج ايرين الدم المقدس من فمها.. – دون أن تفهم بلعته متى وكيف_ لتبصقه في وجه الراهبة الشريرة لتبدأ في الاحتراق والذوبان داخل دائرة الشر التي تغلق سريعاً بعدها ..!
– المشكلة الأكبر هي .. من الذي استطاع تاريخياً جمع دم السيد المسيح المراق ووضعه في قارورة؟ وكيف وضعه؟ وكيف حُفظ على مدار سنوات دون أن يذكر عنه شيئاً سوى في هذا الفيلم؟
– أعطي “فرينشي” للراهبة “إيرين” قبلة الحياة بعد غرقها لتعود لها الحياة .. وكأنما يقول أن الشيطان هو الذي يحي هؤلاء وينفس فيهم الحياة.. في توجه خبيث من المؤلف!
– الشاب “فرينشي” يظهر على رقبته من الخلف علامة الصليب المعكوف وهم يغادرون الدير بعد نجاح مهمتهم .. ومع ذلك يظهر شبيه له في فيلم يعرض في لقطات بنهاية الفيلم على أنه وثائقي حقيقي يدرس لطلبة .. ويقول أن هناك 3 مراحل من التباس الروح الشرير للإنسان وهي (الإستيلاء والقهر والاستحواذ) .. وقد استحوذ عليه ابليس منذ اللحظة الأولى التي أمسك فيها الروح الشرير بعنقه.. فلماذا إذاً أنقذ الشر الذي التبس الشاب “فرينشي”.. الخير المتمثل في الراهبة “إيرين” من الموت !؟
– الفيلم ينتهي على هذه المشاهد التي تُقدم على أنها وثائقية للاستحواذ الشيطاني .. ثم يضع تترات أسماء المخرج والكاتب والممثلين .. على كادرات ثابتة تبدأ بصورة لراهبة بالمنتصف كلها بالأسود بدون وجه .. مجرد محيط بيضاوي أسود .. تحيطه الطرحة البيضاء الشهيرة .. وحولها العديد من الراهبات مثلها .
– ينتقل بعدها الكادر لتمثال مسيح معلق على الصليب تلتهم النار رأسه .. وبعدها كادرات للعديد من أشكال الأبالسة والشياطين المحفورة على الجدران .. في توجه صريح ومفزع من المؤلف .. إلى أن هذا هو الذي يبقي .. وأنه هو الأقوى.
– أكبر دليل على كم المغالطات المتعمدة في هذا الفيلم وأمثاله .. أن الدين المسيحي يدين السحر والشعوذة.. بل ويحذر الناس من التعامل مع السحر والسحرة والمشعوذين .. وهناك آيات كثيرة بالكتاب المقدس تؤكد على هذا .. منها على سبيل المثال لا الحصر :
· وَأَقْطَعُ السِّحْرَ مِنْ يَدِكَ، وَلاَ يَكُونُ لَكَ عَائِفُونَ. سفر ميخا 5: 12
· وَأَقْتَرِبُ إِلَيْكُمْ لِلْحُكْمِ، وَأَكُونُ شَاهِدًا سَرِيعًا عَلَى السَّحَرَةِ وَعَلَى الْفَاسِقِينَ وَعَلَى الْحَالِفِينَ زُورًا وَعَلَى السَّالِبِينَ أُجْرَةَ الأَجِيرِ: الأَرْمَلَةِ وَالْيَتِيمِ، وَمَنْ يَصُدُّ الْغَرِيبَ وَلاَ يَخْشَانِي، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. سفر ملاخي 3: 5
· وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ
عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ
حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، …..إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. غلاطية 5 : 19 – 21
· وَلاَ تَابُوا عَنْ قَتْلِهِمْ وَلاَ عَنْ سِحْرِهِمْ وَلاَ عَنْ زِنَاهُمْ وَلاَ عَنْ سَرِقَتِهِمْ. سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 9: 21
· وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي». سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 8
== الملاحظ أن العديد من أفلام 2018 قد تضمنت اسم الراهبة، ومنها أفلام لعنة الراهبة ، والراهبة الشريرة ، وربطت بينها وبين الشر ، فيما يشبه تعمد تكثيف الاسم للتأكيد على فكرة شيطنة الدين المسيحي وأشكال العبادة المرتبطة به .
== وقد انتشر فيلم “الراهبة” عند عرضه كسرعة النار في الهشيم نتيجة تأكيده على انتصار السحر والشعوذة على قوة الصلاة و الإيمان المسيحي .. الأمر الذي يحقق بالطبع قبولاً وتصديقاً لدى قطاع ليس بالقليل من الناس، وبحاصة من الذي تربوا على الإيمان بما تعلموه من مغالطات وتشويهات للدين المسيحي.
== المحصلة النهائية التي خرجت بها هي أنه فيلم يصيب المتابع له بالإحساس بالضيق ….و لن يصيب أي مشاهد له سوى بالندم على مشاهدته .. بسبب جو الكآبة من سيطرة الشر الذي يخلقه الفيلم.
== الفيلم من إنتاج سبتمبر 2018 ، تأليف جيمس وان ، وجاري دو يبرمان ، وبطـولـة: دميان بشير (الأب أنثوني بيرك) Demián Bichir ، تيسا فارميجا (إيرين) Taissa Farmiga، جوناس بلوك (فرينشي) Jonas Bloquet ، بوني هارون (الراهبة الشريرة) Bonnie Aarons ، ومن إخراج كورين هاردي Corin Hardy .