في حفل رسمي كبير تسلم كل من الدكتور الكونغولي دينيس موكويجي والعراقية نادية مراد جائزة نوبل للسلام، وسط مشاعر من الفرح والحزن أيضاً، لما تحدثا عنه الفائزان من معاناة ضحايا العنف الجنسي حول العالم.
أكدت العراقية الإيزيدية نادية مراد أن تسلمها لـ “جائزة نوبل للسلام” مع الدكتور الكونغولي دينيس موكويجي في النرويج، إنه بعد فشل حكومة العراق في حمايتهم، فشل المجتمع الدولي أيضاً في إنقاذهم من براثن داعش ومنع وقوع الإبادة الجماعية بحقهم، إلا أنه بعد الإبادة حصلوا علي تعاطف دولي ومحلي، وأعترفت العديد من الدول بهذه الإبادة، لكنها لم تنتهي بعد، فحال الإيزيديين لم يتغير في سجون داعش، لم يتم خروجهم من المخيمات، لم يتم بناء ما دمره داعش، وحتي الآن لم يتم محاسبة مرتكبي الجرائم الذين قاموا بهذه الإبادة ضد الايزيديين، مضيفة بقولها” لا أريد تعاطفا أكثر، وأنما أريد ترجمة هذه العاطفة إلي عمل علي أرض الواقع”.
نوهت إلي أنها منذ أربع سنوات تجول العالم لتحكي قصتها وقصة مجتمعها، دون تحقيق جزء بسيط من العدالة ودون محاسبة مرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والبنات الايزيديات وغيرهم، وإذا لم تتحقق العدالة فحتما سوف تتكرر هذه الإبادة مرة آخري وضد المجتمعات الضعيفة الأخري، فالعدالة هي السبيل الوحيد في تحقيق السلام والتعايش بين مختلف المكونات.
بينما أكد الدكتور الكونغولي دينيس موكويجي أن عوامل الإغتصاب والمذابح والتعذيب وانعدام الأمن علي نطاق واسع والأفتقار الصارخ للتعليم تؤدي إلي دوامة من العنف لم يسبق لها مثيل، وتعد التكلفة البسرية لهذه الفوضي الخييثة والمنظمة بمئات الآلاف من النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب ونزوح أكثر من ٤ ملايين شخص داخل البلاد، وفقدان ٦ ملاببن نسمة، مضيفا بقوله” تخيلوا أن ما يعادل مجموع سكان الدنمارك قد هلك في صمت مدقع”.
أضاف موكويجي بقوله” بأسم الشعب الكونغولي أقبل هذه الجائزة ولجميع ضحايا العنف الجنسي في كل أنحاء العالم أهدي هذه الجائزة، لقد تعرض الشعب الكونغولي للاذلال والإهانة والمذابح علي مدي أكثر من عقدين علي مرأي ومسمع المجتمع الدولي ، مضيفاً بقوله” من خلال جائزة نوبل للسلام أدعو العالم ليكون شاهداً علي ما يقع، وأحثكم علي الإنصمام إلينا من أجل وضع حد لهذه المعاناة التي تمثل وصمة عار علي جبين إنسانيتنا المشتركة”.
وكشف موكويجي التقاب عن تقرير أممي بعنوان ” مشروع رسم الخرائط”، وضعه مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ما لا يقل عن ٦١٧ جريمة من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم ربما ترقي للإبادة الجماعية، مبديا دهشته من تجاهله حتي الآن، مشيرا بقوله “ما الذي ينتظره العالم ليأخذ هذا التقرير في الاعتبار؟، فلا يمكن تحققق السلام الدائم بدون عدالة، والعدالة ليست قابلة للمساومة”.
دعا “موكويجي” إلي فرض عقوبات اقتصادية وسياسية لكل المتورطين في جرائم العنف الجنسي حول العالم، والإعتراف بمعاناة الناجين من جنيع أعمال العنف ضد المرأة في الصراعات المسلحة، ودعم مبادرة إنشاء صندوق عالمي لتعويض ضحايا العنف الجنسي في النزاعات المسلحة، وباسم جميع الأرامل والأيتام جراء المجازر التي ارتكبت في الكونغو الديمقراطية المحبين للسلام، حص المجتمع الدولي علي الأخذ بالاعتبار تقرير مشروع ” رسم الخرائط وتوصياته”.
بينما أشارت بيريت رايس أنديرسن رئيس لجنة نوبل النرويحية علي الجائزة لجهودهما لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحروب والنزاعات المسلحة، والإغتصاب يعتبر وغيره من أشكال العنف الجنسي أسلحة غير مقبولة في أي من الحروب، ويجب معاقبة المسئولين عن جرائم الحرب، ويجب وصع حداً للإفلات من العقاب الذي يتمتعون به.
وشكرت رئيسة لجنة نوبل موكويجي بقولها” نشكرك علي إبراز المعاناة وتكريس حياتك للمعركة من أجل النساء وضد العنف الجنسي”، مما دعا الحضور للتصفيق الحاد والوقوف احتراما لدوره الإنساني.
أشارت بقولها ” ما يستعصي علي الفهم أن يستخدم المعتقد الديني كمسوغ أو تبرير لإبادة مجموهة عرفية وارتكاب أعمال وحشية ضد الأفراد”، معتبرة أن نادية مراد هي ضحية لجرائم الحرب، وتعرضت لأسوأ وأقسي أنواع الوحشية والإعتداءات، تحدت القواعد المجتمعية المكبلة بالعار والصمت وتحرأت علي التحدث عن الانتهاكات التي ارتكبت ضدها وضد آلاف النساء واللطفال الايزيديين، وقضت علي وصمة العار التي أصابت ملايين النساء ضحايا العنف الجنسي.
وفي ختام الحفل، قامت نادية مراد بالترحيب الحار بالمحامية أمل
كلوني رالتي تواجدت ضمن المدعوين بالحفل التي تدافع عن القضية الايزيدية حول العالم، والتي تبنت قضيتها منذ فترة، وتعمل علي تحريك القضية الايزيدية إلي المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جريمة إبادة جماعية وضد الإنسانية.
هذا وسبق الحفل الرسمي حضور الفائزان بنوبل لحفل منظمة ” انقذوا الأطفال” بمقر موكز نوبل للسلام، تخلله فقرات فنية من عدد من الأطفال وبحضور ولية العهد النرويجة ميته ماريت وأطفالها.