الكبرياء.. داء يمنع الإنسان عن رؤية عيوبه واخطائه، يريد ألا يخدش صنم ذاته لذلك يهرب من مصارحة نفسه بسلبياتها ونقائصها.. ربما يهتم أن يشغل نفسه بعيوب الآخرين ولكن لا يقبل أن ينظر إلى داخله ليرى أخطاءها. كما يقول الرب عن أدوم فى سفر عوبديا “تكبر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر”(عو٣ )
وقف الفريسى يعدد فضائله مع إنه من المؤكد أنه كان يحفظ المزمور القائل “إنما باطل بنو آدم، كذب بنو البشر، فى الموازين هم إلى فوق. هم من باطل أجمعون” (مز٩:٦٢ ) ، لكنه لم يرد أن يرى فى نفسه إلا أعمالها الحسنة “أصوم مرتين فىالأسبوع واعشر كل ما اقتنيه(لو١٢:١٨) واحتقر العشار – المدان في نظره والمبرر فى نظر الله فخرج العشار “مبرراً دون ذاك”
طبعا لم تكن خطايا العشار سبباً فى براءته ولا أعمال الفريسي سبباً فى ادانته، الفرق هو أن كبرياء الفريسى وقف حاجزاً بينه وبين مصارحته لذاته، الأمر الذي نجا منه العشار إذ أن تواضعه جعله صادقاً كل الصدق مع نفسه بينما كان الفريسى خادعاً كل الخداع لنفسه.
والأمر المضحك المبكى أن المتكبر يرى الآخرين فى احتياج أن يتعلموا الاتضاع وربما بعجرفته يلومهم على كبريائهم، هكذا وقف اخاب السارق القاتل لنابوت اليزرعيلى بعجرفة متهماً إيليا رجل الله البار بأنه كدر إسرائيل إذ أنه قد تجاسر وتطاول على ذاته الملكية معتبرًا أن هذا تكدير للسلم العام وهو اكبر من أن يأتى رجل مثل إيليا ويقول له خطاياه وكانت النتيجة أن كبريائه الذي خدع به نفسه جعل الكلاب تلحس دمه “فالكبرياء أول الخطأ ومن رسخت فيه فاض ارجاساً” (سى١٥:١٠ )
لذلك يقول انبا انطونيوس: [أرفض الكبرياء واعتبر جميع الناس أبر منك].