حصل نيافه الانبا مارتيروس علي رساله الدكتوراه حيث كان موضوع هذه الرسالة والمدرج ضمن علم (الكوديكولوجي codicoligie) في الموضوعات المصورة وأساليبها الفنية في المخطوطات القبطية من القرن العاشر إلى القرن الخامس عشر، والجدير بالذكر أن الفترة من القرن العاشر وحتى الخامس عشر لها أهمية خاصة على الساحة الفنية وخصوصاً من جهة مراحل تطور الفن القبطي على الأخص بتصاوير المخطوطات حيث كان هناك مؤثرات ضاغطة أثرت بحركة الفن داخل المخطوطات القبطية على سبيل المثال محاولة إستقرار الحكم الإسلامي في مصر وظهور الحضارة الإسلامية بجوار الحضارة القبطية مما أدى إلى إختفاء التأثيرات الهلينية والرومانية في الفن، بالإضافة إلي إنسحاب اللغة القبطية من الأقباط وحلول اللغة العربية، وأيضاً ظهور التواصل الثقافي مع كنيسة روما وما ظهر من تأثيرات فن النهضة على الفن القبطي والإتجاه بكثرة إلى الفن الكتابي وحياة ومعجزات السيد المسيح والإتجاه أيضاً، ناحية تصاوير البشارة والعائلة المقدسة والميلاد والعشاء الرباني والصلب والقيامة، والتأثر بمظاهر الفن العربي وخلفيات التصاوير من العناصر الطبيعية المحورة. ثم ما إستجد علي الساحة السياسية في مصر من تطاحن القوي المملوكية مع بعضها البعض بالإضافة إلي تعرض مصر لعدة كوارث طبيعية مختلفةوكان ذلك في القرنين الرابع عشر والخامس عشر مما أدي إلي تقليص دور الفن القبطي، بسبب إنهدام كثير من الأديرة والكنائس وعدم القدرة علي إعادة بنائها، وبالتالي إنعدام حركة فن التصاوير تقريباً بالمخطوطات القبطية رغم كثرة نساختها.
وتناولت الرسالة ثلاثة أبواب، الباب الأول منها يتحدث عن: تأثير المتغيرات السياسية وفترات الحكم على تصاوير المخطوطات وهو مكون من ثلاث فصول، الفصل الأول منه يتحدث عن نبذة تاريخية عن الرسومات بالمخطوطات ما قبل القرن العاشر الميلادي ، حيث تم البحث في حركة النساخة مع ظهور المنسخScriptoriumبالأديرة والكنائسووتداول الكتب والمخطوطات وماجاء بخصوص ذلك من مراسلات وخطابات مختلفة بين النساخ والمهتمين بقراءة الكتب، وطلبات نسخ هذه الكتب وما يطلبونه من تزين لهذه الكتب بالتصاوير المختلفة المعبرة عن محتواها ،ذلك من أجل المنفعة الخاصة أو لتغذية مكتبة الدير أو لتوفير كتب القراءات الكنسية، وتحدث ها الفصل عن بدايات الرمزية في الفن القبطيى عموماً والذي بدأ مع ظهور المسيحية في مصر.
ثم تناول الفصل الثاني التصاوير في المخطوطات في العصور الطولوني، والأخشيدي, والفاطمي…من القرن العاشر حتى القرن الثاني عشر والجدير بالذكر أن مصر في تلك كانت رغم استقلالها الذاتي تدين بالتبعية والولاء لعاصمة الخلافة، ونلمس بعض الإدهار لفن التصاوير في فترة العصر الطولونيوالفاطمي، والتي عكست حياة المجتمع المصري شبه المستقرة مما ذاد من فن التصاوير بالمخطوطات القبطية، فإنتشرت رسومات العذراء والدة الإله والملائكة والشهداء، وتميزت منطقة الفيوم بفن تصاوير المخطوطات وكان لها سمات فنية خاصة بها في مناسخ أديرتها التي كانت منتشرة.
أما الفصل الثالث فيتناول التصاوير في المخطوطات القبطية في العصريين الأيوبي (أواخر القرن الثاني عشر إلي القرن الثالث عشر) والمملوكي من (القرن الثالث عشر وحتى القرن الخامس عشر) وقد بدأ إنتشار التصاوير الكتابية، على الأخص تصاوير مخطوطات العهد الجديد، ويذكر أنه فى أواخر القرن الثاني عشر تظهر لأول مرة مخطوطات قبطية وبجانبها النص العربي عندما حلت اللغة العربية محل اللغة القبطية، رغم محاولة الأنبا ميخائيل أسقف دمياط لإسترجاع اللغة القبطية بكتابة العهد الجديد كلة باللغة القبطية ووالتصاوير الدالة علي النصوص بها ولكن لم يجدي عمله نفعاً، وصار الأقباط لايعرفون التحدث أو الكتابة باللغة القبطية فبدأ الأقباط يدونون كتبهم وينقلونها من القبطية إلى العربية، مع المحافظة على النص القبطي الأصلي.
أما الباب الثاني فيتناول التقنيات الفنية في الفترات من القرن العاشر حتى الخامس عشر وهو يتناول ثلاث فصول حيث الفصل الأول يتحدث عن أنواع الورق التي حوت موضوعات الرسم ، وقد عرف الأقباط أولاً ورق البردي الذي إنتشر إستخدامه بقوة في السبعة قرون الأولي تقريباً، ثم تم الإتجاه إلى إستخدام جلد الحيوان الصغير بعد معالجته وتجفيفه، وبعد ذلك ظهر الورق الكاغد في القرن العاشر والذي إخترعه الصينيون أولاً، وإستطاع المصريون تصنيعه أيضاً وأصبح إستخدامه واسع الإنتشار في عالم الكتابة، أما الفصل الثاني فبتناول أنواع الأحبار والأدوات المستخدمة في تلك الفترة ،
وقد تعددت مصادر الأحبار فمنها المصادر المعدنية ومنها المصادر العضوية ،وكانت الأحبار تصنع إما بواسطة الناسخ أو في مصانع خاصة حيث تنتج بكميات أوفر وإما تستورد من الخارج، وكان للأحبار تصنع في داخل الأديرة الرهبانية وقد يكون بواسطة الناسخ نفسه، او تصنع في مصانع بالمدن المصرية الكبرى، وتباع بسوق الوراقين بالقاهرة وتتكون المادة المللونة من المستخلصات المعدنية كالأكاسيد أو المستخلصات النباتية والزهرية او من الحيوانات البحرية ويضاف إليها مادة اللاصق لتثبيت اللون كالصمغ العربي أو الغراء الحيواني أو زلال البيض، ويتناول هذا الفصل أيضاً أدوات الرسم كأقلام الكتابة والفرش (الفراجين) والمقالم والمدية والمساطر والمحابر والدواة والممسحة والمسقاه. وهذه الأدوات كانت تصنع من الإمكانيات الطبيعية المتاحة والمتوفرة.
أما الفصل الثالث فهو عن الأساليب الفنية المتبعة في كل فترة، فقد تميز التصوير القبطي بالمخطوطات القبطية بسمات فنية خاصة، تظهر حياة القداسة والنقاء الروحى، لذا إستخدم البعد الأول في تصاويره وأيضاً البساطة حتى أن الفنان بخطوطها لإنسيابية يمكنه أن تيظهر قوة أدائه والهدف المرجو من التصويرة، وقد بث عامل الحركة وعدم الجمود والألوان الناصعة، وقد ضع المصور القبطي رسوماته داخل إطار محدود بإستخدام الزخارف أو التجاويف (الحنيات) أو العقود، وإلتزم الفنان القبطي عامة بتصوير موضوعات محدودة تعزز عقيدته وتدافع عنها، فخرجت موضوعات خاصة بالفن القبطي قد أبرزت معالم جديدة للتطور، فقد إزداد الإهتمام بالواقعية التاريخية، فأخذت موضوعات “العهد الجديد” (بالكتاب المقدس) فى الإزدياد، ونظراً لأن هذه الموضوعات تمثل أحداثاً تاريخية لذلك قد حملت الصفة التذكارية ،كما ظهر الإهتمام بتجميع الأحداث في تسلسل تاريخي, ومن بينها موضوع إثبات تجسد الله الكلمة وأن العذراء والدة الإله ، وظهر الإهتمام برسم علامة الصليب على صفحات المخطوطات فأن عادة رسم “الصليب” قد إنتشرت منذ الفترات المسيحية المبكرة خاصة من خلال فن اليوطا ، وقد سادت الألوان الأحمر والأصفر والبنى والأبيض والإرجوان في تصاوير هذه الفترات ، مع تسليط الضوء علي أسباب إنعدام التصاوير بمخطوطات القرنين الرابع عشر والخامس عشر تقريباً ، مع توضيح أوجه التشابة والإختلاف للسمات الفنية بين المخطوطات القبطية المصورة والمخطوطات المصورة فى مصر (المدرسة العربية) من القرن العاشر وحتى القرن الخامس عشر.
ثم نستعرض الباب الثالث والأخير عن الموضوعات المصورة في مخطوطات تلك الفترات والخلفية اللاهوتية والعقائدية، ويحوي ثلاث فصول الفصل الأول موضوعات مصورة من العهد القديم والعهد الجديد ، حيث رغم ندرة تصاوير العهد القديم بالمخطوطات القبطية، ولكن كان هناك كثرة في موضوعات العهد الجديد، وربما يرجع السبب في ذلك إلى توجه الكنيسة أيام البابا غبريال بن تريك لترجمة الكتب المقدسة خاصة القراءات الكنسية إلى اللغة العربية، فكان العهد القديم له نصيب أقل فى الترجمة للغة العربية، بالمقابل للعهد الجديد، وسبب آخر ربما يرجع إلى حقيقة إختفاء الكثير من المخطوطات القبطية عامة عبر القرون، أو السبب هو تنامي كتابة مخطوطات العهد الجديد، والتي تمثلت في كتب القطمارسات والتي تحوى قراءات رسائل أبائنا الرسل والأناجيل الخاصة بقراءات اليوم أثناء العمل الليتورجي بالقداسات اليومية.
تم إستعراض الفصل الثاني في تصاوير السيد المسيح والسيدة العذراء مريم والملائكة حيث أصبح الفن الواقعي سائداً كتصاوير السيد لمسيح والعذراء والملائكة والقديسين أمراً عادياً بعد القرن الثامن الميلادي وقد ساهم ذلك في تثبيت الفكر اللاهوتي والعقيدي خاصة ضد الأفكار الأريوسية والنسطوريه، وحيث ظهرت حرب الأيقونات في القسطنطينية في القرنين الثامن والتاسع ، فكانت هذه التصاوير خير مدعم للإيمان الأورثوذكسي، مع تسجيل لكل الكتابات سواء باللغة القبطية أو اليونانية أو العربية المصاحبة للتصويرة القبطية.
أما الفصل الثالث والأخير فيتناول الموضوعات المصورة للشهداء والقديسين، وتمت الإشارة إلي القديسين غير المعروفين والتي لم يتمكن الباحث من معرفتهم ، إما لعدم كتابة الإسم أو لتقادم الورقة المرسوم عليها بسبب عوامل زيادة الحموضة أو الحريق أو القطع، فقد تم دراسة أساليب فنهم والسمات الفنية التي إنفردوا بها، سواء في منطقة الفيوم أو دير الأنبا شنودة رئسيس المتوحدين أو أديرة حاجر إدفو أو أديرة وادي النطرون، وقد تم التعليق علي هذه التصاوير بعد شرحها من زاوية إرتباطها بالسيرة الأصلية الواردة بالمخطوطة، أومن الناحية العقائدية والطقسية بالكنيسة القبطية.
وقد إهتم الباحث بوضع قاموس للمصطلحات الواردة والمتعلقة بهذا المجال، ووضع جدول يحوي قائمة بجميع التصاوير الواردة بهذه الرسالة مع كتابة جميع الملومات المتعلقة بكل تصويرة كوصف لكل تصويرة وتم وضع صور لأنواع الورق والمقالم والأدوات وصور للنباتات والأكاسيد التي إتعان بها المصور القبطي في مخطوطاته.وقد جمع الباحث 274 تصويرة من المخطوطات القبطية من مكتبات الأديرة والكنائس القديمة والمتحف القبطي بالإضافة إلى مكتبات الخارج كالفاتيكان وباريس الأهلية وواشنطن وغيره.
النتائج والتوصيات:
1- كان للمنسخ القبطي “Scriptorium “ مكانة كبيرة بالأديرة والكنائس القديمة لأنه يعد مكان إنتاج الكتب في صورتها النهائية،وهو المكان المخصص للنسخ، حيث كانت الأديُرة مهتمة بحِفْظ تُراث الأباء من الإندثار والذي يحمل كل المعارف اللاهوتية والعقائدية والتاريخية والأدبية ، وكان يعمل بالمنسخ فريق من الرهبان المهرة، الذين لهم دراية كافية، يعملون معاً لكل منهم مهمته فهناك من يقوم بكتابة المخطوط، ومن يقوم بزخرفته وتزيينه بالرسوم، ثم تسليمه لمن يقوم بتجميع صفحات المخطوط وتجليده ليصبح كتاب، وأخيرًا راهب يراجعه ويصحَّح ما به من أخطاء.
2- لقد ساهم المصور القبطي بجهد لا يستهان به في التواصل الحضاري والثقافي وجعل فنه خطاً مشتركاً بين الثلاث حضارات الفرعونية والقبطية والإسلامية من خلال تأثيره وتأثره بفنون وعلوم هذه الحضارات وقدم للإنسانية أسمي صورة لمعاني التعايش وقبول الأخر وإحترام فنون وثقافات الأديان الأخري.
3- إحتلت أوراق البردي المكانة الأولى فى الكتابة والتصوير عليها حتي القرن السادس الميلادي تقريباً ثم تحولت الكتابة والتصوير علي الجلد (الرق) إلي نهاية القرن العاشر تقريباً ثم تم إستخدام الورق الكاغد ، الذي ظهر في مستهل القرن العاشر الميلادي وإنتشر إستخدامه، وكان رخيصاً بالمقارنة بتكلفة تصنيع ورق البردي أو الرق.
4- تشابهت المخطوطات القبطية في بعض من اساليب الفن المصري القديم، إلا أن الفنان القبطي ملئ التصويره بالشخصيات المقدسة وذلك قبل القرن العاشر الميلادي وقد تحول الأمر بعد ذلك في بعض التصاويرحيث أمتلئت بالعناصر الطبيعية وموضوعات من العهد الجديد، كما أن القدماء المصريون كانوا يبثرون الكتابات الهيروغلفية في المساحات الفارغه للتصويرة، اما المصور القبطي فقد قلل من النصوص المصاحبة وإكتفي بأسماء الأشخاص أو جمل مختصرة جداً لتوضيح مضمون التصويرة، أيضاً صور الفنان المصري القديم الملوك بحجم أكبر من الشخصيات الأخري، وبذلك صور الفنان القبطي السيد المسيح الملك والسيدة الغذراء مريم و الشهداء و القديسين بحجم أكبر من غيرهم، بالأضافة إلي تعويض الفرغات بالعناصر الطبيعية من نباتات و اشجار و حشائش و جبال و معمار وذلك هروباً من الفراغ في التصويره، وايضاً سياقاً لما تأثر به الأقباط من الفن المصري القديم فقد وضع تصاويره داخل إطار محدود مزخرف بفروع النباتات الصغيره، ويكون في شكل إنحناءات أو على شكل العقود المختلفة، وقد يكون الإطار إما مربع أو مستطيل بخطوط حمراء او سوداء ، وقد إعتاد المصور القبطي أن يرسم الشخص داخل حدود هذا الإطار المرسوم حتي ان رأسة و قدمة تكاد تلامس الإطار الأعلي والأسفل وهذا ماإختلف فيه المصور القبطي عن المصور اليوناني.
5- خرج المصور القبطي في بعض الأحيان عن قاعدة الفن المصري القديم الذي تميزت وجوهه بالشكل الدائري المنتفخ، بينما رسم الفنان القبطي غالبية وجوهه بشكل مستطيل أو بيضاوي وذلك كما في تصاوير مخطوطات الفيوم وحاجر إدفو، كما صورت الوجوه بالمواجهة حتي لو كان وضع الجسم جانبي كما في تصاوير الشهداء، و في نفس الوقت لم يهنم الفنان القبطي بإبراز الضوء أو الظل.
6- أهمل المصورين الأقباط قواعد المنظور المعروفة لذلك غاب البعد الثالث من تصاويرة مع الأخذ في الأعتبار قليل من المصورين قد اخذوا بمنظور الفن الهليني خاصة قبل القرن العاشر الميلادي.
7- إهتم المصور القبطي بإبراز عنصرالحركة في تصاويره والتي بدت في حركة الأشخاص و الأشجار والوجوه والأيادي، وذلك رغم أن الجمود والصلابه تبدو علي وجوه الاشخاص ألا أن المصور كان يظهر الفرح أو الحزن عن طريق ميل الرأس و إحنائة أو حركة الفم والحواجب رغم ثبات حركة القدمين المتباعدتين عن بعضهم بالوضع الجانبي أو وضع الثلاثة أرباع.
8- إمتلأت التصاوير في المخطوطات القبطية منذ القرن العاشر بالألوان الطبيعية المختلفة ليثري بها المصور مخطوطاتهلتكون أكثر قيمة فنية ، وتكون متوافقة مع دلالات كل لون من الناحية اللاهوتية ووفقاً للكتاب المقدس ، وقد برع الأقباط في صناعة هذه الألوان من مساحيق الأحجار وعصارة النباتات وأحياناً من جذوره ومن بعض الحيوانات البحرية ، ونلاحظ أن المصور القبطي قد صنع درجات الألوان من الألوان الأصلية كدرجات الأحمر ودرجات البني ودرجات الأخضر ودرجات الأزرق.
9- حرص المصور القبطي أن تكون تصاويره مصاحبة للنصوص المكتوبة متأثراً في ذلك بطريقة التدوين عند الفراعنة حيث يصاحب النص تصويرة دالة علي فحوي النص فتصبح التصويرة وسيلة إيضاح للنص وكانت الكتاب التي فى القرون الأولى تكتب باللغتين اليونانية والقبطية ثم بعد القرن العاشر ظهرت العربية.
10- نلاحظ أن الكتابات علي التصاوير القبطية كانت إما باللغه القبطية الصعيديه أو باللغه القبطية البحيريه أو اللغه اليونانية بحروف قبطية أو باللغة العربية ومن المعلوم ظهرت بعض الأخطاء الأملائية في هذه الكتابات نظراً لانسحاب اللغه القبطية كلغة تحدث و كتابة بين الأقباط وحلول اللغه العربية بينهم حلولاً متدرجاً بداية من القرن السابع الميلادي و حتي القرن الثالث عشر حيث سادت اللغه العربية علي عموم كل مصر.
11- رغم أن الرمزيةكانت مهيمنه حتى القرن السادس تقريباً لكن أستمر أستخدامها حتى بعد القرن العاشر، فقد كانت الرمزية محل إهتمام الفنان القبطي فقد وضع الأربعة أحياء غير المتجسدين حول المسيح البانطوكراتور، وأستخدم الحروف اليونانية في الأشارة إلي الصفات اللاهوتية للسيد المسيح وأستخدم رمزية السمكه و الحمامة والنسروالطاووس والحية (التنين أو الحيوان شبة الأدمي) والدائرة، وأيضاً إستخدم الألوان كرموز دالة علي الملوكية و النصرة و الشر والتضحية و الفردوس، كما أستخدم أيضاً أساليب فنية أخرى كرموز كالملائكة اللذين يحملون ثياب السيد المسيح في تصويرة عماد السيد المسيح من يوحنا و أيضاً جلوس السيد المسيح علي رأس المائدة في تصويرة العشاء الفصح وتلقي الملاك دم المسيح من جنبه الأيمن في كأس في تصويرة الصلبوت.
12- حرص المصور القبطي علي توضيح المعتقد الأرثوذكسي في تصاويره و توضيح العقيدة ماعدا بعض المصورين غير أرثوذكسين (روم أو كاثوليك) قاموا بتزيين وتصوير أحد المخطوطات القبطية فجنحوا في بعض الأفكار الإيمانية ، لذا فمن الأهمية قدرة الباحث في التميز مابين ماهو صحيح ويتفق مع إيمان الكنيسة القبطية وما يتفق مع إيمان الكنائس الأخري، وتكون الحاجة شديدة لتحقيق المخطوطة ذاتها.
13- لم نعثر خلال الدراسة علي أي مخطوطات مصورة من القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشرحيث مرت الكنيسة القبطية بأسوأ عصورها في عهد المماليك الشراكسة والتي حكمت سنة 1382م وإستمرت حتي الفتح العثماني سنة 1517م حيث حل وباء الجدري ثم حل وباء الطاعون وزادت المجاعة فى مصر بعد إنتشار هذهالأوبئة فحصد الكثيرين حتى أن البلاد كانت تسير سيرا حثيثاً نحو الخراب حتى عام 1388م، وإنهدم كثير من الأديرة والكنائس ولم يتم إعادة ترميمها حيث سحبت جميع أوقافها، حتى إنه فى عهد البابا غبريال الخامس (الثامن والثمانون فى العدد – 1408م – 1427م) فرغت الخزانة البطريركية من المال. أما مكتبة كلاً من دير الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، فذكر فى هوامش عدة كتب خطية ما يؤيد أنهما كانتا عامرتان بالمخطوطات القديمة الثمينة قبل إجتياح بدو الصحراء للدير وتخريبه وقتل الكثير من رهبانه ، وجعلالمطبخ داخل الكنيسة ، وإستخدامالمخطوطات الثمينةكوقود لطبخ طعامهم،وظلوا في الديرين مدة ثمانون عاماً ، من عام 1448م إلي عام 1525م. ولم تكن مصر بعيدة عن كثرة الفتن والأوبئة وغلاء الأسعار والزلازل ونقص منسوب النيل، وقد أطلق المؤرخGeorg Grafعلى الفترة بعد القرن الرابع عشر “عصر الظلام”، وبالتالي إنعكس ذلك علي الحركة الثقافية بالكنيسة وشحت الحركة الفنية بها وإنتاج المخطوطات المزينة بالتصاوير العالية التكلفة.
14- إستخدم النساخ الأقباط مقالم لحفظ أقلامهم وفُرشاتهم، مثل أجدادهم الفراعنة وهي عبارة على علبة خشبية مستطيلة أومعدنية سواء نحاسية أو فضية أو ذهبية أو الجلدية، قد تكون مزخرفة من الخارج والداخل وبها قسم به تجاويف لوضع أصباغ الألوان، أما القسم الأخر فهو لوضع الأقلام والفُرشاة.وإنتشر عند الأقباط الحوافظ الجلدية المزخرفة بصور القديسين.
15- ومن خلال الدراسة تبين أهمية توسيع مجال دراسات الفن القبطي من خلال دراسة التصاوير القبطية بالمخطوطات القبطية حيث إن هذه التصاوير هي مرأه حقيقية و أنعكاس للفن القبطي عبر العصور منذ القرن الأول الميلادي وحتي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي نظراً لعدم وجود إي أيقونات قبطية بين أيدينا من القرن الأول و حتى السابع عشر الميلادي فهي شحيحة للغاية ماعدا عدد أيقونات تعد على أصابع اليد وبعض من الرسومات الجدارية بالكنائس و الأديره القديمة لذا فإن التصاوير القبطية في المخطوطات القبطية الباقية حتي اليوم هي من أهم الأدوات التي تساعدنا على دراسة تاريخ الفن القبطي و سماته وأساليبة وتطور مراحله.
16- كما يمكن دراسة تطور الطقوس الكنسية من خلال معاينة هذه التصاوير ومقارنتها بما هو متبع الآن بخصوص طقوس الليتورجية وممارسة الأسرار الكنسية كالمعمودية والتناول و غيرة والمناسبات الكنسية وبخصوص الملابس الكهنوتية وغيرها، بالإضافه يمكن دراسة بعض الأفكار اللاهوتية و العقائدية الموجودة في هذه التصاوير و يمكننا فتح باب الدراسة بالتحليل والنقد بما يتوافق مع عقيدتنا الأرثوذكسية و إيمان الكنيسة القبطية.
17- أهمية ترميم هذه التصاوير بصفحات المخطوطات المنتشرة بمكتبات الداخل والخارج، وحث المرممينلترميم هذه التصاوير ترميماً يتفق مع الأسلوب العلمي الدقيق، وحفظها بطريقه علمية، بعيدا عن مؤثرات الرطوبة ونمو الحشرات والفطريات، والتي تؤدي بدورها إلى تلف الأوراق خاصة الحامضية منها ،وذلك لأجل حفظهذا التراث الإنساني، وحفظ القيمة الفنية والعلمية لهذه التصاوير الهامة.
18- أهمية إنشاء مكتبة إلكترونية لضم كل التصاوير والزخارف القبطية، وما كتب عنها وما يتعلق بدراستها وحمايتها وطرق ترميمها ليكون هذا الموقع الإلكتروني خير سند وعون للدارسين والباحثين في مجال الفن القبطي عامة وعلم الكوديكولجي خاصة.
19- تفعيل التواصل الرسمي مع أمناء مكتبات المخطوطات بالخارج حتي نحصل على تراثنا من المخطوطات القبطية الموجودة هناك وذلك علي أقراص الكومبيوتر CD أو الهارد ديسك Hard Disks لتوفير هذا التراث بين يدي أبنائه وتناوله بالدراسة والبحث وإثراء المجال الأكاديمي الخاص بالدراسات القبطية وعلى الأخص مجال دراسة المخطوطات.
20- فتح باب تسجيل المخطوطات وتحقيقها DiscussionofManuscript في كنائسنا وأديرتنا القبطية، حتى يتسنى للباحثين والدارسين إمكانية دراسة الفن القبطي من خلال الزخارف والتصاوير ومدي تأثرها وتأثيرها في الفنون الأخرى، والحكم على هوية المصور ومعتقده.