اليوم الثاني من الشهر المريمي
الرُّوح القدس يبعث الخلق الجديد في مريم العذراء :
” إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَينزِلُ عَليكِ ” ( لوقا ١ : ٣٥ ) . نعم، سيحلّ عليك يا مريم . كما حلّ على قدّيسين آخرين في العهد القديم ، وسوف ينزل على آخرين في العد الجديد ، لكنّه فيكِ سيحلّ عليك بالخِصْبِ، والغزارة وبفيض دَفِقه في كامل كيانِكِ . وحتّى بعد أن تمتلئي منه، سيستقِرُّ حالاًّ عليكِ ، ويرِفّ فوق مياهكِ كي يصنع فيكٍ عملاً أفضل يفوق برَونقه السَّمَوات والأرض . كما حدث عندما ” رُوحُ اللهِ يُرفُّ على وجهِ المياه ” ( تكوين ١ : ٢ ) في بداية الخلق جاعلاً المادّة تتطوّر لتأخذ أشكالاً متنوّعة . “وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ” ( لوقا ١ : ٣٥ ) . إن الرّب يسوع المسيح الذي هو قدرة الله وحكمته، سيظلّلك، حينئذٍ، سيأخذ منكِ الطبيعة البشريّة ، وسيحتفظ، في طبيعته الإلهية ، بفيض القدرة الإلهيّة التي لا تستطيعين أن تحمليها. سيظلّلك لأن الطبيعة البشريّة التي سيأخذها مَن هو ” كلمة الله ” ستكون حجابًا أمام النور الإلهي الصعب الإدراك والفهم بعقلنا البشري ، هذا النور المنخفِض بسبب هذا الحجاب سيدخل أحشاءك الطاهرة .
نتوسّل إليك يا مريم ، يا ملكتنا، يا أمّ الله القديسة والكاملةُ الطهارة ، ألاّ تزدَري الذين يطلبون بإيمانٍ وثقة ، ويبحثون بتقوى ويقرعون بمحبّة وورع .
نرجوكِ يا أُمّ الله ، قولي لنا ما هي العاطفة التي حرّكت قلبكِ، وأيّ حبّ امتلككِ ، عندما يسوع أخَذ جسدًا مِنكِ؟ في أيّة حالة كانت نفسكِ وروحكِ وحواسكِ ؟ في أيّة حالة كان قلبكِ وفكركِ ؟
كنتِ تشتغلين كالعلّيقة التي رآها موسى وما كنتِ تحترقين ( خروج ٣ : ٢ ). كنتِ تذوبين في الله بدون أن تفنين . كنتِ مضطرمة وتذوبين في النار الآتية من فوق ، لكن من هذه النار الإلهيّة ؟ كنتِ تستعيدين القِوى لكي تكوني دومًا مضطرمة وتذوبين فيه..
بقوة الرُّوح القُدُس ، أصبحتِ بتولاً جميلة أكثر من قبل، لا بل أكثر من بتول، لأنكِ أصبحتِ بتولاً وأمًّا طاهرة في وقتٍ واحد .
نوجّه لكِ السلام ، ” يا ممتلئة نِعمةً ، الرّبّ مَعَكِ ” ( لوقا ١ : ٢٨ ) ، ” مباركة أنت في النساء ومبارك ثمرة بطنكِ ” ( لوقا ١ : ٤٢ ) . لنزداد معرفةً بكِ وبإبنكِ المتجسّد منكِ ، يسوع المسيح .