أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري، أن المنشآت الدينية المسيحية والإسلامية اشتملت على خدمات خاصة بأهل المنطقة وأهمها المنشآت العلاجية داخل الكنائس والمساجد ويعطي نموذجين أحدهما منشأة علاجية داخل كنيسة المدينة بأرشية فيران القديمة بسيناء والنموذج الآخر بيمارستان قلاوون بشارع المعز.
ويوضح الدكتور ريحان أن كنيسة المدينة تقع داخل تل محرض الأثري بوادي فيران بسيناء الذي يضم مدينة بيزنطية متكاملة من القرن الخامس والسادس الميلاديين وقد أسس هذه الكنيسة الراهب موسى وخصصت للرهبان الأطباء كوزماس ودميان، وذلك من خلال نقش العتب العلوي للباب الجنوبي للكنيسة الذي عثر عليه في حفائر البعثة الألمانية موسم فبراير- مارس 1995 تحت إشراف منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية وهو نقش باللغة اليونانية، وعلاوة على استخدام الكنيسة في الخدمات الدينية أيام الأحد والأعياد، فقد استخدمت أيضا لعلاج المرضى ويتضح ذلك من عمارتها حيث يوجد مقاعد للجلوس على طول الجانب الداخلي للجدار الجنوبي، وعلى طول جدران الحجرة جنوب شرقية الكنيسة والتي استخدمت في هذه الكنيسة لجلوس المرضى، كما يوجد حجرة بالنهاية الغربية من الرواق الجنوبي استخدمت لتسخين المياه وتجهيز الطعام للمرضى.
وبخصوص بيمارستان قلاوون يوضح الدكتور ريحان أنها كلمة فارسية تعني دار الشفاء ويقع بشارع المعز لدين الله الفاطمي وكانت البيمارستانات مستشفيات عامة تعالج فيها الأمراض الباطنية والرمدية والعقلية وتمارس فيها العمليات الجراحية ويعتبر البيمارستان هو الأساس الحقيقي للمستشفيات المعاصرة وبنى بيمارستان قلاوون عام 683هـ،؛1284م واستغرق البناء ثمانية شهور وجدد عام 726هـ، 1326م أيام الملك الناصر محمد بن السلطان قلاوون وجدده مرة أخرى الأمير عبد الرحمن كتخدا ويتكون من صحن أوسط وأربعة إيوانات خصصت لمرضى الحميات وخصصت قاعات لمرضى الرمد وللجراحة وقاعة للنساء.
ويضيف الدكتور ريحان أن البيمارستان اشتمل على أماكن لإعداد الطعام والأدوية وقاعات لدروس الطب وقد عمل في هذا المستشفى عددًا كبيرًا من أشهر أطباء مصر منهم ابن الأكفاني السراج وعبد الوهاب الساوى وزين الدين عبد المعطي كبير جراحي الماريستان، وقد ذكر هذا المستشفى كثير من الرحالة الأجانب الذين وفدوا إلى مصر في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين كما تعهد الملوك والأمراء بعمارته وتجديده وإصلاحه واستمرت أبواب الماريستان مفتوحة حتى بداية القرن الحالي وقد تحول اليوم إلى مستشفى للرمد يعرف بمستشفى قلاوون.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن المؤرقون من المرضى كانوا يعزلون في قاعة خاصة يستمعون إلى القصص والحكايات الذي يلقيها عليهم القصاص وكان المرضى الذين يستعيدون صحتهم يعزلون عن باقي المرضى ويستمتعون بمشاهدة الروايات المضحكة والفرق الغنائية التي كانت تأتي خصيصًا لهم وكان يعطي لكل مريض حين خروجه من المارستان خمس قطع من الذهب حتى لا يضطر إلى الالتجاء إلى العمل الشاق في الحال.