يرى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حماية حقوق الملكية الفكرية تمثل مشكلة حقيقية في مصر حيث تستحوذ مصر على نحو 10% من براءات الاختراع في إفريقيا عام 2016 )أحدث بيان متاح(وهو ما يمثل نحو 0.02% فقط من إجمالي عدد براءات الإختراع التي تم تسجيلها في العالم ، كما شغلت مصر مركزًا متأخرًا (119) من بين 180 دولة في مؤشر “تسجيل الملكية” الوارد كمؤشر فرعي لمؤشر ممارسة الأعمال وفقا لأحدث تقرير صادر عن البنك الدولي لعام 2018 ، منوهًا أن عدد الطلبات المقدمة من المصريين للحصول على براءات اختراع بلغ 920 طلب في عام 2016، في حين بلغت البراءات الممنوحة بالفعل 73 براءة اختراع أي ما يقدر بنحو 8% فقط من إجمالي الطلبات المقدمة، مقابل 92 براءة اختراع ممنوحة عام 2015 أي بنسبة انخفاض تُقدر بنحو 21%، ويتراوح نصيب المصريين منها بين 30% إلى 40% مقارنةً بعدد الأجانب المتقدمين (قاعدة بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء) ، وأن ظاهرة انخفاض تسجيل براءات الإختراع تعود إلى العديد من الأسباب، ومن أهمها: غياب وجود كيان موحد يكون معنيا وحده بتنظيم حقوق الملكية الفكرية في مصر حيث يتولى عدد من الوزارات والمحاكم والمكاتب الحكومية عمليات تقييم وتطبيق حقوق الملكية الفكرية ، وضعف الإطار التشريعي الخاص بتنظيم حقوق الملكية الفكرية في مصر، حيث يشوب القانون رقم 82 لسنة 2002 عدد من نقاط الضعف، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، عدم الدقة واستخدام عبارات فضفاضة كالتي وردت بالمادة الثانية من القانون بشأن عدم منح براءات الاختراع إلى الاختراعات التي من شأنها المساس بالأمن القومي، أو الإخلال بالآداب العامة أو الإضرار بحياة وصحة الإنسان والنبات والحيوان…إلخ، مما قد يحرم العديد من الاختراعات من الظهور إلى النور حيث يخضع تفسير هذه المادة للتقدير الشخصي للجهاز الإداري.
وأوضح “المصرى للدراسات الاقتصادية” أن هناك عدم الدراية الكافية من المتقدمين بشروط ومعايير الحصول على براءات الاختراع وغيرها من حقوق الملكية الفكرية، خصوصا وأن الموقع الاليكتروني لمكتب براءة الاختراع متوقف عن العمل ، فالدور غير الكافي لمكتب براءات الاختراع المصري في تدريب المتقدمين للتسجيل، وذلك في ضوء كتابة وصياغة معظم طلبات المصريين بشكل خاطئ مما يؤدي إلى تأخير أو عدم الحصول على براءة الإختراع ، كما أن نقص الكوادر الفنية القادرة على فهم وتقييم الاختراعات بمكتب براءات الإختراع ،منوهاً إلى أن هناك صعوبة إتمام إجراءات تسجيل العلامات التجارية وبراءات الإختراع لتعددها وطول مدة إتمامها ، حيث تعدد حالات الغش وعدم إحكام حماية حقوق الملكية الفكرية مما يؤدي إلى عدم إقبال الكثير من المنتجين على تسجيل علاماتهم التجارية مما يحد كثيرا من جهود البحث والتطوير لعدم الثقة في القدرة على حمايتها من السرقة.
وأشار “المركز” إلى أن الافتقار إلى الثقة من جانب رجال الأعمال والمؤسسات الصناعية في القدرة الفنية للباحثين المصريين، حيث تحجم المنشآت الصناعية عن تشجيع الاختراعات المصرية، بل وتفضل استيرادها من الخارج. هذا بالإضافة إلى عدم اهتمام الكثير من المنشآت الصناعية بإقامة مراكز بحثية تابعة لها ، وأن عدم الدراسة الكافية من أصحاب الإختراعات عن مدى جدوى الإختراع حاليا أو مستقبلا والقدرة على تسويقه، وضعف التطبيق الفعلي للإختراعات على أرض الواقع، حيث استطاعت الصين أن تصل بنسبة تنفيذ الاختراعات لديها إلى 40 %، في حين تقدر هذه النسبة في مصر بنحو 10% فقط، وذلك وفقا لتصريح سابق لمدير مكتب براءة الاختراع، وهوما قد يرجع إلى عدم وجود قاعدة صناعية قوية تسمح بتطبيق البراءات بعد تسجيلها، ويرى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن هناك عدد من الأسباب لضعف الإهتمام بحماية حقوق الملكية الفكرية والمتمثلة فى براءات الإختراع والعلامات التجارية هى تفشي الاقتصاد غير الرسمي في مصر وتجنب القيام بأي إجراءات بالجهات الحكومية، مع ضعف الإبداع في العديد من الأبحاث الصادرة والتي تكون معظمها مجرد متطلبات أكاديمية للترقية بالكادر الجامعي، وبالتالي فمن الضروري العمل على حل المشكلات السابقة الذكر لتشجيع المنتجين والمبتكرين على تسجيل علاماتهم ومنتجاتهم.
من جانبه قال الدكتور إبراهيم عشماوي مساعد وزير التموين للاستثمار، ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، إنه سيتم إطلاق برامج توعية في وسائل الإعلام بهدف الاهتمام بتسجيل العلامات التجارية وبراءة الاختراع في مصر، وذلك بعد الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي بقيمة مليون يورو.
وأضاف رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، خلال اجتماع رؤساء مكاتب الملكية الصناعية في المنطقة العربية بمصر، الذي نظمته المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الوايبو»، اليوم الأربعاء، أنه تم توقيع مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي خلال مشاركته في اجتماعات الدورة الـ57 للجمعية العامة لمنظمة الملكية الفكرية العالمية، وتضمنت بحث أوجه التعاون بين المنظمة ومصر في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية.
وتابع رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أنه حصل على تمويل من الاتحاد الأوروبي، لتمويل الأرشفة الإلكترونية، حتى يكون لدينا أرشيف إلكتروني للعلامات التجارية المصرية، بحيث يتم تسجيل العلامات «أون لاين» عن طريق الإنترنت والمكتب التجاري التابع للمحافظة حتى لا يضطر المسجلين بالمحافظات إلى الحضور للقاهرة لتسجيل العلامة ، موضحاً أن مصر من أقدم الدول التي أسست كيان للعلامات التجارية والنماذج الصناعية عام 1940، حيث تعد مصر أقدم مكتب عربي وإفريقي وضمن أقدم 10 دول لتسجيل العلامات التجارية والنماذج الصناعية ، مشيراً إلى أن عدد العلامات التجارية 400 ألف علامة في مصر، لافتا إلى أن القانون المصري لا يوجد به مادة واحدة في القانون تلتزم المنتجين بعمل علامة تجارية، حيث تم اكتشاف العديد من القضايا الخاصة بغش العلامات التجارية خلال الفترة الماضية ، وقال «عشماوي»، إنه سيتوفر لأول مرة أرشيف إلكتروني للعلامات التجارية نهاية العام الجاري لأول مرة منذ أكثر من 70 عاما تقريبا، كما أنه سيتم التسجيل من خلال الإنترنت أو من مكاتب السجل التجاري بالمحافظات، ويتم ربط قواعد بيانات السجل التجاري مع قواعد بيانات العلامات التجارية.
الجدير بالذكر أن من أهداف حماية حقوق الملكية الفكرية ومنها براءات الإختراع والعلامات التجارية والتصاميم الصناعية وحقوق النشر إلى حفظ حقوق صاحب الفكرة المنتَج وحماية منتجه سواء أكان صناعي أو فني، وتمكنه من استغلاله والإستفادة منه مالياً منفردا لمدة معينة.
كما أنه هناك فارق ما بين الطلبات المقدمة للحصول على براءات الاختراع والبراءات الممنوحة بالفعل. فالأولى هي نماذج طلب براءة الاختراع التي يقوم المخترعون باستيفائها وتقديمها للجهة المختصة – وهي مكتب براءات الاختراع في مصر – للحصول على براءات الإختراع، أما براءات الإختراع الممنوحة فهي الشهادات الموثقة التي يمنحها مكتب براءات الإختراع للمخترعين، مما يحمي اختراعاتهم من استغلال الغير لمدة عشرين عاما غير قابلة للتجديد.