قال الدكتور غيث فريز، مدير مكتب اليونسكو الإقليمي للعلوم في الدول العربية، إن اليونسكو ومصر تربطهمها علاقة تاريخية ومتميزة، فقد كانت مصر واحدة من أوائل الدول العربية التي صادقت على الميثاق التأسيسي لليونسكو في العام 1946.
وأوضح فريز، خلال احتفالية مرور 70 عامًا على تأسيس مكتب اليونسكو الإقليمي للعلوم في الدول العربية – القاهرة، اليوم، الأربعاءـ أنه باقتراح من مصر أقيم منذ سبعين عامًا في قلب القاهرة أطلق عليه حينه اسم “مكتب اليونسكو الميداني للتعاون العلمي” وكان له دور إقليمي، واستمر التعاون بين اليونسكو ومصر منذ تلك اللحظة في مجالات اختصاص المنظمة من التربية والعلوم والثقافة والاتصال.
وأشار إلى أن الأعمال تتالت وكذلك النجاحات لمكتب اليونسكو في القاهرة على مدى السنون، سواء في مصر أو المنطقة العربية، وكان هنالك العديد من المحطات الهامة في تطور أعمال النكتب التي ربما كان من أهمها أعمال حماية التراث، ووضعت الأسس لمفهوم حفظ التراث العالمي، ولا زالت اليونسكو مستمر في هذا الدور، حيث قامت وبالتعاون مع وزارة الآثار بدعم إنشاء وإعادة تأهيل العديد من المرافق الثقافية بما فيها المتحف للحضارة المصرية في القاهرة الذي نجتمع وإياكم فيه اليوم محتفلين بثمار انجازات شراكتنا التاريخية.
وتوجه فريز بالشكر لمصر رئيسًا وحكومة وشعبًا على دعم اليونسكو منذ تأسيسها وعلى تقديم مبنى متميز افتتح هذا العام كمقر جديد للمكتب في السادس من أكتوبر، قائلًا :”شكرًا مصر”.
وأضاف مدير مكتب اليونسكو الإقليمي أن سبعة عقود مرّت على تأسيس مكتب اليونسكو بالقاهرة، قائلًا: “مازلنا متمسكين بشعارنا الخالد “بناء السلام في عقول النساء والرجال”، مهما بدا تحقيق هذا الهدف النبيل صعبًا وبعيدًا”، مشيرًا إلى أن تشكيل المعرفة والعلوم والتكنولوجيا مدخل اليونسكو الأساسي في التعامل مع هذا الأمر، باعتبار ذلك روافع أساسية لتقليص الفقر وتحقيق التنمية المستدامة وتوطيد السلام، وهذا ما أكدت عليه خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدتها جميع الدول العربية، والتي وسمت بأنها “أجندة العلوم” بامتياز.
وأكد أنه من هذا المنطق يقوم المكتب على المستوى الإقليمي بدعم الدول العربية في العديد من المجالات وبآليات مختلفة تتضمن تطوير وترويج العلوم الطبيعية، وضمان استفادة الجميع من أوجه التقدم العلمي، وإقامة اقتصادات ومجتمعات المعرفة، ويسعى المكتب بالتعاون مع جامعة الدول العربية وهيئات بحثية في الدول العربية على صياغة شرعة أخلاقية للعلوم والتكنولوجيا تأطرها وتحميها وترعاها.
وتابع حديثه قائلًا: “وخدمة للأجيال القادمة، يعمل المكتب على تطوير قدرات البلدان العربية على التصدي لتغير المناخ والتعامل مع تبعاته، كما يسعى لحماية التنوع البيولوجي الفريد في المنطقة من خلال الترويج لمحميات المحيط الحيوي والمنتزهات الجيولوجية كمركز للتعلم والتعليم، ويروج المكتب كذلك لاعتماد استراتيجية إقليمية للأمن المائي والأساليب والمقاربات التعاونية إزاء إدارة موارد المياه العابرة للحدود”.
واستطرد حديثه قائلًا: “تمتد نشاطات المكتب في مصر لتشتمل على العمل في مختلف مجالات اختصاص اليونسكو بما فيها دعم التعليم والثقافة وتسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصال لمحو الأمية لدى الفتيات والنساء وتمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وبكونه مكتبًا لكتلة مصر والسودان وليبيا، فإن المكتب ينشط في العديد من المجالات بما فيها دعم التعليم الجيد والشامل للجميع، وحماية التراث الثقافي الملموس وغير الملموس”.
وقال مدير المكتب الإقليمي إن ترسيخ البعد القيمي وتعزيز المقاربة الثقافية للتنمية المستدامة يحظيان بحصة واسعة من نشاط المكتب بالقاهرة، ومن المبادرات الهامة في هذا الإطار حماية التراث المادي وغير المادي والتعددية الثقافية، وتعزيز دور المتاحف والمؤسسات الثقافية كمراكز تعليمية وأماكن لتبادل الأفكار والمعارف، وتأتي هذه الأنشطة انطلاقًا من قناعتنا بأن حماية التراث هي ليست عملية ترفيه وإنما هي مسألة جوهرية لحماية الحاضر ولضمان استمرارية المستقبل.
وأردف فريز أن المكتب يسعى بالتعاون مع شركائه في المنطقة والعالم، وعلى رأسهم جامعة الدول العربية والأزهر الشريف؛ لمواجهة التطرف من خلال تعزيز مهارات الحوار لدى الشباب من ثقافات مختلفة، ومحو الأمية الإعلامية والمعلوماتية، ونشر وتعزيز مهارات الحوار ثقافة التسامح والانفتاح ابتعادًا عن خطاب الكراهية المشجع على العنف والإرهاب، كما نعمل بالتعاون مع تحالف المدن العربية لمناهضة العنصرية والتمييز لإقامة مجتمعات شاملة للجميع لا يستثنى فيها أحد من التنمية.
وختم فريز حديثه قائلًا: “نتعهد أمامكم بأننا لن نكتفي بالمشاريع والإنجازات التي حققناها حتى اليوم.. نعم هناك تحديات متعاظمة في المنطقة، ولكن هنالك فرص أكبر، فرص الشباب والثورة المعرفية وتوافر الموارد التي لابد لنا أن نتكاتف لاغتنامها من خلال التواصل والانفتاح البناء والمثمر لتأسيس المجتمعات المعرفية المستنيرة، نعم إننا نطمح إلى المزيد من التحرك، وإلى المزيد من العمل المطلوب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين رفاه الإنسان في مصر وفي الدول العربية كافة، ونحن نعتز بهذه الشراكة الكاملة مع اللجان الوطنية المصرية اليونسكو”.