· إصرارانا على الأخذ بالثأر غلب طائرات العدو المتقدمة
· سلاح الطيران يتوجب العمل المستمر والدؤوب
بطولاتهم راسخة في قلب التاريخ، وألقابهم خير شاهد عن صمودهم أمام العدو ففي الوقت الذي كانت فيه الشجاعة هي أقوى سلاح والإيمان بالنصر السبيل الحقيقي لتحقيقه… من هؤلاء الابطال في حرب أكتوبر “اللواء مدحت لبيب صادق ” صاحب لقب “أفضل قائد قاعدة جوية على مستوى القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر”… ليس هذا اللقب بالشئ الهين في المجتمع العسكرى في فإنه إن دل يدل على الوقوف أمام شخصية قوية عسكرية شامخة لا تعرف إلا النصر . فإلى هذا اللقاء
اللواء مدحت لبيب صادق تخرج في كلية الطيران في نوفمبر عام 1969 وكان قائد الكلية وقتئذ العقيد محمد حسني مبارك، أفي كان تخرجه في قلب حرب الاستنزاف، وفي عز العمل الشاق لتجهيز جيشنا العظيم لتحرير الأرض بعد نكسة 5 يونيو 1967 ، ورغم ذلك لم يرهب الدخول في هذا المعترك الشاق الملئ بالمخاطرات وكان التفاني في العمل والتسابق على اسقاط طيارات العدو هما الهدف الأسمى للواء مدحت لبيب بعد رحلة شاقة وطويلة في الطيران على طائرات مختلفة.
وفي يوم السادس من أكتوبر 1973 يقول اللواء مدحت كنت نقيب طيار مقاتل ضمن تشكيل مكون من أربع طائرات ميج 21 والتي كانت في ذلك الوقت العمود الفقري للقوات الجوية المصرية، وكانت هذه الطائرة مقاتلة اعتراضية مهمتها اعتراض وتدمير طائرات العدو في الجو، وكانت مهمة التشكيل هي حراسة مباشرة جنبا إلي جنب مع طائرات السوخوي التي كلفت بضرب مطار المليز وتدمير أي طائرة تحاول منع السوخوي من تأدية مهامها. وفي الساعة الثانية إلا عشر دقائق بعد ظهر 6 أكتوبر تم إقلاع الطائرات السوخوي ونحن وراءها طائرات الميج 21 بأعداد كبيرة دون اتصال لاسلكي والسير في خطوط السير المخططة مسبقا وعلى ارتفاعات منخفضة جدا وبسرعات عالية جدا حتي عبرنا القناة وكانت الساعة الثانية بعد الظهر وتم تدمير المطار في دقائق معدودة دون أي مقاومة من العدو.. واستشهد في هذه الطلعة الشجاعة رائد طيار عاطف السادات الذفي استشهد فوق مطار المليز أثناء الهجوم، والنقيب طيار محمود نبيل الذي حدث عطل مفاجئ في طائرته بعد عبور القناة أثناء العودة فاستشهد غرقاً حيث قفز بالمظلة في منطقة البحيرات.
لما بدأت إسرائيل تفيق من هول المفاجأة قامت بضرب مطاراتنا بالقنابل وهنا بدأت المهمة الأساسية لقاعدة المنصورة الجوية التي انتمي إليها وهي حماية سماء مصر في هذا القطاع ابتداء من بورسعيد حتي الإسماعيلية، فكانت طائراتنا المقاتلة تقلع لعمل مظلات فوق المطار لحمايته منذ أول ضوء وحتى قدوم الليل.. وخلال تلك الفترة اشتبكت مع طائرات العدو ثلاثة اشتباكات الأول: كان مع طائرات ميراج – 3 وإجبارها علي إلقاء قنابلها في الصحراء دون تنفيذ مهمتها.الاشتباك الثاني: كان في معركة جوية مع 4 طائرات سكاي هوك وتمكن زميلنا في التشكيل إسماعيل إمام من إسقاط طائرة منها لكنه استشهد بعد ذلك بعدة أيام، الإشتباك الثالث: كان يوم 11 أكتوبر 73 حيث قام تشكيلنا الرباعي من طائرات الميج 21 بالتوجه نحو 4 طائرات فانتوم للعدو واشتبكنا معها وكان التشكيل الإسرائيلي يتكون من أربع طائرات في البداية ألقت قنابلها في المزارع بمجرد أن شاهدت التشكيل المصري، واضطرت إلفي الدخول في اشتباك معنا، وجرى كل طيار مصرفي خلف طائرة إسرائيلية دون الكلام في اللاسلكفي، وانفردت بطائرة فانتوم إسرائيلية لمدة 15 دقيقة بلا أي معاونة أو مساندة من أحد.
ويستطرد اللواء مدحت حديثه قائلا: للعلم فإن الطائرة «الميج 21» التفي كنت أقودها كانت مسلحة تسليحاً بدائياً، بمقارنتها بـ«الفانتوم» الإسرائيلية، فتسليح الميج كان بمدفع مداه «300» متر، وصاروخ مداه كيلو متر وبعض القنابل، أما تسليح الفانتوم فكان صاروخ مداه 3 كيلو مترات، ومدفع مداه 700 متر وقنابل أكثر، إلا أن القوة الحقيقية لم تكن في الأسلحة إنما كانت ففي الإصرار علفي الأخذ بالثأر فكان قرارفي منذ البداية «الطيار ده لازم يقع»، وبعد المناورة الناجحة أصبحت «الفانتوم» ففي وضعها المناسب للضرب، فأطلقت المدفع ليصيب جناحها الأيمن وهوت حلزونيا إلفي الأرض حتفي انفجرت، وقمت بعدها ببعض المناورات الحادة للنزول بسرعة. وبجانب الثلاثة إشتباكات فإن حصيلة عمليات اللواء مدحت لبيب صادق أثناء حرب أكتوبر 50 طلعة جوية، منها مشاركته ففي الضربة الجوية الأولفي.
أما الدرجات العلمية والأوسمة والنياشين التي حصل عليها اللواء مدحت طوال مدة خدمته في القوات الجوية فكانت كالآتي: بكالوريوس الطيران من الكلية الجوية، بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الجوية، ماجستير العلوم العسكرية تخصص قوات جوية من معهد دراسات الحرب الجوية، درجة زميل كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا، نوط التدريب من الطبقة الأولي، نوط الخدمة الممتازة، ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة. ميدالية 6 أكتوبر، كأس أفضل قائد قاعدة جوية على مستوى القوات الجوية، وسام الجمهورية من الطبقة الثانية.
وعن المراكز القيادية التي تولاها أثناء الخدمة بالقوات الجوية من أكتوبر 1968 وحتي إحالته للتقاعد في يوليو 2004 فكانت كالآتي: قائد سرب جوي ميراج 2000، قائد لواء جوي ميراج 2000، قائد قاعدة أبوصوير الجوية، قائد قاعدة بني سويف الجوية، رئيس شعبة التفتيش الجوي.