لعل التحديث الجديد الذى أطلقه موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أثار حالة من الجدل وصدمة بين رواد الفيس بوك، حيث أتاح التحديث معرفة عمليات البحث الرائجة حولك حسب كل بلد، فكانت المفاجأة أن معظم المصريين يبحثون بشكل نهم عن صفحات جنسية، بل وتتصدر قائمة المشاهير فى عمليات البحث سما المصرى المعروفة بنشاطها الدائم عبر الموقع.
المفاجأة التى استيقظنا عليها اليوم هي انتقال عمليات البحث علي الفيس بوك إلى تغريدات وتنظيرات عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر وباتت تناقش القضية، وتتساءل كيف يشغل الجنس كل هذه المساحة فى تفكير المصريين.
وكعادة المصريون حيث لم يدعوا الفرصة تمر دون تحويلها إلى مادة للسخرية وحفلات “الكوميكس” بينهم، ومن هذا المنطلق كان لا بد من رصد وتحليل المشهد النفسى الذي ظهر جليًا علي مواقع التواصل الاجتماعي.
وليس من المستغرب اهتمام المصريون بالجنس عبر الانترنت، وليس الأمر بالجديد، فجاءت مصر متقدمة مع الأسف في المراكزالأولي في عمليات البحث عن المواقع الإباحية، بل وقد أوردت “الايكونوميست” البريطانية تقريرًا سابقًا حول صناعة الأفلام الإباحية ، واضعة مصر في المرتبة الأولي عربيًا بل والـ 18 عالميًا، في زيارة أشهر المواقع الإباحية، إلا أن ما صرنا بصدده اليوم وهو تصدر الجنس لعمليات البحث عبر مواقع التواصل الإجتماعي يعد ملفًا جديدًا من نوعه بل وصادمًا، ويجب فتحه وبحث مجرياته.
– إساءة استخدام التكنولوجيا، وعدم وجود ثقافة جنسية :
وعليه فقد قال دكتور/سعيد عبد العظيم “استشاري الأمراض النفسية والعصبية” في الصدد سابق الذكر: “لقد صرنا نعبر علي الإحصائيات والأرقام التى تلقي أمامنا دون أن نعطي لها معني، ولكن مع الأسف فإن الإحصائيات والأرقام لها معنى فالأرقام لا تكذب، مضيفًا إن الشغف بالمواقع الإباحية والجنسية لم يكن أبدًا الهدف من شبكات التواصل الإجتماعي علي الإطلاق، فلقد اخترعت وخرجت علينا مواقع التواصل الإجتماعي لزيادة التواصل والمعارف والخبرات والمعلومات، ولكننا أساءنا كعادتنا لاستخدام التكنولوجيا.
مؤكدًا “عبد العظيم” في كلامه أن ما كشفه موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك يكشف عن أزمة حقيقية يجب أن يتم النظر لها بعين الإهتمام ومواجهة الأسباب، وليس من الطبيعي أن تحتل عمليات البحث الجنسية كل هذه المساحة من حياتنا علي مواقع التواصل الإجتماعي.
متابعا أن العالم الذى أكتشف التكنولوجيا ويصدرها لنا يدبر لنا أيضا كيف يكون انعكاسها سيئ على المجتمعات العربية ومنها مصر، بمعنى أنهم يصدرون من خلال قنواتهم الفضائية أفلام بها قدر كبير من الإباحية حتى للأطفال وفى أفلام الكارتون يضعون بها قدر كبير من الإباحية، حتى وإن كان غير واضح، مشيرًا إلي أنهم باتوا يصدرون لنا مجموعة من القيم المنافية لقيمنا الدينية، ليدعموا مثل هذه التوجهات.
وأضاف أن مشكلتنا الرئيسية فى مصر هى عدم وجود تربية نفسية جنسية، فللأسف نحن لدينا تكتم على الجانب الجنسى، وينتج عنه تبادل معلومات خاطئة، وبسبب غياب المعلومات يتجه الكثيرون إلى المواقع الإباحية.
لافتًا إلي أنه فى التعليم المصرى نقدم للطالب معلومات عن كل شيء ونحجب الجانب الجنسى، فيتجه الطالب إلى البحث عنه، ويتجمع هذا حتى مرحلة الزواج، وبهذا لا تكون لديه المعلومات الصحيحة، فلا يصل لمرحلة الإشباع الجنسى فى الحياة الزوجية، وتظهر المشاكل والأزمات، وهذا ما جعل مصر تقف فى المرتبة الأولى فى نسب الطلاق على مستوى العالم.
كما تابع أنه لا يرى هذه الأرقام غريبة فى ضوء ما يعرفه عن الوضع فى مصر، فنحن ليس لدينا أى إعداد للصحة النفسية الجنسية لأطفالنا التى يجب أن تبدأ من مرحلة الروضة، بحيث يقوم عليها متخصصون يقدمون للطفل ما يتناسب مع عمره.
وأضاف أن الأديان تحترم الجنس وتنظمه، وهو العملية الوحيدة التى لها قيود، فالإنسان يأكل ويخرج ويتنفس وقتما يحب، ولكن العملية الجنسية هى الوحيدة الموضوع عليها قيود، ولهذا يجب أن نسمح بالتوعية بها مبكرا، حتى يتجنب أطفالنا منذ البداية التحرش الجنسى الذى يتعرضون له، ونوعيهم بالشكل المناسب، حتى يخرج الإنسان بصحة جنسية مناسبة.
– الكبت الجنسي وتأخر سن الزواج أساس المشكلة:
فيما قال دكتور/محسن العسيري “أستاذ الصحة النفسية والمشورة الأسرية”، إن الشباب المصري يعاني من أزمة كبت جنسي، موضحًا أن المواطنين في مصر والوطن العربي محرومون من ممارسة الجنس، ويتأخرون في الزواج، ولهذا السبب يكون شغلهم الشاغل البحث عن المواقع الاباحية، وأردف قائلأً: “الممنوع مرغوب، وللأسف هذا الكبت يجعلهم يبحثون عن المواقع الشاذة”.
وأضاف العسيري أن المواطنين في الدول المتقدمة فكريًا ومعرفيًا وثقافيًا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي في تكوين علاقات طبيعية، ولمشاهدة أبحاث علمية، ولتبادل الخبرات، لافتًا إلى أن الوضع الاجتماعي في مصر الذي يكبل الزواج بشروط مجحفة، ويفرض على الشباب طوق من الممنوعات، هو السبب الرئيسي في تكوين هذه الشخصية الباحثة عن الجنس في أي مكان
– لا بد من إغلاق الصفحات الجنسية علي الإنترنت :
وقال دكتور/ سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، إن مؤسسي هذه الصفحات يعملون على هدم الشخصية المصرية، موضحًأ أن هناك جيش من الممولين والعملاء يحاربون مصر والشباب المصري عن طريق صفحات الجنس، متابعًا :” إن نتائج البحث هذه تعبرعن أزمة معرفية وثقافية يعاني منها الشباب المصري”.
مشيرًا إلي ضرورة محاربة هذه الصفحات من خلال العمل على محورين، يتمثل أولهما في غلق الدولة للصفحات الجنسية، سواء على مواقع التواصل أو الانترنت، وثانيهما هو نشر الندوات في المدراس والجامعات للتحذير من خطورة هذه الصفحات ولزيادة ثقافة الشباب، مؤكدًا أن الأسرة لا بد أن تقوم بدورها التربوي بشكل حقيقي لحماية أبنائها من هذه الصفحات.
.