بعد أسبوعين من الخروج المُدوى لبريطانيا عن الإتحاد الأوروبى….
تخفيض الضرائب إلى 15 % بدلاً من 20 % بحلول 2020 : وزير المالية
الأسواق العالمية تخسر 2.1 ترليون دولار إثر قرار بريطانيا بمغادرة الإتحاد
“فيتش” : خروج بريطانيا يؤثر أيضاُ على أمريكا والشرق الأوسط وأفريقيا
كشف استطلاع للرأى فى بريطانيا أجرته مؤسستا (يوغوف YouGov) ومركز أبحاث الاقتصاد والأعمال (Cebr) أن مشاعر الثقة في صفوف قطاع الأعمال في بريطانيا انخفضت إلى حد كبير عقب الاستفتاء الذي صوت فيه البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، أن عدد الشركات التي تشعر بالتشاؤم حيال الاقتصاد في الأشهر الـ 12 المقبلة ارتفع إلى 49 % في الأسبوع الذي أعقب الإستفتاء من 25 بالمئة قبله ، كما كشف الاستطلاع الذي شمل ألفا من الشركات البريطانية عن أن 26 % من المشاركين باتوا يشعرون بالتشاؤم إزاء مستقبل شركاتهم، مقارنة بـ 16% قبل الإستفتاء ، مما يعزز الرأي القائل إن الاقتصاد يواجه أياماً صعبة في المستقبل القريب.
بينما خسرت الأسواق العالمية ما يصل قدره إلى 2.1 ترليون دولار إثر قرار بريطانيا بمغادرة الإتحاد الأوروبي، ويُعد ذلك – بحسب تقرير نشرته الـ – CNNأكبر مبلغ يتبخر من الأسواق المالية في يوم واحد مقارنة بأي وقت مضى، وفقا لشركة مؤشرات “S & P داو جونز” للأسهم الأمريكية. وأضاف التقرير: “لقد طغى ذلك على خسارة 1.9 ترليون دولار في 29 سبتمبر عام 2008، عندما صوت مجلس النواب الأمريكي برفض خطة إنقاذ وول ستريت” منوهًا أن الخسائر تُعد الأكبر في هذا الخروج والذي أصبح يُعرف إعلامياً بـ”Brexit“، ومازال يثير الإنقسام الشعبى حول القرار الذي فاجأ المستثمرين.
تخفيض الضرائب لتفادى الأزمة
من ناحية أخرى تعهد وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن بخفض الضريبة على الشركات لتشجيع أصحاب الأعمال على الاستثمار في المملكة المتحدة، وذلك في أعقاب الاستفتاء الذي انتهى بالتصويت لصالح خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
وقال أوزبورن في حوار مع مجلة “فاينانشال تايمز” إنه سيخفض الضرائب لتصبح 15% ، بدلاً من 20 % وهو ما يجعل المملكة المتحدة الأقل في ضرائب الشركات بين الاقتصادات الكبرى ، وأضاف : أن خفض الضرائب يأتي ضمن خططه لبناء “اقتصاد شديد التنافسية” بنسب ضرائب أقل. وأكد مسؤول في وزارة المالية صحة ما نشرته الصحيفة البريطانية، لكنه قال إن موعد تنفيذ الخطة غير معلوم حتى الآن ، وفي مارس الماضي قال أوزبورن إن ضرائب الشركات ستنخفض لتصل إلى 17% بحلول عام 2020.
وذكر بنك “إتش إس بي سي” لـ BBC أنه قد ينقل 1000 موظف من لندن إلى باريس، في حال بدأت المملكة المتحدة في إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي ، وقد حذر المدير التنفيذي لبنك “جيه بي مورغان”، أحد أكبر البنوك في العالم، الذي يوظف 16 ألف شخص في المملكة المتحدة، منهم ما يزيد عن 4 آلاف موظف في بورنموث، في وقت سابق في شهر يونيو ، من أن البنك لن يكون لديه خيار سوى تقليل عدد موظفيه في المملكة المتحدة، ونقل الوظائف إلى أماكن أخرى في أوروبا.
وقالت كيت فيتزباتريك، مستشارة في مجال انتقال الموظفين من بلد لأخر لدى مؤسسة “ميرسر” لخدمات الاستشارات في مجال الموارد البشرية في لندن، إن خروج بريطانيا وجه ضربة قاصمة للمغتربين الذين تفاوضوا من أجل إبرام عقود للعمل داخل بريطانيا في مقابل الحصول على مكافآت ومزايا، ويعملون لدى منظمات تعاملهم معاملة الموظفين البريطانيين.
كما حذر خبراء الاقتصاد من تأثير خطوة انفصال المملكة المتحدة. ويقول بول جونسون، رئيس معهد الدراسات المالية إن “الاقتصاد سيتعرض لهبوط شديد، قد يصل إلى حالة ركود تام، أو نمو شديد البطء”.
قطاع البناء والتشييد يتأثر
هذا وقد عانى قطاع البناء والتشييد في المملكة المتحدة حيث سجل أضعف أداء له خلال 7 سنوات حسب أخر احصاء، حيث قال بول فيرث مدير قطاع العقارات “عدد من الصفقات التي أعرفها فشلت أو تم تأجيلها بالتأكيد… الجميع قرروا التوقف حاليا لحين استقرار الوضع الجديد، ووفقا لبحث أجرته شركة (كوشمان آند ويكفيلد) للخدمات العقارية وصل حجم الاستثمارات العقارية التجارية في بريطانيا إلى 10.7 مليار جنيه استرليني في أول ثلاثة أشهر من 2016 بما يمثل انخفاضا نسبته 28 بالمئة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.
وذكرت وكالة فيتش للتصنيفات الإئتمانية أن تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يؤثر على دول الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال الأسواق والتجارة والمساعدات وإن كانت أي آثار فورية تبدو “محدودة”.
الإندماجات .. والنظام المالي العالمي
وأضافت “فيتش” قد يؤثر تباطؤ النمو البريطاني والأوروبي سلبًا على اقتصادات الشرق الأوسط وأفريقيا في وقت تعاني فيه بالفعل من ضغوط شديدة”، مشيرة إلى أن عشر دول من بين 29 دولة مصنفة في المنطقة قد أعطيت نظرة مستقبلية مستقرة ، وأوضحت الوكالة أن أبرز الآثار الفورية المترتبة على الانسحاب البريطاني يظهر في زيادة عزوف المستثمرين عن المخاطرة في حين يتوقف التأثير على مدى الاندماج مع النظام المالي العالمي ، منوهة أن التصويت لصالح الانفصال البريطاني أدى أيضاً إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي أمام معظم العملات في الأسواق الناشئة وهو ما سيزيد من أعباء الدين وخدمته على الدول ذات الميزانيات المثقلة بديون دولارية كبيرة.
وقد تكون الآثار المترتبة على تراجع النمو بمنطقة اليورو كبيرة أيضا على تونس التي تشكل صادراتها إلى منطقة العملة الموحدة 21% من الناتج المحلي الإجمالي والمغرب الذي تشكل صادراته 12% بحسب فيتش، وإن المغرب وتونس ومصر لديها انكشاف كبير على المملكة المتحدة عبر قطاع السياحة وإن كانت الحوادث الأمنية لها أثر سلبي كبير بالفعل على تونس ومصر، وفي الأمد المتوسط قالت فيتش إن الخروج من الاتحاد الأوروبي قد يتطلب من دول الشرق الأوسط وأفريقيا التفاوض على اتفاقات تجارة ثنائية مع الإتحاد للحفاظ على إمكانية الدخول إلى السوق البريطانية ومن المرجح أن يطول أمد هذه العملية.
المغتربين يواجهون مستقبل مجهول
فى حين تمضي الحكومة البريطانية قدماُ في تنفيذ إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي وإيقاف العمل بمبدأ حرية الحركة بين دول الاتحاد الأوروبي، فستكون وطأة القرار أشد على الأوروبيين المقيمين في الولايات المتحدة، ولكن هذا لا يمنع أن تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي له تبعات خطيرة وغير متوقعة على عشرات الآلاف من المغتربين القادمين من بلدان خارج الاتحاد الأوروبي، الذين يواجهون مستقبل مجهول ، وقد بدأ الكثيرون منهم بالفعل يلمسون انخفاضًا مفاجئًا في قيمة رواتبهم، لأنهم يتلقون رواتبهم بعملة البلد المضيف، أي الجنية الاسترليني، في حين عليهم أن يسددوا أقساط عقارية أو قروض أخرى في وطنهم بالعملة المحلية لبلادهم ، وبالتالى بأنه في ظل انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني، سيجد المغتربون في المملكة المتحدة صعوبة بالغة في تسديد المبالغ المستحقة عليهم في أوطانهم الأصلية .. وعندما تدفع كاتي سيدل، وهي أمريكية تقيم في المملكة المتحدة، الشهر الحالي القسط المستحق من قرض الطالب الذي حصلت عليه حين كانت تدرس في الجامعة في الولايات المتحدة، ربما لن يتبقى لها الكثير من صافي الراتب بعد اقتطاع مبلغ كبير منه.
احتجاجات فى شوارع لندن
من جهة أخرى تظاهر عشرات الآلاف من معارضي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في شوارع لندن احتجاجاً على خطوة أغرقت الحكومة في دوامة من الإضطرابات السياسية وأدت إلى استقطاب حاد في البلاد بين مؤيد ورافض.
وتجمع المتظاهرون في شارع “بارك لين” قبل أن يتوجهوا إلى مقر البرلمان في ثاني تجمع احتجاجي خلال هذا الأسبوع بعد صدمة نتائج استفتاء يوم 23 يونيو الماضي على الخروج من الاتحاد ، والتحف كثير من المتظاهرين الشباب بعلم الاتحاد الأوروبي، بينما رفع آخرون لافتات مؤيدة للبقاء في التكتل، وهتفوا “ماذا نريد أن نفعل؟ نبقى في الاتحاد الأوروبي”.. وقال الشاب ناثينيل سامسون (25 عاما) من هيرتفوردشاير شمالي لندن “لقد صدمت حقا في الصباح التالي للتصويت… أشعر بقلق شديد على مستقبلي، أنا في المسيرة لأعبر عن استيائي”، في حين كتب كيرن ماكديرموت -أحد المنظمين للمظاهرة- على صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الإجتماعي “يمكننا منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي برفضنا قبول الإستفتاء على أنه الكلمة الفصل وبرفع أيدينا عن زر التدمير الذاتي”.