جاءت نص الكلمة , الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب و السادة اعضاء مجلس النواب الموقر تحية طيبة لكم و لشعب مصر العظيم الذى تحمل الكثير كى نصل الى هذه اللحظة التاريخية التى يقف فيها رئيس الوزراء المكلف امام نواب الشعب طارحا عليهم برنامج عمل الحكومة للعامين و النصف المقبلين .
انها لحظة تاريخية .. تجسد حق الشعب ممثلا فى نوابه الموقرين فى ان يقروا برنامج عمل الحكومة بوصفه جزء من عقد اجتماعى و سياسى , و بناء عليه سنقف بوصفنا اعضاء للسلطة التنفيذية امام نواب الشعب مساءلين و مسئولين عما وضعناه من اهداف و ما التزمنا به من برامج عمل بعد اقرار برنامج عمل الحكومة باذن الله .
اضع بين ايديكم اليوم برنامج الحكومة الذى يؤسس لرؤية مصر 2030 التى اطلقها رئيس الجمهورية مؤخرا متعهدا باسمى و باسم كل عضو من اعضاء الحكومة باستكمال مسيرة العمل الوطنى بكل اجتهاد و امانة و شفافية عبر برنامج سياسى و امنى و اقتصادى و اجتماعى متكامل لن يكتمل الا بتضافر جهودنا جميعا لتحقيقه .
فعلى الرغم من كافة التحديات التى نواجهها الا اننا نجحنا فى تحقيق بعض التقدم , نعم لازالنا فى مرحلة الخطر و لكننا لا يمكننا تجاهل تحسنا طرأ على الاداء الاقتصادى من 2% الى 4,2% و تحسن تصنيف ” مصر الائتمانى ” و تراجع معدلات البطالبة من 13,3% الى 12,7% و هى مؤشرات تمنحنا الامل باننا على الطريق الصحيح رغم اننا مازال امامنا الكثير لانجازه الى جانب جهود الرئيس السيسى لحماية امن مصر لقومى من براثن السقوط فيما آل اليه مصير دول حولنا و استعادة مصر الدولية ايضا تنفيذ عديد من المشروعات القومية لتحقيق التنمية المستدامة .
و فى اطار المصارحة و الشفافية و اسمحوا لى ان القى الضوء على الوضع الراهن و اهم التحديات التى تواجه مصر فى المرحلة الحالية و التى ينبغى ان نتعاون جميعا لمواجهتها .. فلا يخفى على مجلسكم الموقر التحديات التى تواجه الامن القومى للوطن على الصعيدين العربى و الاقليمى بما يتطلب تعزيز الانفاق على خدمات الدفاع و الامن الداخلى و الخارجى بما يتطلب تعزيز الانفاق على خدمات الدفاع و الامن الداخلى و الخارجى و التطوير المستمر لقدرات مصر .
و مازلنا نواجه تحديات تتمثل فى الزيادة السكانية فى السكان و صعوبة الوفاء بمتطلباتها و التى تمثل تحديا رئيسيا امام تحقيق اهداف التنمية المستدامة و تشير الاحصائيات الى ان عدد سكان مصر قد ارتفع من 77 مليون نسمة فى عام 2009 الى 90 مليون نسمة فى نهاية عام 2015 بمعدل زيادة سنوية اقترب من 2,6% و هو من اعلى المعدلات على مستوى العالم بما يعادل ثمانية اضعاف نظيره فى كوريا الجنوبية و اربعة اضعاف نظيره فى الصين .. اكثر من 90 مليون نسمة على مساحة جغرافية لا تتعدى 7% بشكل اثر فى تراجع الخدمة و تأخر تطويرها و نتج عنه ارتفاع نسبة الامية و معدلات الفقر و البطالة الفعلية و المقنعة .
يمثل انخفاض جودة الخدمات العامة من تعليم و صحة و اسكان و صرف صحى و نقل و الحاجة الى ضخ المزيد من الموارد لرفع مستواها تحديا آخر يواجه الدولة الى جانب ما شهدته مصر السنوات الماضية من تباطؤ شديد فى النشاط الاقتصادى , يأتى ارتفاع معدل التضخم الذى تراوح بين 10 و 12% سنويا خلال الفترة 2011 – 2015 و هو معدل مرتفع و يمثل ضريبة يدفعها الفقراء و محدودى الدخل فضلا عن استمرار ارتفاع عجز الموازنة العامة و الذى بالرغم من انخفاضه الى 11,5% من الناتج المحلى الاجمالى خلال عام 2014 – 2015 مقارنة بحوالى 12,2% خلال العام المالى السابق الا ان نسبته لاتزال مرتفعة بالمقاييس الدولية و نلقى خدمة الدين العام باعباء ثقيلة على الاجيال الحالية و القادمة حيث تمثل خدمة الدين العام حوالى 244 مليار جنيه بما يعادل 28% من اجمالى المصروفات العامة فى موازنة عام 2015 – 2016 .
قد ساهم فى زيادة عجز الموازنة ما شهدته الفترة التالية ل 25 يناير 2011 من زيادة من غير مسبوقة فى مخصصات الدعم و الاجور حيث ارتفعت فاتورة الدعم من 93,6 مليار جنيه عام 2009 – 2010 لتصل الى حوالى 231 مليار جنيه عام 2015 – 2016 .
كما ارتفعت مخصصات الاجور من نحو 86 مليار جنيه الى نحو 318 مليار جنيه و تمثلت المحصلة النهائية فى ان حوالى 80% من الموازنة العامة للانفاق على صيانة و تطوير البنية و غيرها و ذلك كله دون زيادة مقابلة فى الانتاج مما يؤدى الى ارتفاع الدين العام الداخلى و الخارجى حيث ارتفع اجمالى الدين العام الحكومى الى نحو 2,3 تريليون جنيه بنسبة 93,7% من الناتج المحلى الاجمالى مقابل تريليون جنيه بنسبة 79% فى تريليون 2010
كما انعكس تراجع الانتاج على اختلال اوضاع اوضاع ميزان المدفوعات حيث ارتفع عجز الميزان التجارى من حوالى 25 مليار دولار عام 2009 – 2010 الى نحو 39 مليار عام 2014 – 2015 كما شهدت السنوات الاخيرة تراجعا كبيرا فى اعداد السائحين .
و لاشك ان حادث الطائرة الروسية كان له تداعياته السلبية خلال العام الحالى و هو ما نعمل جاهدين على التعامل معه .
انعكس ذلك على انخفاض صافى الاحتياطات الدولية من النقد الاجنبى بشكل حاد خلال السنوات الخمس الاخيرة حيث تراجع من 35,2 مليار دولار فى يونيو 2010 ليصل الى حوالى 16,5 مليار دولار فى ديسمبر 2015 الامر الذى يعنى تراجع عدد شهور الواردات السليمة التى يغطيها صافى الاحتياطات الدولية الى نحو 3,2 شهور .
و لا يخفى على احد انخفاض تنافسية الاقتصاد المصرى و الحاجة الى الاسراع بالاصلاحات الهيكيلية المعززة للتنافسية حيث بلغ ترتيب مصر فى مؤشر التنافسية العالمى الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى 116 من 140 دولة فى عام 2015 مقارنة بالمرتبة رقم 81 من 139 دولة فى 2010 – 2011 و ذلك لما يواجه الاقتصاد المصرى من منافسة لا يستهان بها من دول اخرى فى ظل حالة عدم الاستقرار التى تمر بها المنطقة المحيطة بمصر .
اخيرا يأتى المشهد الاقتصادى العالمى و ما يحيط به من مخاطر قد تنعكس على سرعة تعافى الاقتصاد المصرى و تحدث اضطرابات سعرية و ضغوطا فى اسعار السوق فى الاقتصاديات الناشئة و تأثر بعض القطاعات كالسياحة و قناة السويس و هى تطورات تفرض تحديات اضافية على الاقتصاد المصرى و تؤكد اهمية الاستمرار فى الاصلاحات الاقتصادية و استغلال ما يمكن من فرص للاسراع فى تنمية الاقتصاد .
السيدات و السادة اعضاء المجلس الموقر , اردنا من ابراز التحديات السابقة فى بداية عرض برنامج الحكومة رسم صورة واضحة من الوضع الراهن فى اطار من المصارحة .. و اود تأكيد عدد من المبادىء الاساسية التى تحكم برنامج عمل الحكومة تتمثل فى اننا جاهدون فى عملية الاصلاح على كافة المستويات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية و الادارية .. ثانيا رغم المشاكل و التحديات كبيرة و ضخمة الا اننا عازمون على اتباع المنهج العلمى السليم فى مواجهتها و تبنى افكارا جديدة و سيصبح علينا اتخاذ عديد من القرارات الصعبة و التى طالما تم تأجيلها الى ان وصلنا اليوم الى ما نحن عليه .
ثالثا اى اجراء اقتصادى سوف يصاحبه برامج للحماية الاجتماعية بالقدر المناسب كما ان اى برنامج اجتماعى لن يتم الا بتضافر موارد تمويلية بما يضمن استدامة و استمرار استفادة المستهدفين منه .
رابعا لن نتهاون مع الفساد و سنعمل يدا بيد مع مجلسكم الموقر و مع الاجهرة الرقابية كافة لمكافحة اشكال الفساد , و خامسا سنعمل مع القطاع الخاص و سنعالج البيروقراطية و سنبدأ فى اعادة بناء الجهاز الادارى للدولة على أسس من الكفاءة و النزاهة و الفعالية .
سادسا ان رضاء المواطن و صالحه هما قلب برنامج الحكومة و بالتالى ستحظى الموضوعات التى تهم المواطن كالتعليم و الصحة و الاسكان و الصرف الصحى باولوية مطلقة و لكن علينا ان نعى ان هذا الاصلاح يحتاج الى استثمارات ضخمة و برنامج زمنى متوسط المدى تظهر فيه النتائج الايجابية التى ننتظرها جميعا .
نواب شعب مصر .. شرعت الحكومة فى اعداد برنامج متكاكل يمتد تنفيذه حتى يونيو 2018 فى اطار استراتيجية التنمية المستدامة و رؤية مصر 2030 و نعتزم مراجعة ما يتم انجازه على ارض الواقع بشكل دورى و تقييمه لتعديل الخطوات و المسارعة فى اصلاح الاخطاء على ان تكون هناك مراجعة شاملة فى يناير 2018 لاعداد برنامج جديد يراعى المستجدات على الساحة المحلية و الدولية و يأخذ فى الاعتبار مستهدفات المرحلة الثانية و التى تمتد حتى نهاية العالم المالى 2020 – 2021 و اود التأكيد ان الحكومة انحازت للمواطن بشكل تام .
تتمثل اهداف و محاور برنامج الحكومة اولا الحفاظ على الامن القومى المصرى فى مواجهة التحديات المحلية و الاقليمية و العالمية , ثانيا ترسيخ البنية الديمقراطية لمصر الحديثة و تدعيمها , و ثالثا تبنى رؤية للتنمية الاقتصادية الشاملة و المتوازنة قطاعيا و جغرافيا .. رابعا ترسيخ مبادىء العدالة الاجتماعية و رفع كفاءة الخدمات بهدف حماية الفئات المهمشة و الاولى بالرعاية و العمل على دفعها خارج بؤرة الفقر . خامسا تطوير البنية الاساسية الداعمة للنشاط الاقتصادى و للتنافسية و تحقيق التنمية القطاعية المتكاملة .. اما سادسا الاسراع فى تطبيق ااصلاح الادارى الى جانب تعزيز الدور الرائد لمصر اقليميا و دوليا على النحو الذى يتناسب مع مكانها و امكانياتها .