علي امتداد رحلة وطني الممتدي خمسين عاما توقفت أقلام وتواري زملاء رووا شجرةوطني اليانعة الخضراء بقطرات عرقهم ومازالت صورتهم أمام عيوننا من هؤلاء الزميل الراحل ماهر عياد آخر الأقلام التي سقطت ورحلت منذ عامين -24مايو2006-وكان عطاؤه مستمرا, إلا أنه رحل عن دنيانا في الولايات المتحدة أثناء زيارته لولديه أمير ومنال حسب ما اعتاد قضاء بعض الوقت معهما كل عام.
فوجئ القراء في عدد 28مايو2008 وبالصفحة الأولي صورة الزميل الراحل وخبر بعنوانرحيل ماهر عيادوكلمات قليلة مغلفة بالحزن تقولرحل عنا زملينا الأستاذ ماهر عياد وهو من الرعيل الأول الذي ساهم بجهد وفير منذ تأسيس وصدور الجريدة,وظل يشاركها بجهوده إلي أن انتقل إلي الأمجاد السماوية أثناء زيارته لأمريكا وشيعت جنارته يوم الجمعة أول أمس.
انضم الزميل ماهر عياد إلي وطني بعد سنوات معدودة من صدورها وهو زمن لم تكن الصحافة تعرف فيه التخصص بالصورة الدقيقة التي نعرفها اليوم,ومن هنا كانت مصادره عديدة وكتاباته متنوعة…كتب في الطب وأجري حوارات مع عدد كبير من مشاهير الأطباء,وكتب في الأدب والرياضة والفن,وكانت أشهر أعماله حديثه مع الفنان العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ.
وتخصص في الأخبار الكنسية…وتقدم في عام1968إلي الأستاذ أنطون سيدهم بفكرة تخصيصبابيجمع أخبار كل الكنائس باسمأخبار الأحدورحب الأستاذ أنطون سيدهم بالفكرة,وبدأ علي الفور في تنفيذها,وظل من يومها يعد هذا الباب أسبوعيا حتي ساعة رحيله…وكان حريصا علي ظهورالبابأسبوعيا…ولم أره غاضبا ثائرا وهو الهادئ الوديع إلا في الأسبوع الذي كان يختفي فيهأخبار الأحدلأسباب تتعلق بمساحة الإعلانات وعدم استيعاب الصحفات لكل الأبواب..والأكثر غرابة هو حرصه علي تحريربابه الأسبوعيحتي أثناء غيابه بالخارج,ولهذا لم نعرف-إلا فيما بعد-بوعكته التي داهمته في الشهرين الأخيرين من حياته واضطراره للإقامة في أحد مستشفيات نيوجرسي بالولايات المتحدة ليعالج من الآلام المبرحة للمرض الخبيث الذي تسلل إلي جسده ,حتي انتقلت روحه الطاهرة إلي الفردوس وصلي علي جثمانه نيافة الأنبا ديفيد أسقف عام الكنيسة القبطية بأمريكا بكنيسة مارمينا بنيوجرسي يوم الجمعة26مايو2006.
وعلي امتداد أكثر من أربعين عاما ظل الزميل الراحل ماهر عياد يتابع أخبار الكنيسة ويعايش أحداثها وينقلها إلي قراءوطني الذين كانوا ينتظرونها بكل لهفة وشوق..وامتدت حياته الصحفية ليعاصر أحداثا مهمة في تاريخ الكنيسة..عاصر رسامة البابا كيرلس السادس واقترب منه خلال حبريته وتنقل معه في زياراته للكنائس والأديرة واستقبالاته للرؤساء والملوك والوزراء والمسئولين في مصر والخارج…وعاصر نياحته وعاش وسط الآلاف الذين توافدوا لوداعه…وعاصر انتخابات البابا الجديد ونقل لقراء وطنيمراسم سيامة البابا شنودة الثالث…وكان قريبا من قداسته ومن الأحبار الأجلاء مطارنة وأساقفة الكنيسة القبطية والآباء الكهنة,وكان أمينا فيما يكتبه وينقله دون ضجيج أو افتعال,وكان قريبا من كل الكنائس والطوائف.
كان بحق صاحب قلم مسكوني…وعندما أطوف بين صفحات مجلداتوطنيأجد اسمه متنقلا بين تسجيل لقاءات البابا شنودة ورصد القداسات واحتفالات الأعياد وأحاديثه مع الآباء المطارنة والأساقفة حول قضية دير السلطان,ولقاءات كنائس أفريقيا,ومؤتمرات الحضارة والآثار القبطية.
علي صفحات أخري أحاديث مع الكاردينال أسطفانوس الأول بطريرك الكاثوليك في السبعينيات,ورصد للاحتفالات الخاصة بذكري تجلي العذراء بسانت فاتيما…وعلي صحفات أخري أنشطة الهيئة الإنجيلية ومؤتمراتها وخدماتها.
إن كان الرب شاء واختاره قبل عامين فقط من احتفالنا باليوبيل الذهبي للجريدة التي أعطاها كل نبضات قلبه وفكره فإننا نشعر أنه معنا بكل ما سجله قلمه المسكوني علي صفحاتوطنيوليعيننا الرب كما أعانه.