صعود ملموس في بداية العام.. وموجة هبوط من مايو الماضي لاتزال مستمرة
4% نسبة تراجع البورصة المصرية بين الأسواق المتقدمة.. و1% بين الأسواق العربية
شهدت البورصة المصرية خلال النصف الأول من العام الجاري 2010 حالة من عدم الاستقرار مثلها في ذلك مثل العديد من بورصات العالم التي اتجهت غالبيتها للانخفاض تأثرا بأزمة مديونية اليونان, التي آثارت المخوف بين المستثمرين من احتمالية انتقال أثار الأزمة إلي دول أخري ومدي تأثير ذلك علي مستقبل النمو الاقتصادي في العالم. يذكر أن الاقتصاد المصري حقق نموا بلغ 5.1% خلال التسعة أشهر الأولي من العام المالي 2010/2009 مقابل 4.7% خلال الفترة ذاتها.
وبالرغم من ذلك تأثرت البورصة بالتقلبات في أداء أسواق المال في العالم. فبعد أن بدأت السوق العام الحالي واحتلالها المرتبة الأولي علي كل أسواق العالم كأكثر الأسواق نموا خلال تلك الفترة وفقا لمؤشرات موجان ستانلي إلا أن السوق شهدت موجة هبوط بداية من مايو لتغلق السوق خلال النصف الأول من العام بانخفاض طفيف بلغ 2.8% بالنسبة للأسهم القائدة في حين منيت الأسهم المتوسطة بتراجع أكبر بنسبة بلغت 18% وفقا لمؤشر EGX70.
وتجدر الإشارة إلي أن رئيس الوزراء أصدر قرارا بتعيين د. خالد سري صيام في رئاسة البورصة بدلا من ماجد شوقي اعتبارا من منتصف الشهر الجاري, مما يشير إلي وجود تقلبات السوق وتكبد المستثمرين خسائر كبيرة.
د. محمد تيمور رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية يختلف مع أصحاب الرؤي المتشائمة حول أوضاع البورصة, وأوضح أنه بالرغم من التقلبات التي شهدها النصف الأول من العام الجاري إلا أن السوق المصرية تمكنت من الحفاظ علي مستويات سيولة جيدة, حيث حققت قيمة تداول اقتربت من 146 مليار جنيه بعد استبعاد الصفقات وهو مستوي السوق ذاته في العام السابق 2009, كما حافظت السوق أيضا علي كمية تداول تقترب من 16.7 مليار ورقة مالية وهو وضع يتساوي تقريبا مع مستويات العام السابق. ورغم التقلبات التي شهدتها أسواق المال في العالم, إلا أن السوق المصرية كما قال محمد تيمور نجحت في جذب استثمارات أجنبية قوية خلال النصف الأول, حيث بلغ صافي استثمارات الأجانب غير العرب 4 مليارات جنيه وهو معدل جيد للغاية, خاصة إذا ما قورن بالفترة ذاتها من العام السابق عليه, والتي سجلت صافي بيع 2.6 مليار جنيه.
ويضيف د. تيمور أن أوضاع البورصة المصرية ليست بكل هذا السوء كما يتخيل البعض, خصوصا صغار المستثمرين الذين يفتقدون تماما لثقافة البورصة والاستثمار فيها, لأننا إذا قمنا بمقارنة أحوال البورصة المصرية بالأسواق العالمية من جهة والعربية من جهة أخري لتأكدنا أن حالة التراجع في البورصة المصرية هي حالة قهرية فرضتها الظروف العالمية والإقليمية وأننا الأقل ضررا بين البورصات الأخري. التي شهدت تراجعا خلال النصف الأول من العام الحالي 2010, وقد بلغت حدة الانخفاض 50% في بعض الدول وذلك وفقا لمؤشر مورجان ستانلي للسعر, بينما سجلت مصرأداء وسط الأزمة حيث حافظت البورصة علي تماسكها مسجلة تراجعا نسبته 4% خلال النصف الأول من العام الحالي. وبالنسبة للبورصات العربية فقد شهدت هي الأخري أداء متباينا خلال النصف الأول من العام الحالي 2010, وإن اتجه معظمها إلي الانخفاض حيث سجلت بورصة دبي وحدها أعلي تراجع بنسبة 18% تلتها بورصتي عمان وأبوظبي بانخفاض قدره 9% و8%, بينما جاءت مصر في مكانة جيدة مقارنة بالأسواق العربية الأخري. حيث سجلت تراجعا طفيفا 1%.
ويرجع أحمد إسماعيل المحلل المالي والفني بإحدي كبريات شركات الوساطة المالية هبوط البورصة لانتشار الشائعات داخل السوق المالية بشكل محكم ومتقن ذلك للتأثير علي الأسعار وحركة البيع والشراء مما يدفع بالأسهم للصعود وأخري للهبوط دون وجود أسباب حقيقية لذلك. وأضاف إسماعيل أن الفترة المقبلة خاصة بعد التغيرات التي طالت الإدارة العليا بالبورصة ستشهد بعض الغموض في طل مخاوف عالمية من تدهور في الاقتصاد العالمي تأثرا بأزمتي ديون اليونان والعملة الأوربية اليورو وهو أمر إن حدث سيوثر سلبا علي بورصتنا, وطالب إسماعيل المتعاملين خاصة صغار المستثمرين بالمزيد من الحذر واليقظة وعدم الإنصات للشائعات حتي تنجلي الأزمة.
هاني توفيق الخبير المالي يري أن حالة القلق التي تمسك بتلابيب معظم المستثمرين في سوق المال خاصة الصغار منهم تلعب دورا بارزا في حالة عدم الاستقرار التي نلاحظها في الوقت الراهن إلي جانب حالة الخوف بل والفزع لدي الكثير من المستثمرين من استمرار الأزمة العالمية أو زيادة حدتها. ولذلك فإن الضرورة تحتم علي بعض صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية توفير سيولة جديدة سواء لسوق الأوراق المالية أو السندات مما يدفعها للنمو.
ويقول باسم رمزي الخبير المالي الذي يدير قسما للبحوث بإحدي الشركات الكبري في مجال الوساطة المالية إنه من الخطأ حصر أزمة البورصة المصرية في مبيعات الأجانب ومشترياتهم, ولكن الأزمة نتيجة لعوامل كثيرة خارجية وداخلية, وإن كنت أري أن شريحة كبيرة جدا من المستثمرين المصريين ليست لديهم علي الإطلاق أية ثقافة بالبورصة من تداول من عمليات وشراء من تعاملات, مما أدي لإصابة الكثيرين منهم بخسائر جسيمة.
ودعا رمزي هيئتي سوق المال والرقابة المالية بضرورة وضع آليات جديدة تحكم استثمارات الأجانب خاصة الاستثمارات قصيرة الأجل في ضوء الخسائر التي منيت بها مؤخرا من جراء عمليات البيع المكثفة التي قاموا بها لتعويض خسائرهم في البورصات العالمية.
وأضاف وائل جودة الخبير في أسواق المال أن بورصات الدول النامية ومنها مصر لاتزال تعاني مشكلات فيما يتعلق بتطبيق معايير ومبادئ الحوكمة ومن أبرزها وعلي رأسها الشفافية والإفصاح وغياب المساواة والعدالة التي تعني في سوق المال تطبيق العقوبات بشكل حازم وقاطع علي الشركات المخالفة لقواعد السوق وأسس التعامل.
ناصف نظمي الرئيس الأسبق لبورصة الأوراق المالية يري أن البورصة المصرية ليست بحالة الوهن الشديد كما يتخيل البعض. فالتراجع الملحوظ أسبابه كثيرة خارجية وداخلية ومعظم هذه الأسباب يعود في المقام الأول والأخير للأزمة المالية العالمية منذ عام 2008, ثم أزمة ديون اليونان التي تفجرت هذا العام لتجر ورائها سلسلة من أزمات ديون دول أوربية كبري مثل إيطاليا وإسبانيا ثم تهاجمنا جميعا أزمة اليورو وتأثيرها السلبي علي كل شيء بما في ذلك البورصة.
وطالب نظمي بنشر ثقافة البورصة وتعاملاتها بين كافة أوساط المصريين وليس فقط المتعاملين وكذلك تشديد الرقابة وتطبيق الشفافية بالكامل في كافة التعاملات. وتوقع أن تكون الشهور المقبلة جيدة للبورصة لو واصل الاقتصادا لعالمي تحسنه وهدأت التوترات في منطقة الشرق الأوسط, فرأس المال يبحث دائما عن المناطق الآمنة.
وقال ماجد شوقي الذي قاد البورصة في مرحلة صعبة بل وحرجة جدا واستطاع أن يصل بها لشاطئ الأمان بأقل خسائر ممكنة إنه رغم التقلبات التي شهدتها أسواق المال في العالم إلا أن السوق المصرية نجحت في جذب استثمارات أجنبية قوية خلال النصف الأول. حيث بلغ صافي استثمارات الأجانب غير العرب 4 مليارات جنيه وهو معدل جيد للغاية مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وأضاف شوقي أن النصف الأول من العام الحالي شهد حدثا بالغ الأهمية وهو إطلاق التداول في بورصة النيل في الثالث من يونية الماضي كأول سوق في المنطقة للشركات المتوسطة والصغيرة, كذلك تم رفع الحد الأقصي لرأسمال الشركات المقيدة في بورصة النيل إلي 50 مليون جنيه, مما يفتح الطريق أمام عدد كبير من الشركات المتوسطة الواعدة للدخول إلي هذه البورصة وأنه تم توقيع اتفاقية مع شركة Millenniumit إحدي شركات مجموعة بورصة لآن لإمداد البورصة المصرية بأحدث نظم للرقابة علي التداول. حيث من المتوقع أن يسهم النظام الجديد في كشف التلاعبات بسرعة وفاعلية وبما يضمن الحفاظ علي مستويات الشفافية والعدالة في السوق.
ومواكبة للاهتمام المتزايد من قبل المستثمرين بمدي تطبيق مبادئ المسئولية المجتمعية – يقول ماجد شوقي – إن مؤسسة ستاندر أندبورز بالتعاون مع البورصة المصرية ومركز المديرين المصري أصدرت أول مؤشر للشركات المسئولة مجتمعيا. ويعد هذا الموشر الأول من نوعه علي مستوي أسواق الشرق الأوسط, وثاني البورصات علي مستوي الأسواق الناشئة التي تطلق مثل هذا المؤشر.