• الكنيسة التي وضع حجر أساسها البابا شنودة الثالث ودشنها البابا تواضروس الثاني
• البابا يعدد ملامح الجمال في معمودية الكنيسة ذات الطابع العصري والطقسي معاً
• زوجة مؤسس الكنيسة تحكي رحلة البحث عن أرض الكنيسة دامت لأكثر من عشرين عاماً
• حضن الآب رسم جداري غير مسبوق بريشة فنان كوري غير مسيحي
كنيسة القديسة العذراء والقديس يوحنا المعمدان ببان اللوق والتي دشنها البابا تواضروس الثاني في شهر أكتوبر 2014، يعد تدشينها بمثابة ميلاد لهذه الكنيسة التي تخدم 600 أسرة مسيحية في منطقة وسط البلد واستغرقت رحلة البحث عن ارض لبنائها أكثر من 20 عاما ونحن نتجول في أرجاء هذه الكنيسة والتي تتميز بمعالم جمالية روحية وأبرزها – ونحن نحتفل بعيد الغطاس المجيد- المعمودية ذات الطراز الفني المتميز
لنتعرف بين جنباتها علي معالمها الروحية والطقسية والفنية، أيضاً لنعرف قصة بحث عن أرض لبناء هذه الكنيسة دامت لأكثر من عشرين عامًا.
معالم الجمال
أشار قداسة البابا تواضروس الثاني في عظة تدشين كنيسة العذراء والقديس يوحنا المعمدان بباب اللوق إلى أن تاريخ تدشين الكنيسة هو بمثابة ميلاد حقيقي لهذه الكنيسة تم التدشين في 16 بابه 1731 ش الموافق 26 أكتوبر 2014، وأشار البابا في كلمته إلى ثلاثة ملامح للجمال في الكنيسة.
المعمودية المميزة للكنيسة فهي معمودية عصرية وبها رموز طقسية في أرضيتها والجدران، ورموز ومختارات من أسفار الكتاب المقدس، وجسم المعمودية مزين برسومات وموضوعات كتابية ونزول المياه من فتحات مثل الشلال على مدرجات حجرية بها أعطاها جمال وتميز عن أية معمودية أخرى.
وجود آيات مكتوبة في أرجاء الكنيسة لتكون أمام المصلين فيظل كلام الكتاب المقدس حياًّ، وفعالاً وأمضى من سيف ذي حدين، وعندما تكون كلمة الله أمام الإنسان تصبح كالمرعى المفتوح – على حد تعبير القديس يوحنا ذهبي الفم – فيأخذ منه الإنسان فلا ينتهي.
وجود خضرة ونباتات طبيعية داخل الكنيسة وفوق الشبابيك والخضرة رمز للفردوس والحياة الأبدية.
رموز ودلالات
عندما ذهبنا لعمل موضوع عن الكنيسة بعد قداس التدشين ولتميز الكنيسة في فنها المعماري ومعموديتها المتميزة، التقينا بترتيب من الله بصاحب النيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة وسكرتير المجمع المقدس، وتحدثنا معه عن قيمة الكنيسة وأهمية تدشين كنيسة في وسط البلد فحدثنا قائلاً:
الكنيسة هي جماعة المؤمنين المجتمعين حول جسد الرب على المذبح بقيادة الإكليروس في حضور الملائكة والقديسين، فقبل وجود مبنى الكنيسة الحالي كان يجتمع شعب وسط البلد مع الكاهن المبارك القمص بيشوي فريد، والذي انتدبه البابا شنودة الثالث منذ عام 1990، وعقب عودته من السويد لخدمة شعب وسط القاهرة وهو أصلاً كاهن كنيسة المرعشلي بالزمالك، وهذا الشعب كافح طويلاً ليصبح له كنيسة وتنقل كثيراً وكان آخر مكان لهم في كنيسة العذراء والأنبا بيشوي في شارع الجيش، ونظراً لكبر سنه وصعوبة الانتقال لبعض أفراد الشعب إلى هذا المكان؛ فكان ترتيب الله لشراء قطعة أرض لبناء كنيسة عليها هو الحل الأمثل لتقديم خدمة روحية فعالة ومتميزة، وكانت كنيسة القديسة العذراء والقديس يوحنا المعمدان التي قام قداسة البابا تواضروس الثاني بتدشينها، بعد أن صدر قرار جمهوري ببنائها عام 2006 وكان سيدشنها قداسة المتنيح البابا شنودة الثالث، ولكن استغرقت المباني وقتاً كبيراً بسبب وجود مياه جوفية كان لابد من سحبها قبل البناء، وكانت مشيئة الله أن يتم تدشين الكنيسة الجديدة على يد قداسة البابا تواضروس الثاني في بداية جلوسه على الكرسي البابوي ليصبح كل شيء جديداً.
رحلة بحث
وفي حديث مع تاسوني أنجيل أنطوان زوجة المرحوم المهندس عدلي يونان أحد مؤسسي الكنيسة قالت:
كانت منطقة وسط البلد والمنحصرة في المنطقة ما بين ميدان الأوبرا وميدان التحرير وميدان رمسيس وميدان عابدين، في حاجة إلى خدمات كنسية للأقباط الأرثوذكس.
وبدأ زوجي المهندس عدلي يونان في جمع الأسر القبطية في منطقة وسط البلد منذ عام 1973، وكنا ننتقل بين عدة كنائس لإقامة قداس قبطي أرثوذكسي لهذه الأسر مع كنائس كاثوليك وأرمن ولاتين، لتخصيص يوم في الأسبوع لعمل قداس أرثوذكسي، ولكن بعد فترة كانت لا تستمر هذه الاتفاقيات لسبب أو لآخر ومن هذه الكنائس كنيسة الأرمن للاتين الكاثوليك في عبد الخالق ثروت، وكنيسة قلب يسوع الألمانية في شارع الجلاء.
وبدأ التفكير في فتح حساب جارٍ باسم مشروع الكنيسة الجديدة في البنك الأهلي المصري، وبدأت رحلة البحث عبر سنوات طويلة، حتى رتب الله على يد زوجي المهندس عدلي يونان قطعة الأرض التي أقيمت عليها كنيسة العذراء مريم ويوحنا المعمدان عام 2003 في باب اللوق، وتقدم قداسة البابا شنودة الثالث بخطاب لرئاسة الجمهورية لإصدار قرار جمهوري لبناء الكنيسة.
وتم استخراج القرار الجمهوري ببناء الكنيسة رقم 215 لعام 2006، وتم تشكيل مجلس للكنيسة من عدد من المهندسين والمحامين والمحاسبين.
توفي زوجي في شهر 11 عام 2013، بعد أن أتم رسالته على أكمل وجه، فقد خاض رحلة البحث وحضر وضع الأساس للكنيسة ولكنه لم يحضر التدشين ولكن كرم قداسة البابا تواضروس الثاني اسمه كمؤسس للكنيسة.
جولة حية
وفي جولة على أرض الواقع بين جنبات الكنيسة التي يشعر كل من يزورها منذ أن تطأ قدماه باب الكنيسة بارتياح نفسي لا مثيل له، كان يصحبنا جناب القس يوحنا مكين والذي رشحه المهندس عدلي يونان ليصبح أول كاهن تتم رسامته على كنيسة وسط البلد.
تقع الكنيسة في الدور الأول ولها مدخل منفصل عن باقي عناصر المبنى، عن طريق سلمين خارجيين من الجهة البحرية والقبلية.
وتسع الكنيسة حوالي 420 مصلياً، ويتجاوز المبنى الحدود المادية كمنشأ ليأخذك إلى أعماق رحلة روحية، منذ أن تطأ قدماك بداية الشارع حتى تصل بك إلى قدس الأقداس داخل المذبح المقدس.
دعوة للراحة
ترفع الكنيسة على واجهتها الرئيسية دعوة ربنا يسوع لكل إنسان أن يأتي إليه، ووعد بالراحة لكل المتعبين وثقيلي الأحمال.
“تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم”(مت 11: 28).
تكسو حوائط الكنيسة أحجار التريستا المتباينة في درجات ألوانها ومقاساتها، والمرابطة والمركبة معاً في وحدة فريدة تعكس الصورة التي رسمها ربنا يسوع لأعضاء جسده الواحد، تماماً كجماعة المؤمنين الذين برغم اختلافهم يتكاملون، وتعلو المبنى منارتان مرتفعتان إلى السماء في شموخ، حاملتان للصليب الذي هو سر حياة الكنيسة.
الأحضان الأبوية
من أهم ما يميز التصميم المعماري في الكنيسة هو القوس نصف الدائري الذي يبدأ ظهوره من المدخل الرئيسي فى صورة قبو نصف دائري فوق باب الراعي، ثم القبو الرئيسي لصحن الكنيسة.. ويليه القوس الكبير للهياكل ثم الثلاث قباب فوق المذابح في تصاعد متتالٍ من ارتفاع 8 أمتار فوق المدخل، ثم 13 متراً في صحن الكنيسة ليصل إلى 21 متراً في أعلى نقطة فوق المذبح الكبير، فالقوس نصف الدائري المفتوح هنا يرمز إلى حضن الله الآب وإلى كنيسة المسيح.
“فيأتون بأولادك في الأحضان، وبناتك على الأكتاف يحملن”(إش 49: 22).. وإلى اليسار القبة الرئيسية فوق المذبح الأوسط بارتفاع 23 متراً من أرضية الكنيسة.. والقبو الرئيسي هو الذي يحتضن صحن الكنيسة.
حامل الأيقونات
يتميز حامل الأيقونات في تصميمه بالتواصل البصري بين داخل الهيكل وخارجه، وقد تحقق ذلك من خلال الفتحات الخشبية حول الأيقونات وأعلى صور التلاميذ، ويحتوي حامل الأيقونات على الصليب في المنتصف وأسفله صورة العشاء الرباني، وصور التلاميذ الاثنى عشر وستة أيقونات أمامية.. كما يحيط به القوس الكبير الذي يحمل أيقونات رموز الإفخارستيا في العهدين القديم والجديد وكأنه درس.
المذابح
المذبح الرئيسي من الخشب في إشارة إلى صليب ربنا يسوع الذي يتوسط جوانبه وحول الصليب اثنى عشر دائرة ترمز إلى التلاميذ الاثنى عشر، بينهم ربط الروح القدس في إشارة إلى وحدتهم، ويخرج منهم أشعة النور إلى أربعة أعمدة خشبية ترمز إلى أركان العالم الأربعة الشمال والجنوب والشرق والغرب.
المذبحان البحري والقبلي مصنوعان أيضاً من الخشب، وتأخذ جوانبهما شكل القربانة يتوسطها صليب وحولها خمسة ثقوب، تمثل جراحات المسيح وقت الصلب التي هي المسامير الثلاثة والحربة وإكليل الشوك.
حضن الأب
مصنوع من أحجار الترافيرتينو ومرسوم عليه بالأكريليك المسيح ضابط الكل جالساً على كرسي العرش، ممسكاً بالكرة الأرضية بيد وقضيب الملك باليد الأخرى، وقد صمم ارتفاع الباب الرئيسي للهيكل بحيث يسمح بالرؤية حتى آخر صف في الكنيسة.
تم تصميم ورسم حضن الآب بيد فنان كوري غير مسيحي، وكان معه مترجم يشرح له من الإنجيل حتى يستطيع أن يعبر عن المعنى الروحي للرسوم.