– مازال مسلسل الإهمال داخل المستشفيات مستمراً
تعتبرمنظومة الرعاية الصحية فى حاجة إلى إعادة نظر لها من قبل القائمين عليها، خاصة في ظل تدني الخدمات الطبية والصحية في كثير من المستشفيات و المؤسسات الصحية الحكومية ، وتتلخص في ضعف الإمكانيات، وغياب التنظيم، بجانب حالة البلطجة التي تحدث بين الحين والآخر فى ظل غياب الأمن.
فى أم المصريين
لذلك انطلقت كاميرات “وطنى” داخل مستشفى أم المصريين بالجيزة لكشف حقيقة المستشفيات الحكومية ،فوجدنا رائحة كريهة والقمامة فى كل مكان والقطط تتربى وتتغذى على قمامة المستشفى ، والحمامات غير أدمية للاستخدام.
وأثناء تواجدنا بداخل المستشفى وجدنا مشاجرات بين الزوار واحد الموظفيين وبعضهم بداخل المستشفى ، لايجد المريض الراحة والهدوء والنظافة ولا يوجد رعاية صحية جيدة ولا خدمات ولا ادوية متوفرة .
يعانى المريض أيضًا من سوء خدمة وإهمال بسبب نقص الإمكانيات علما بأن مرضى المستشفيات الحكومية هم من محدودى الدخل، والذين ليس لديهم موارد مالية كافية لتتيح لهم الفرصة للذهاب إلى المستشفيات الخاصة وهذا هو ذنبهم الوحيد.
مستشفى القصر العيني
ثم تجولنا بمستشفى القصر العيني “القديم”، حيث تغيب أبسط قواعد إحترام المريض وسط زحام الباعة المتجولين وكثرة عدد الزائرين الذين يتسابقون لحجز مكان على الأرض لإفتراشه وأحيانا للنوم والاكل لعدم وجود كراسي أو أماكن للإستراحة داخل أو خارج العنابر.
غابت الرعاية الصحية وغابت معها الأصوات المنادية بحقوق الإنسان، بل من أبسط حقوق الإنسان هو حقه في الحياه بجانب حقه في الحصول على رعاية صحية تليق به ،وليس جديدا على مستشفى القصر العيني “القديم” أن تجد فيه كل المهازل الطبية والآدمية ، ومن هنا انطلقنا لنكتشف ما بداخل القصرالعينى و تجولنا بداخلها ورأينا ضعف الإمكانيات الطبية وقلة الموارد وعدم الإهتمام بالمستوى الصحي للمرضى بداخل المستشفى هو ماجعل الإهمال يتراكم إلى ذلك الحد الذي يصعب مواجهته الان .
وقمنا بالتجول داخل المستشفى ووجدنا المناديل فى أرضية المستشفي و ورق الطعام بجانب بقايا السجائر الملقاه على الأرض والتي أصابها اليأس من إنتظار عامل النظاقة الذي سيرحم المرضى من وجودها، وإعتبر الزائرون أنه من شبه المستحيلات أن يحصل أي زائر على كرسي للجلوس عليه، حتى أصبح مآلهم إلى أرضية المستشفى لإفتراش الأرض جلوسا ونياما، منهم من هم في حالة إنتظار خروج ذويهم من غرف العمليات أو العناية المركزة أو حتى في العنبر الصحي الخاص بحالاتهم .
في ذات السياق نشاهد الباعة المتجولين بأرجاء المستشفى حيث ينتشر الباعة المتجولين ما بين بائعي العصائر والمياه المعدنية، والأطعمة الأخرى، ينادون على بضاعتهم بأصواتهم العالية أمام لافتات “الهدوء لراحة المرضى”، وبجانب اللافتة صندوق قمامة إمتلأ على أخره بل وفاض به الكيل حتى طفح من كثرة ما يحتويه.
مستشفى جراحات اليوم الواحد
ثم انطلقنا الى مستشفى جراحات اليوم الواحد بالبساتين وجدنا المستشفى بلا مرضى وبلا اجهزة والتقينا بدكتور داخل المستشفى رفض ذكر اسمة الذى قال : لا يوجد جهاز اشعة مقطعية ولا يوجد طبيب للاشعة التلفزيونية أربعة وعشرون ساعة ، وأكد ايضاً أن فى بعض الايام مثل الجمعة لايوجد استشاريين جراحة عامة ووضع اسماء دكاترة غير متخصصون على انهم متخصصون، وتوجد بعض الجداول التى تثبت هذا ، ولا يوجد تخصص جراحة المخ والاعصاب ولا الآلآت لجراحة المخ والاعصاب ، بالاضافة لنقص الممرضين وهذا يؤدى الى غلق العناية المركزة احياناً، وكل هذا يؤدى الى تحويل الحالات الى مستشفى اخرى مثل مستشفى احمد ماهر ، لان ليس بها امكانيات ولا جهاز اشعة ولاممرضين .
بالاضافة الى عدم توافر الأدوات الطبية اللازمة لعلاج المرضى الذين يضطرون إلى الخروج من المستشفى لشراء المستلزمات الطبية التي يحتاجونها فى علاجهم، فضلا عن الأدوية الناقصة مثل حقن ستربتوكيناز لعلاج الجلطة القلبية.
الدكاترة والممرضين والمرضى يعانون
وقال دكتور احمد عبد الغنى اخصائى البطنى والسموم الاكلينيكية بالقصر العينى : يجب على الوزير ان يزور القصر العينى ومتابعة الرعاية والنظافة باستمرار.، مؤكدا أن منظر الرعاية غير ادمي وأسِرَّة مهملة، ولكى نحل هذه المشكلة لابد من تكلفة مندوب من وزارة الصحة اسبوعياً ولا بد ان يمر فى الرعاية ، وان يكون فى مسافة بين كل سرير والاخر ، و ان يكون فى ستائر بين السرائر وان يكون فى مكان لأهل المريض لكى يجلسوا معه ، والرعاية لابد ان تكون مكيفة ومعقمة ، بالاضافة الى ان لابد من تواجد متابعة مكافحة العدوى
.
أضاف عبد الغنى ان الممرضين يعاملون المرضى معاملة غير ادمية ،غير العنف مع المريض لانهم متأكدون ان اعدادهم قليلة والمستشفيات بحاجة اليهم.
وفى دول الخليج تعتمد المستشفيات على الممرضين الفلبينين لانها تساعد المريض على الراحة.
وأوضح أنه فى بعض الأوقات ترفض المستشفى الحالة وتحولة الى مستشفى اخرى على الرغم من ان الحالة ممكن ان تكون حرجة، بسبب ان المريض غير قادر على دفع المبلغ ، او بسبب ان لا يوجد تخصص مخ واعصاب ،على الرغم ان فى قرار من وزارة الصحة يقول ان المستشفيات الحكومية او الخاصة تستقبل اى حالة فى أى وقت خلال ٢٤ ساعة .
واستطرد حديثة ، ان لابد من تغيير النظام، من خلال الملاحظة والمراقبة الدورية من المسئولين بصفة مستمرة بحيث ان المدير الغير قادر على وضع النظام يتم تغيره ولا يبقى فى المنصب ولو ليوم واحد، فلابد من عمل منظومة جديدة مثلها مثل منظومة مستشفيات الجيش.
رد الصحة
قال الدكتور خالد الخطيب المتحدث بأسم وزارة الصحة : أنه ليس من الضرورى شراء جهاز الاشعة المقطعية لانة لا يشفى المرضى لكنة جهاز لتشخيص الحالة قبل العملية، لمعرفة هل الحالة تستدعى الدخول للعمليات ام لا، لان الجهاز بملايين الجنيهات و بالاضافة الى جهاز المخ والاعصاب فنحن غير معترضون على شراءه، فتخصصه قليل على مستوى الجمهورية ، فلماذا نشترى جهاز بدون دكاترة فهذا أهدار لاموال الدولة ، فيوجد مستشفيات بها جهاز الاشعة مثل البنك الاهلى واحمد ماهر فلا داعى للتكلفة فهذه المستشفيات تكفى .
وأكد الخطيب ، أن تمويل المستشفيات تقسم على خمس اقسام على النحو التالى وهى المراكز التجارية المتخصصة والتأمين الصحى والمعاهد التعليمية والعامة والمركزية والمؤسسات العلاجية ، وكل مؤسسة لها ميزانية واذا حدث نقص فى الممرضين فهذا ليس لقله عددهم بل لان لديهم ظروف خاصة ( حمل ولادة رعاية اطفال ) فبالتالى يظهر النقص فى الاعداد ونحن نحاول تزود الاعداد فى الاقسام الحرجة .
أما وظيفة مدير المستشفى فهو المسئول عن شركة النظافة مثل بواقى الطعام فلابد من التخلص منها بشكل امن حتى لاتنتشر القطط والحشرات.
وأكد على ضرورة وجود المستشارين وغير ذلك من الاخصائيين المؤهلين لعمل العمليات فى حالات الطوارئ الحرجة .
قال دكتور عبدالرحمن مهدي مدير مستشفى ام المصريين : ان المرضى قاموا فى المستشفى بعض الخسائر فى الستائر والسراير وسيتم اصلاح تللك التلفيات فى خلال يوم او يومين، وأن شاء الله سيتم تركيب جهاز أشعة جديد ، وبالنسبة لجميع المستشفيات التى بها نقص فى التمريض لو اردنا ان نحل المشكلة فلابد من تزويد مدارس التمريض ورفع الحالة المادية للممرضين لان الخاص مرتبة ٣٠٠ جنية، بينما الحكومى ٥٠ جنية ومازال الفرق للقطاع الخاص .
واشار مهدى الى أن الخدمة الصحية تحتاج الى انضباط فى المجتمع بأكمله ،فى المستشفيات الحكومية الاعداد كبيرة لان ليس لديهم القدرة على تكلفة العملية وبالمقارنة بالمستشفيات الخاصة فالاعداد قليلة.
أضاف مدير مستشفى ام المصريين ، ان فى مستشفى ام المصريين يتم تحويل حالات التدخل الجراحى فى المخ والاعصاب او جراحة القلب الى مستشفيات اخرى .
وصرح ان المستشفى بحاجة الى التطوير من قبل الوزارة وحتى نتمكن من القدرة على تدخل جراحة المخ والاعصاب والقلب، مؤكدا على ضرورة زيادة ثقافة الدولة وزيادة امكانيات المستشفيات الحكومية فلابد من الجانبين وليس جانب واحد فقط ، ومن ضمن المستشفيات الخارجة عن الهدف المحدد لها ( مستشفى اليوم الواحد ) بسبب تعاقدهم لتحقيق الربح وهذا هو الخروج عن الهدف الحكومى المجانى للغير قادر ماديا.
المرضى يرووا معاناتهم
تحكي أم أحمد أنها تعاني من الزحام وغياب النظام، خاصة أن ابنها لا يستطيع الحركة سوي علي السرير الذي تذهب بها إلي كل العيادات “العلاج الطبيعي، والجراحة، والعظام، والبطن”.
من جهة أخري، قال أبو هبة ، أحد المرضى، إنه يعاني من بعض الأمراض المزمنة مثل الضغط وفيروس سي، ويأتي مرة أو اثنين إلي العيادات الخارجية، حيث يخرج فجرا من قرية المنصورية شمال الجيزة؛ حتي يستطيع الكشف قبل الزحام، مؤكدا أن المشكلة الأكبر التي تواجهه أثناء الكشف، نقص الأطباء المتخصصين؛ نظرا للغياب المتكرر لهم، قائلاً: «مفيش حد بيهتم بينا، وبتشوف الأمرين عشان نكشف ونروح نشوف أكل عشنا».
قال مينا سامى انه دخل مستشفى القصر العينى مع عم ربيع البواب وكانت المستشفى زحمة ومليئة بالمرضى والدكاترة قليلة فتحاول الدكاترة ان تكشف على اكبر عدد ممكن من المرضى، وفى الغرفة الواحدة حوالى ٤ او ٥ سراير وحوالى ثلاث ممرضين فى كل غرفة فلا يستطيعوا الممرضين ان يقفوا بجانب كل مريض.
ثم اشار مينا انه تأثر بالمرضى الملقون على الارض الذين لم يجد لهم سرير مثل أى مريض، والمرضى الموضعون على السرائر يكون السرير غير نظيف ومهمل والسجائر ملقاة على الارض والزجاج واوراق الحلوى ……وغيرها
قالت احد اقرباء مرضى فى القصر العينى انها آتت مع زوج اختها لان حالتة حرجة لانه يتقيأ دم “ومفيش مكان غير هنا” اقولك بصراحة ” اللى معهمش فلوس هما اللى بيجوا هنا ” جوز اختى حالتة خطيرة ونبضات قلبه سريعة واصيب بفيروس سى و تضخم على القلب وتقول وهى تبكى “احنا مش عارفين نعمل اية … ربنا يستر ” .
ويقول ايضا رمضان السعيد “ انه كان مع صديقة على كورنيش التحرير يضحك ويهزر و فجأة أغمى عليه طلعنا بيه على المستشفى وراّه دكتور إمتياز قال محتاج أشعه مقطعية إعملها وتعالى وبعدها “ماشوفتش تانى” ،ذهبنا الى غرفه الأشعه وكنا رقم ب48وكان هناك حالات صعبه جدا مابين حوادث وإغماءات ولا يوجد غير دكتور واحد فقط هو الموجود فى الإستقبال وحقنة اذابة الجلطة لم تكن موجودة ولم استطيع التحمل وانا اشاهده يتألم فذهبت لاشترى حقنة من صيدلية العزبى ثم حولنا الى مستشفى معهد ناصر” .
كل هذه المشكلات التى تواجهها مستشفى أم المصريين والقصر العينى وجراحات اليوم الواحد وغيرها من المستشفيات ترجع إلى الإهمال الجسيم من قِبَل وزارة الصحة، وعدم تفحص الوزارة لمشاكل مستشفياتها ومحاولة إيجاد حلول لها على وجة السرعة، فإلى متى سنظل نُهْمِل فى كل شئ؟.
فإذا توافر الأطباء إختفت الإمكانيات والمعدات التى لا تتيح للطبيب تقديم واجبه على أكمل وجه، وإذا وُجِدَت المعدات والأدوات لا يوجد الطبيب الذى لدية القدرة على التعامل مع هذه المعدات .
إلى متى سنظل ندُورُ حول أنفسنا فى دائرة مغلقة لا نعرف بدايتها من نهايتها ،هذا ما نطرحه ونتوجه به للمسئولين ، وخاصة وزير الصحة، ونطالبه بوجود تفسيرات لكل هذه الكوارث الإنسانية التى تحدث فى حق المصريين .
إلى متى سنظل ندُورُ حول أنفسنا فى دائرة مغلقة لا نعرف بدايتها من نهايتها ،هذا ما نطرحه ونتوجه به للمسئولين ، وخاصة وزير الصحة، ونطالبه بوجود تفسيرات لكل هذه الكوارث الإنسانية التى تحدث فى حق المصريين .