أشعر بالكثير من الحيرة وأنا أكتب عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة مرور مائة يوم على توليه الحكم، بسبب قصر هذه المدة في إصدار حكم على مسئول، أي مسئول، فما بالكم بمنصب الرئيس بما يتكبده من أعباء وأحمال كثيرة؟! ومن ناحية أخرى بسبب أنه يعمل في ظروف غير عادية، إذ يواجه الكثير من المشكلات التي يعود تاريخها لسنوات طويلة مضت.
بداية لم يكن الرجل أبدًا بالنسبة لي مسيحًا مخلصًا كما يصوره البعض، إذ كنت أراه دوما مواطنًا مصريًا أصيلًا يحب هذا الوطن وينتمي إليه، كما أظن، لاسيما وأنه عاش أغلب حياته في خدمة الجيش في عدد من المواقع، حيث المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية التي تضم “خير أجناد الأرض”، فقد استطاع عبد الفتاح السيسي منذ 3 يوليو 2013م، حين استجاب لرغبة المتظاهرين بخلع الرئيس الأسبق محمد مرسي، أن يبعث الأمل من جديد في نهضة هذا الوطن، وأن تعود مصر لكل المصريين لا لحساب جماعة بعينها أو فصيل سياسي أو تيار ديني، كما أراد لها جماعة (الإخوان المسلمون)، هؤلاء الذين عملوا على إقصاء كل آخر بالنسبة لهم، فيما عرف “بأخونة الدولة”.
منذ أن تولى عبد الفتاح السيسي الحكم وهناك العديد من المشكلات التي كان لزامًا عليه أن يواجهها، مثل القضاء على الإرهاب الذي بات يطل علينا من كل مكان، ليس في سيناء فقط ولكن أيضًا في داخل القاهرة الكبرى أحيانًا، فضلًا عن بعض المشكلات المتعلقة بتوفير عدد من الخدمات مثل البنزين والكهرباء والمياه ورصف الشوارع، وغيرها من خدمات، لكنه مع ذلك- وحسب رأيي- يمشي بخطى سريعة نحو الإصلاح والنهوض بهذا الوطن من خلال عدة خطوات منها: الإسراع في تأكيد الأمن في الشارع المصري بمواجهة عناصر البلطجة- الضرب بيد من حديد على عناصر الإرهاب- البدء في تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة- البدء في إصلاح الطرق والكباري- إنشاء مجلس للعلماء- تأكيد هيبة مصر وتحسين صورتها أمام العالم وتأكيد التعاون الدولي مع عدد من الدول.
وربما الأهم هنا من وجهة نظري هو أنه عمل على حفظ الكيان الوطني للمصريين من خلال الاهتمام بمصالحة جميع أطراف المجتمع: المرأة- المواطنون الأقباط- الإعلام- الفنانون- القضاة..، هذه الأطراف التي تشكل الجماعة الوطنية المصرية والتي خسرها مرشح جماعة الإخوان المسلمون خلال السنة التي تولى فيها الحكم.
ولكن يشير الوجه الآخر للواقع المصري أن هناك مشكلات عدة، تقلق كل من ساهم في ثورة 25 يناير و30 يونيو، منها عودة بلطجة الشرطة في بعض المواقع وكأن بعض عناصر الشرطة، أقول بعض، في حالة ثأر مع المواطنين، والقبض على عدد من النشطاء السياسيين واستمرار حبسهم، وانحصار مساحة حرية الرأي والتعبير في وسائل الإعلام، أو بمعنى أدق اتساع الحرية لكل من يؤيد النظام الجديد وفي المقابل غياب الرأي الآخر على نحو واضح، فضلًا عن ارتفاع الأسعار وعدم تحقق العدالة الاجتماعية مثلما كان يأمل كثيرون..
أخيرًا وربما ليس آخرًا، فإن عبد الفتاح السيسي هو رئيس يحاول تحقيق الإصلاح ويجتهد بشكل واضح في ظل تحديات كبيرة وكثيرة، فالناس في مصر، وكما يبدو لي، يتعايشون اليوم مع تلك المشكلات وغيرها بأمل ورجاء في أنها سوف تنتهي قريبًا، ولعل الأيام المقبلة تحقق هذا الأمل الذي يتطلع له المواطنون المصريون في كل مكان على أرض مصر الطيبة.