حين تتعرض الحقيقة للخطر يصبح من على الحياد بلا جدوى أو لزوم والمواقف المواربة غير المحددة لا تدعم إلا الميوعة وعدم القدرة على الإصلاح ، صحيح الدين يتعرض في الفترة الأخيرة خاصة بعد إصابة المجتمع بطفح ناتج عن تجريف عقول الشعوب العربية خلال العقود الأخيرة بشكل متعمد من قبل الحكام لأنهم كانوا يدركون تماماً أن قيادة شعب جاهل والتحكم في مقدراته لن يحدث إلا بالجهل والسطحية وساهم الربيع العربي وخلع الأنظمة القمعية التي استمرت جاثمة على صدر الواطن في تحويل الشعوب إلى فرائس سهلة الإصطياد من قبل تجار الدين.
الأزهرالشريف على مدار التاريخ المنارة الأساسية وخط الدفاع الأول المنوط بحماية صحيح الدين ، و يدرك رجالاته مدى الخطر الذي يحيط بشعوبنا في هذه الفترة ودائما ما يدافعون بكل ما أوتوا من قوة عن سلامة المجتمع من الإصابة بمرض التطرف الذي سيكون المصير الحتمي في حالة نجاحه تفتيت وتشرذم الأمة وضياع كل فرص التقدم والرقي ، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى الاندماج في كيانات اكبر من أجل مزيد من الرفاهية والثقافة والنجاح لشعوبها تتعرض الأمة بسبب الإرهاب القاتل إلى خطر الإنفصال لدويلات متناحرة متنافرة داخلياً وضد بعضها البعض بشكل عرقي واثنى وديني في أمر لن يستفيبد منه إلا إسرائيل.
الحماية الوحيدة المنتظرة تكمن فيما أشار له الرئيس عبد الفتاح السيسي في غير مرة لمواجهة الخطر بشكل مباشر ودون خوف وربما يكون الخطوة الباقية تكليف رسمي منه للأزهر للبدء فوراً في تنقية التراث لابراز سماحة الدين ونقاء العقيدة، ربما يصل الأمر إلى ثورة دينية تبدأ تدافع عن الإسلام الصحيح وتواجه التطرف البعيد كل البعد عن أصل الدين الذي لا يقدم بتشويه الدين خدمة لأعداءه فقط، بل ويقف في وجه المزيد من التفاعل بينا وبين الغرب الذي لا يشاهد إلا الصورة غير الصحيحة للدين.
ينبغي على الأزهر التصدي لما تقدمه داعش وما شابهها وأن يعلن بشكل واضح أنه لا تمثل الدين بالمرة من اجل حماية الدين نفسه منهم فضلاً عن تذكيب إدعاتهم التي يتصور البعض انها تمثل الدين وتخدمه، كما أن حماية الجيوش العربية من اتهام الكفر الذي يوجهه الدواعش للجيوش الوطنية العربية العرقية التي طالما ما دافعت عن التراب وعن الوطن وقضاياه السامية وقدمت مئات الالاف وربما الملايين من الشهداء دفاعاً عن الوطن .
وهنا يكمن خطراً على البلاد العربية كلها وعلى مؤسساته الدينية، ويتسلل ويتغول ويتوغل داخل كل شبر في الوطن ، تلك التيارات التي ساهمت الانظمة المخلوعة في الوطن العربي في تواجدها في كل شبر في البلاد حين تركت لهم القيام بكل الدور الإجتماعي في الشارع، بل كان الجهل الذي افترس عقول معظم الشعوب بمثابة الأرض الخصبة لنمو فكر الجماعات المتطرفة؛ وعلى الجميع وأولهم المؤسسات الدينية الإعتراف بأن الخطوة الأولى للنجاة من الفخ والخروج بالأمة بعيد عن الخطر المرتقب مواجهة تلك الجماعات والقضاء على كل فرص تواجدهم سواء بداخلها أو في عقول الشعوب.