1ـ مسجون بين أعمدة المحبة
أرقد علي الفراش لأسابيع… التهاب مضاعف في عصب الرجل الأيمن نتيجة عرق النسا… لأول مرة أعرف معني اسمه.. كنت أظن أنها عرق النسا من النساء… ولكني عرفت أنها عرق النسا من كلمة النسيان لأنه ينسي جميع الآلام التي مر بها سابقا من قوته وشدة آلامه..
شعرت بمعني كلمة سعيد صالح في مسرحية العيال كبرت.. شوفت بعيني محدش قالي!! كانت نصيحة الأطباء النوم علي السرير لمدة طويلة.. خلالها عرفت أن سقف غرفتي يحتاج إلي بياض جديد.. وأن أدوية الأعصاب بها كمية منوم تكفيك لتنام ليوم القيامة…
يتصل الأصدقاء بين عتاب علي الاختفاء وسؤال عن الصحة… أعتذر للجميع عن عدم حضوري الندوات واللقاءات فبالكاد بعد شهرين أستطيع أن أتحرك بالعكاز.. إلا أن عتاب الأحبة كان أقوي.
يتصل بي كاتب صحفي بالأمس القريب مصرا علي حضور ندوة الجريدة.. أعتذر مرة فتتصل بي الأستاذة المدير التنفيذي تحرجني بكرم (أهل البحيرة) فأذهب متأخرا بسيارة مخصوص أتعكز علي عكازي بينما أجلس في آخر صف.
لأتفاجأ بأن يترك الجميع المنصة ويأتوا إلي آخر صف لكي يجلسوا معي في صورة تذكارية هي الأقرب إلي قلبي طوال حياتي.
صورة أقف فيها مسجونا… مسجونا بين أعمدة الحب
2ـ أيام الحزن
لابد أن الحزن قوي جدا.. فموقف واحد يعصرنا بين أحضان الحزن أياما.. بينما لا توجد سعادة قادرة علي الاستمرار لساعات!!!
أيها الحزن الغريب.. من أين امتلكت تلك القدرة الرهيبة علي الاستمرار في نفوسنا؟!
كما لو أننا قد عقدنا اتفاقا مع الحزن, ووقعنا عقد ملكية له بأن نبكي فور أن نأتي للعالم من بطون أمهاتنا…
لماذا لا نأتي للحياة مثل الحيوانات؟ هل رأيتم حيوانا يبكي عندما يصل إلي العالم؟! رأيت الحصان الرضيع يجري فرحا.. والقرد يحتضن أمه… بينما يبكي ابن الإنسان كما لو كان يعلن اتفاقا بالتبعية للحزن مكتوبا بدماء المشيمة!!
علمت الآن لماذا كانت جدتي تدعو: ارفع عنا الحزن والهم والكآبة ووجع القلب
أيها الحزن العنيد…
ليتك تفارقنا
فقد تعبنا منك
3ـ المخرج
أسوأ ما في الأيام الصعبة.. أنها تضعف الإيمان.. تزداد البوستات التي تتحدث عن (لا تخف فمن ستر السنة الماضية سيسترها عليك أيضا هذه السنة… إلخ).. وأنت تنظر حولك.. تري أن الأمر يزداد سوءا كل يوم.. والحال يسير إلي الأصعب.
تقع بين براثن المطرقة والسندان… إما أن تعترف أن الأمور أسوأ وأنت لا تري مخرج (بفتح الميم) وتسقط في الاكتئاب… أو تنكر كليا وجود مخرج (بضم الميم) وتقع في الفكر…
وكلاهما أمر صعب… تعترف بينك وبين نفسك.. أن الأمور ليست فقط في صعوبة الحياة وإنما شعورك بالضغط الذي يحطم خلاياك وعظامك… وأنك تخشي أن تفقد الأمل في المخرج..
لا تعلم ماذا تصنع سوي أن تركع مصليا إلي المخرج (بضم الميم) لعله يتراءف.. تخبره عن وجعك.. وتخبره أن الأمر فوق احتمالك..
وتصرخ مع الأعمي
اللهم أعن ضعف إيماني..
4ـ نضحك.. ليس لأننا فرحي ولكن لأننا لازلنا صامدين أقوياء حتي الآن.. نتذكر قول بولس الرسول متحدثا عن نفسه كحزاني ونحن دائما فرحون, فقراء ونحن نغني كثيرين, كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء.
نتمسك بكل شيء حتي لو كان خشب السفينة المكسورة في البحر.. نحارب لأننا لن نرضي أن ننكسر.. ونصمد.. لأننا أبناء الله العلي..
5ـ الأسود
وتبقي الأسود أسودا في أماكنها
ترفع رأسا فوق هامات أعاديها
ويبقي زئيرها مرعبا..
حتي لو أفني الدهر مراعيها
تقف في شموخ الملك عاصية..
عن الركوع حتي لمواليها
لا تخشي من ذل وإن
أغشي الدهر يوما نواظرها
ف اسمها بين مواليد الدنيا..
مكتوب فوق جبين أعاديها