هذه صرخة استغاثة وتحذير من مغبة ما بات يصلنا من ضلالات عالم يطلق علي نفسه العالم المتقدم ويغرقنا بالبدع والهرطقات التي تعصف بثوابتنا وتهدم أصولنا الأخلاقية, لعلنا نفيق ونتنبه إلي مسئوليتنا الجسيمة التي ترتب علينا فحص كل ما يصلنا وتدبر أمورنا فيما نقبله وفيما نرفضه, لأننا بتنا أمام عالم كنا نعتقد أنه مثال يحتذي, بينما هو عالم ضل سبيله واتخذ مسار الصعود إلي الهاوية.
اليوم أقدم شهادة صارخة تفضح واقعا شيطانيا مهلكا أخذ طريقه في التسلل إلي المجتمعات الغربية التي تتشدق بتمثيلها العالم المتقدم وبالتالي تغازل أفئدة غير البالغين وغير الأسوياء في مجتمعاتنا.. أسلط الضوء علي تلك الشهادة محذرا من الاستهانة بها أو التقليل من شأنها.
** الشهادة تأتي في صورة صيحة استغاثة وتحذير لكل الآباء والأمهات من بريطانيا, حيث تصدر محكمة بريطانية حكما غير مسبوق بإدانة وسائط التواصل الاجتماعي في قضية فتاة بريطانية تدعي مولي راسل عمرها 14 عاما أقدمت علي الانتحار.. وبعد تحقيقات مستفيضة توصلت هيئة المحكمة إلي أن وسائط التواصل هي المتهمة وراء انتحارها وبالتحديد ميتافيرس التي تدير فيس بوك وإنستجرام.. هذا الحكم أدي إلي أن تكسر العائلة المالكة البريطانية تقليد عدم تدخلها في أمور القضاء, ويظهر الأمير ويليام ولي العهد ليعلق في بيان صادر عنه: آن الأوان لنحمي أولادنا مما يتهددهم من أخطار.
القضية تعود فصولها إلي مولي الفتاة الطبيعية التي تصادف تعرضها لحالة اكتئاب مثل أية فتاة في عمرها, فما كان منها إلا أن دخلت علي محركات البحث واستعلمت عن الاكتئاب وهي لا تعلم أن محركات البحث لها خاصية تتبع كل شخص وملاحقته بفيض من الموضوعات المرتبطة بما يبحث عنه بغض النظر عن رغبته في ذلك.. وعندما قامت سلطات التحقيق بفحص متعلقات مولي من المحمول واللاب توب وجدت أنها خلال الأشهر الستة السابقة علي إقدامها علي الانتحار شاهدت حوالي 16 ألف مقطع علي إنستجرام تتضمن نحو 2100 مقطع عن الاكتئاب وإيذاء النفس والانتحار.. هذا بالإضافة إلي تلقيها 496 صورة عن ذات الأمر عبر وسيط بينترست.. ويقول والد مولي: إنه يتهم وسائط التواصل باستغلال بؤس وتعاسة مرتاديها بإغراقهم بتلك المواد لمجرد تحقيق الثروات والملايين من الأرباح.
وتقول السيدة التي ضخت هذه الشهادة: أمام هذه الكارثة قمت بإجراء تجربة بوضع سؤال لمرتادي وسائط التواصل: هل تعرف الرقم السري لجهاز المحمول أو اللاب توب الخاص بابنك أو بنتك؟.. وكان رد الغالبية العظمي أنها بالقطع لا تعرف الرقم السري وأنه من غير المتوقع أو شبه المستحيل أن يقبل الابن أو الابنة الإفصاح عن ذلك الرقم لوالديه.. بل كان من الصادم أن بعض الأهل قالوا إنهم يثقون في اختيارات أولادهم ولا حاجة بهم إلي أكثر من ذلك, بل يوافقون علي أن يتحمل أولادهم نتائج اختياراتهم.. الغريب أنه في الوقت الذي يرفض فيه الأهل تعريض أولادهم لمخاطر الرذيلة والهلاك في الشارع أو المجتمع يستسلمون بشكل مرعب لتركهم يتعرضون لأفدح من تلك المخاطر عبر أجهزة المحمول المتروكة لهم بلا ضابط أو رابط أو رقابة أو نصح.. ولا تتصوروا أن الأمر محصور فيما يؤدي إلي الاكتئاب أو الانتحار, فهناك ما يعرض عليهم قضايا خطيرة مثل قضايا المثليين التي ينساقون وراءها بدافع الفضول, ويكون تأثرهم بها دون أية علاقة بما تعتقدون أنكم أحسنتم عمله في تربيتهم أو تنشئتهم… الغريب أنكم في مقابل استهانتكم بتلك الأخطار أجدكم تنتفضون لحماية أولادكم من أي صداقات سوء وتسارعون بفصلهم عنها.. إن مسئوليتكم تجاه أبنائكم تستصرخكم أن تتدخلوا لتعرفوا كيف يصرفون وقتهم علي أجهزة المحمول ووسائط التواصل, ويحق لكم أن تقننوا في نطاق الأسرة ما يفعلونه وتضعوا القيود وقواعد الرقابة اللازمة في سن مبكرة حتي تستطيعوا فرضها طواعية لأنكم إذا تأخرتم في ذلك وبلغ أبناؤكم مرحلة المراهقة حتما ستواجهون بعواصف من الاعتراض والاحتجاج.. أنا هنا أضعكم أمام مسئوليتكم الجسيمة تجاه صالح أولادكم وبناتكم إزاء شيطان وسائط التواصل التي تجتاح حياتنا.
*** هذه شهادة.. لكنها ليس منفردة.. وهناك شهادات تالية.