أوضح القمص غبريال لبيب نخلة,كـــاهن كنيسة السيدة العذراء بالمنشاة الكبرى,القوصية – مدرس تفسير العهد القديم وجغرافية الكتاب المقدس – بالكلية الإكليريكية – بدير المحرق العامر,أنه من أعجب رموز القيامة في العهد القديم عندما انتصر جــدعــون بعد كـســر الجرار… والرب يسوع أتــم الـفـداء بعد أن صُلب كـسـر الموت على الصليب.
ويؤكـد مدرس تفسيرالعهد القديم وجغرافية الكتاب المقدس,أنه بعد الـكسـر ظهرت أنوار المصابيح وهكذا أنوارالقيامة ظهرت بعد الصلب،بل الروح القدس ظهرعلي هيئة ألسنة نارية بعد الصلب والقيامة والصعود,مضيفا:إن كان الله يستخدم أقل القليل ليعلن”فضل القوة لله لا منا”..لكنه يقدس العمل الإنساني،ولا يحَّقر من الحكمة البشرية،ولا يتجاهل الطاقات والمواهب.
وأضاف القمص غبريال لبيب:في حـرب جـدعون ضد المديانيين كان قـد أفرز 300 رجلًا فقط للعمل لكنه وهب جـدعــون حكمة للعمل وتدبيرًا حسنًا،إذ قسّم الثلاثمائة إلى ثلاثة أقسام،كل قسم يحتل موقعًا في جانب من جوانب المحلة حول المديانيين،وجاء الكل ليلًا في الهزيع الثاني حيث كان الليل عند اليهود ينقسم إلى ثلاثة أقسام كل قسم 4 ساعات يبدأ القسم الأول بالساعة السادسة مساءً,وقد حمل كل رجل بوقًا ومعه جرة ومصباح, وفي الليل إذ كان الجيش المدياني في أغلبيته نائمًا عدا بعض الحراس، فوجئوا بأصوات أبواق من كل جانب دفعة واحدة،كما كسرّ الرجال الجرار ربما كل إنسان كسرجرته في جرة أخيه فأحدثت أصواتًا كأن العدد الحربية قد تشابكت معًا،هذا مع وجود المصابيح والمشاعل من بُعد.
وأسـتـطـرد كـــاهن كنيسة السيدة العذراء بالمنشاة الكبرى,هذا كله جعل جنود المديانيين يقومون فجأة ويظن كل واحد أن المعركة قد دارت وتشابك الجيشان معًا،فصاروا يضربون بعضهم بعضًا بالسيوف إذ حسب كل منهم في الظلمة أن زميله من الجيش المضاد.
وقال: وقف رجال جدعون كل واحد في مكانه بينما دارت المعركة بين المديانيين وهم لايدرون أنهم يقاتلون أنفسهم بأنفسهم,وتطلع المديانيون إلى بعيد فرأوا رجال جدعون بمصابيحهم من كل جانب عن بعد فحسبوا إمدادات جديدة غير التي بينهم تقاتلهم،فاضطروا وسط الظلام أن يتركوا المحلة ويهربوا إلى بيت شطة أو”بيت هشطة”التي تعني (بيت السنطة)حيث وجدت أشجار السنط ،وهوموقع بين وادي يزرعيل وزراح في وادي الأردن … ومن بيت شطة هربوا إلى صردة في سهل أفرايم في غورالأردن، اسمها يعني (مبرد) أو(بَرْد)،حاليًا ربما مدينة “صرتان” في وادي الأردن.
وأضاف من هناك هربوا إلى حافة آبل محولة أي حدودها،اسمها يعني (حقل الرقص)،وتعرف حاليًا بتل المقلب بوادي الأردن، وإن كان البعض يرى أنها كانت غربي الأردن على بُعد 12ميلًا جنوبي بيت شعان,ومن حافة آبل محولة ذهبوا إلى طباه،وهي رأس أبو طابات.. وكأن العدو كان هاربًا بلا مطاردة، لأن الرب نفسه كان يرعبهم، أو بمعنى آخر سلمهم لأعمالهم الشريرة التي تفقدهم سلامهم واستقرارهم ليعيشوا هاربين بلا توقف.
واستشهد بقول سليمان الحكيم فى سفر الأمثال :”الشرير يُطرد بـشـره”(أم 14: 32)،”الشرير يهرب ولا طارد”(أم 28: 1),هكذا يهرب الشرير تارة إلى بيت هشطة أي بيت السنط لعله يقدر أن يستظل تحت الأشجار كأبويه آدم وحواء الهاربين من وجه الله، وأخرى ينطلق إلى صردة أي البرد الذي يحطم فيه كل حرارة روح، ومرة ثالثة ينطلق إلى حافة آبل حودة أي إلى حافة بيت الرقص لعل خلاعة هذا العالم وملذاته تقدر أن تهبه فرحًا وسلامًا… ولكنه في هذا كله يكون كطريد بلا راحة، إذ هو بعيد عن الله نفسه واهب السلام ومصدر الراحة الحقيقية.
وقال: العجيب أنه وسط هذا الرعب الذي حل المديانيين وهروبهم بلا وعي من موقع إلى آخر طلب جدعون من ساكني جبل أفرايم أن ينطلقوا ليستولوا على كل مخاوض المياه من منطقة المديانيين حتى يبلغوا إلى بيت بارة إلى الأردن,و”بيت بارة” تعني (بيت بور) أو بيت الأراضي غير الصالحة للزراعة،وتبعد حوالي 30 ميلًا شمال شرقي أورشليم، غالبًا هي بيت عبرة (بيت العبور أو الخوض) أو جنوبها قليلًا.
وأختتم بقوله: “كان القصد من الاستيلاء على المياه”هـو تحطيم المديانيين تمامًا ومنعهم من الهروب, ويعني حرمان المديانيين من المياه .. ربما تشير المياه إلى عطايا الله ونعمه، فإن كان إبليس قد استخدم حتى عطايا الله لنا و مواهبنا وطاقاتنا التي خلقها الله فينا لحساب شره (أي شر إبليس)،فإننا إذ نرجع إلى الرب ننسحب من العدو بكل طاقاتنا ومواهبنا،فلا يكون له فينا موضع، ولا يعود يجد في طاقاتنا آلات تعمل لحسابه بفكره الشرير,وهكذا يهلك العدو تمامًا بالنسبة لنا،ولا تكون له رجعة إلينا ولا مطمع فينا.