الأنبا برنابا: مشروع العائلة المقدسة فرصة للحوار بين أجيال المهاجرين
الأنبا كيرلس:لا نحتكر هذا الغنى الحضاري والزخم الثقافي لأنفسنا بل نشرك الأخرين به
جوليت شاكر: العائلة المقدسة هي الطريق للحوار بين البشر
السفير محمد حجازي: مسار العائلة المقدسة أطول طريق حج في العالم داخل دولة واحدة
المؤتمر الأكاديمي، الذي عقد بالكلية البابوية للدراسات الشرقية، التابعة للفاتيكان، بمدينة روما. جاء ليؤكد على إهتمام العالم بهذا المسار الفريد لكى يأخذ المكانة التي يستحقها على خارطة السياحة العالمية .
جاءت فكرة العمل على تنشيط المشروع التنموي والسياحي لمسار العائلة المقدسة، لإيطاليا، بتوصية من سيدنا الأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط الشرفي للأقباط الكاثوليك الزائر الرسولي لكنائس كندا وامريكا، وذلك بإلقاء الضوء على أديرة اسيوط بشكل خاص ونقاط المسار بشكل عام.
وفي ميلانو الدكتورة جوليت شاكر – بالكلية الباباوية للدراسات الشرقية، التابعة للفاتيكان، كونت لجنة علمية أكاديمية من أقباط أرثوذكس وكاثوليك لاتين وأقباط كاثوليك ومسلمين، جميعهم قامة في العلم للبدء في العمل الأكاديمي للمحتوى العلمي والربط بين الجهات المعنية سواء كانت ديبلوماسية أو كنسية أو أكاديمية، من منطلق أن مسار العائلة المقدسة يجمعنا كأخوة.
وأقيم المؤتمر الأكاديمي الدولي بالكلية البابوية للدراسات الشرقية، التابعة للفاتيكان، بمدينة روما، بعنوان “رحلة العائلة المقدسة إلى مصر: التاريخ والشهادات والمشاريع”، يوم 16 مارس من هذا العام، وذلك بحضور ديبلوماسي ممثل في 17 سفير من دول مختلفة وحضور الدكتورة غادة شلبي – نائب وزير السياحة والآثار، ومندوبي وزارة التنمية المحلية المصرية، وكذلك أكاديميين من مصر وإيطاليا ودول متعددة مهتمين بالتراث المصري والإرث الإنساني، ولفيف من المطارنة والأساقفة الأجلاء من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منهم: نيافة الأنبا برنابا أسقف روما والأنبا مارتيروس الأسقف العام والأنبا مارك أسقف باريس والعديد من الآباء منهم أبونا المجتهد بيجول السرياني وأبونا فلكسينوس وآخرون كثيرين، والكنيسة القبطية اللاتينية وكنيسة الأقباط الكاثوليك ويمثلها الأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط الشرفي لألقباط الكاثوليك الزائر الرسولي لكنائس كندا وامريكا، والأنبا أنطونيوس عزيز ومونسنيور يؤانس لحظي ومجموعة من الباحثين والمهتمين بحوار الأديان، إضافة إلى شركات السياحة من الجانبين المصري والإيطالي المهتمين بهذا المسار.
افتتح البروفسور باولو برانكا – رئيس “جمعية كارول فويتيلا الدولية” وأستاذ بمعهد الدراسات الشرقية – الجلسة الافتتاحية من المؤتمر وقام بتقديم رئيس المعهد البابوي الشرقي الأب ديفيد نزار سج الذي قدم كلمته باللغة الإنجليزية مرحباً بالحضور، وبعدها قدمت الدبلوماسية المصرية ممثلة في السفير محمود طلعت بالفاتيكان، كلمة ترحيب باللغة الإنجليزية، وكذلك المونسينيور يؤانس لحظي من جمعية بامبينو جيسو قدم كلمة باللغة الإيطالية عن مباركة البابا فرنسيس ودعوة الجميع لزيارة مسار العائلة المقدسة.
وبدأ الجزء الأول في المؤتمر عن “تاريخ وشهادات مسار العائلة المقدسة”، بكلمة الأب فيليب لويسير – أستاذ في علم القبطيات بالمعهد البابوي الشرقي في روما – وتكلم فيها عن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر من الإنجيل وأثار هذه الرحلة الموجودة بكنيسة القديسة ماريا ماجوري بالفاتيكان.
وقدم أشرف الكسندر صادق – رئيس “لوموند كوبت” وأستاذ فخري بجامعة ليموج – ملخص عن كتابه “رحلة العائلة المقدسة”
وجاءت كلمة السفير محمد حجازي، مستشار وزير التنمية المحلية بمصر، والتي قدمها باللغة الإنجليزية قائلاً: يمثل طريق العائلة المقدسة نقاط توقفت فيها العائلة أثناء هروبها إلى مصر. خلال ثلاث سنوات ونصف من الاختباء، مرت العائلة المقدسة أو لجأت إلى 25 موقعًا عبر ثماني محافظات في جميع أنحاء البلاد (القاهرة ، البحيرة ، الشرقية ، كفر الشيخ ، المنيا ، أسيوط ، الغربية ، وشمال سيناء)، إنه أطول طريق حج في العالم داخل دولة واحدة.
وشرح السفير حجازي أن هذا المشروع انطلق عام 2014 لتجديد وتطوير مسار العائلة المقدسة في مصر، وهذا المسار سيخدم ما يقرب من ملياري مسيحي حول العالم ، خاصة بعد أن أقره البابا فرنسيس كحج مسيحي رسمي في أكتوبر 2017 ويعد المشروع جزءًا من مهمة تطوير واستعادة الدور التاريخي والثقافي والسياحي والأثري لمصر. وتم تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى في المحافظات المختلفة، على سبيل المثال تحسين المناطق العشوائية غير الآمنة ، والتي تم تنفيذها كجزء من خطة التجديد الوطنية.
وأكد مستشار وزارة التنمية المحلية أن هذا المشروع يهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي للمواقع، وتطويره بشكل مستدام ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. ويهدف ذلك بدوره إلى تنشيط السياحة الدينية وخلق فرص عمل وتطوير البنية التحتية للمحافظات. والمشروع يعمل على رفع جودة البنية التحتية للمواقع ، وتمكين الحجاج من الاستقلال من خلال تقديم خدمات كاملة حول منطقة زيارتهم. يتم ذلك بالتوازي مع ترميم المواقع والأديرة القديمة.
الجزء التاني في المؤتمر تناول فكرة بعنوان “على خطى العائلة المقدسة في مصر.. مسارات سياحية ” وكانت الجلسة الثانية بإدارة البروفسور جوليت شاكر – مدرس المصريات وباحث في معهد دراسات الشرقية بجامعة الفاتيكان – وافتتحت الجلسة بكلمة باللغة الإيطالية، رحبت فيها بجميع الحضور وشكرت عميد المعهد الذي فتح أبواب المعهد لدعم هذا المشروع، وأيضا شكرت جمعيتين إيطاليتين: بامبينو جيزو Bambino Gesu ولا فراتيلانزا أومانا La Fratellanza Umana على التعاون والدعم وكذلك الوكالتين السياحيتين ديوميرا Diomera وبرايم تورز Prime Tours على التعاون في الدعاية السياحية وإعداد برامج سياحة على هذا المسار المقدس، واللذان تعاونا كثيرا لسنوات في هذا المشروع، وشكرت الحضور الأكاديمي والحضور الكنسي والطوائف المختلفة. وأهم ما جاء في كلمتها كان: كل من أمن بهذا المشروع وقيمة هذا المسار يجب أن يكون بينهم تعاون رغم اختلاف كل منا: الأقباط الكاثوليك والأقباط الأرثوذكس والمسيحيون والمسلمون والهيئات الحكومية والدبلوماسيون والجمعيات الخيرية والسياحة والسياحة الدينية، الإيطاليون والمصريون.. كلنا نؤمن بهذا المشروع ويمكننا تقديم مساهمة ثقافية عن مشروعنا للأجيال القادمة سواء في وطننا الأم أو للإنسانية كلها.. واليوم نتتبع آثار أقدام يسوع المسيح على الأرض المصرية، التي جلبت الخلاص والسلام للبشرية جمعاء، هي نفسها اليوم تعود آثار الأقدام بعد 2000 عام إلى نفس الأرض المباركة لتوحيد تنوعنا، ونعتقد أن أفضل مما يوحد الانقسامات والاختلافات، هو أننا يجب أن نكون صانعي سلام.
وأولى الكلمات في الجلسة الثانية، كانت للأستاذ دكتور سعيد البطوطي – من منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة وعضو المفوضية الأوروبية للسياحة، وتكلم عن أهمية المسار وربطه بالسياحة الدينية قائلاً: السياحة الدينية هي إحدى القوى الدافعة التي تدفع الناس من خلفيات وثقافات مختلفة إلى الحوار والالتفاف حول قضية مشتركة وهي الإعجاب بالتراث وحماية التراث العالمي المادي وغير المادي.
وأوضح البطوطي أننا نعاني اليوم من نقص في التسامح والتفاهم بيننا، وهذا هو السبب الذي أدى إلى الاهتمام بالسفر إلى الأماكن الدينية لأنها عنصر أساسي في تاريخ وثقافة الإنسانية.
واختتم المستشار كلمته مؤكداً أن منظمة السياحة العالمية ملتزمة بتعزيز السياحة الدينية، التي تتزايد أعدادها كل عام، لبناء التفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة.
وفي نفس السياق الاهتمام بهذا التراث ملك الإنسانية كلها، جاءت كلمة الدكتور سمير عبد التواب حمدة – مدير الهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة بأسيوط – عبر تقنية الزووم، لتسليط الضوء على أهمية دير المحرق ودير درنكة بشكل خاص بمحافظة أسيوط علي خريطة مسار العائلة المقدسة بشكل عام. وقال: أتحدث الي حضراتكم من وسط أرض مصر، من المكان الذي استقبل العائلة المقدسة أثناء هروبها الي مصر، من المكان الذي اختارته العائلة المقدسة لتمكث به أطول فترة مكثتها في مصر – ستة أشهر وخمسة أيام – من الأرض المقدسة ومن أرض السلام والمحبة من مدينة القوصية، حيث يوجد دير السيدة العذراء المعروف بدير المحرق، أهم وآخر نقطة من نقاط مسار رحلة العائلة المقدسة قدوما، وأولي نقاط رحلة العودة إلى فلسطين من دير درنكة بأسيوط، فهي نقطة النهاية والبداية.. أتحدث إليكم من القدس الثانية، من مدينة أسيوط العريقة، أكبر مدن الصعيد، صاحبة الحضارتين، حضارة دير تاسا من العصر الحجري الحديث وحضارة البداري من العصر النحاسي، فمن قبل التاريخ صنعت أسيوط تاريخا، وبالفعل قبل التاريخ وقبل اكتشاف الإنسان الكتابة كانت أسيوط حاضرة متحضرة، عرف أهلها الزراعة والصناعة ونسج الملابس وأدوات الزينة بل وكانوا مؤمنين بالبعث والخلود، وظهر هذا من طريق دفنهم لموتاهم في شكل القرفصاء كالجنين في بطن أمه ووضع آنية من الفخار بجوار موتاهم لإيمانهم بأنهم سيولدون من جديد أو سيبعثون مرة أخرى.
وأوضح الدكتور حمدة، أنه كان لأسيوط دوراً هاماً في قيام الحضارة المصرية القديمة، ولعبت أسيوط دور البطولة في نشأة الحضارة المصرية القديمة، وفي احتواء العائلة المقدسة بها أطول فترة خلال رحلتها.
ليس هذا فقط بل تحتوي أسيوط علي معالم سياحية كثيرة ومتنوعة من العصور المختلفة والمتعاقبة فبها معالم سياحية وأثرية ترجع الي العصور الفرعونية المختلفة من عصر الدولة القديمة والوسطي وعصر الإنتقال الأول وكذلك عصر الدولة الحديثة. بها معالم اسلامية وقبطية، وبها وكالات تجارية أثرية ومحمية طبيعية.. يوجد بها سلالة نادرة من النحل الفرعوني والذي صور علي جدران مقابر ومعابد المصري القديم، وأيضا بها حرف تراثية بها مناظر نادرة داخل مقابرها الفرعونية وهي مقابر مير والتي تقع بالقرب من دير المحرق كالوشم علي رقاب النساء، والأزياء التي هي حديثة الأن يوجد مثيل لها في مقابر اسيوط منذ ما يزيد عن 3300 عام أيضا بها مناظر تعبر عن تمكين النساء خلال هذه الفترة، فصور احد حكام أسيوط ويدعي )وخ حتب) – صاحب أحد مقابر مير الفرعونية والتي يرجع تاريخها الي عصر الدولة الوسطي – علي جدران مقبرته نساء فقط يقمن بكل الأعمال اليومية حتي الشاقة منها بل لبسن أيضا مالبس الرجال وهي اشارة واضحة للمساواة بين الرجل والمرأة في اسيوط منذ القدم، لبسن أيضا ملابس حديثة تعتبر الأن من أحدث صيحات الموضة.
يوجد بأسيوط معالم سياحية فريدة ومناظر فرعونية نادرة ربما ليس لها مثيل في مقابر مدن أخري. تضم أيضا أسيوط مقبرة صخرية هامة كان صاحبها يعيش في عصر الدولة الوسطي الفرعوني وهي اكبر مقبرة صخرية للأفراد في هذا العصر نحتت داخل الجبل الغربي بالقرب من دير درنكا
وفي نهاية حديثه دعا الحضور للسير علي خطى العائلة المقدسة في أسيوط، فقد احتفظت أسيوط حتي الأن باسمها القديم في النصوص المصرية القديمة وهو “ساوت” ويعني الحارسة أو الحامية وبالفعل كان لها دورا هاما وكبيرا في حراسة وحماية العائلة المقدسة أثناء رحلة هروبها إلي مصر. أدعوكم الي زيارة أسيوط المدينة الحارسة فستكونوا فيها بأمان كما كانت العائلة المقدسة.. أدعوكم أن تسيروا علي خطي العائلة المقدسة إليها فطول الفترة التي مكثتها العائلة المقدسة في اسيوط وهي اطول فترة في مصر دون غيرها من المناطق هي اشارة واضحة من العائلة المقدسة لراحتهم في اسيوط وارتياحهم ألهلها. نحن في انتظار قدومكم الي مدينتنا العريقة أسيوط وزيارتها.
وتحدث الدكتور ماجد عزت إسرائيل – من الجمعية المصرية للدراسات التاريخية – عن أهمية أيقونة يوحنا الأرمني المختارة لغلاف دعوة المؤتمر. وأشاد الباحث المصرى بنجاح المؤتمر وتحقيقه هدفه فى التسويق لمسار العائلة المقدسة.
أما عن الجانب السياحي، قدمتا شركات ديوميرا الإيطالية (بقيادة أدريانا سيجيلي) وبرايم تورز المصرية (بقيادة اللواء محسن المقدم)، رسم توضيحي لبرامج سياحية يمكن العمل بها على هذا المسار، للجذب السياحي المدروس، ونماذج واقعية على هذا المسار ومدى القدرة على تنفيذها على أرض الواقع.
قال الأستاذ محسن المقدم مدير شركة برايم تورز، أن هذا الحدث تم تنظيمه بشكل خاص ليعلن عن نجاح التعاون بهدف الدعاية وتسليط الضوء على رحلة العائلة المقدسة في مصر. كانت آخر شراكتنا مع شركة ديوميرا في إيطاليا نجاحًا كبيرًا فيما يتعلق بسياحة العائلة المقدسة التي هي جزء من خطة السياحة الدينية، حيث ننظم رحلاتنا على خطى العائلة المقدسة.. وبسبب النجاح الذي وصلنا إليه من هذا التعاون نتمنى أن نقوم بالمزيد في إطار الدعاية عن هذه الرحلات للترويج للمسار المبارك. وأكد المقدم أنه شرف له أن يكون له دور في الدعاية عن هذه الرحلة المقدسة.
وأنهى كلمته قائلاً: من يزور مصر يجد الأمان والترحاب والدفء والسياحة المتنوعة التي تواكب الجميع من مختلف الثقافات، وإنني أدعو الحضور لزيارة مصر.
وفي نفس السياق وقفت أدريانا سيجيلي مديرة شركة ديوميرا الإيطالية، قائلة: ديوميرا ترافيل هي شركة سياحة مقرها في ميلانو. منذ سنوات ونحن نرعى رحلات الحج بخصائص معينة تساعد الحاج لخوض تجربة الحج في الأماكن المقدسة وقبل كل شيء نرافقه لمعرفة المذاهب المختلفة، من فلسطين إلى مصر ومن الأردن إلى لبنان وفي كل مكان في العالم.
وأوضحت أدريانا أن مصطلح الحج ، فإنه يهدف إلى الإشارة إلى نوع معين من الرحلة، ذهاب
نحو هدف من خلال مسارات محددة مسبقًا وأيضًا تمكن من تذكر الأحداث وصنعها ملك. الوقت المخصص لهذا المسار هو الوقت الذي نقطعه من الحياة اليومية لتكريس أنفسنا لهدف مختلف: الجمع بين الرغبة في الصلاة والفكر والاستمتاع بجمال خلق وعمل الانسان.
اتخذ الحج أشكالًا مختلفة في تاريخ الإنسان، والتي تغيرت وأثرت على أحداث القصة على مر الزمن: من الحاج الأول إبراهيم في طريقه إلى “المقصد الموعود”، حتى يومنا هذا.
في المسيحية تفسير خاص للحج: فهو مرتبط، في المقام الأول ، بـال “ملاذ” منها: روما، أسيزي، سانتياغو دي كومبوستيلا، لورد، فاطيما.. كلها أماكن تشير تجربة إيمانية معينة يمكن ويجب مشاركتها وعيشها. والحج بامتياز في العالم المسيحي هو رحلة إلى الأرض المقدسة. من يمشي نحو أورشليم ، تتبع مراحل التاريخ التي صار فيها الله إنسانًا ، وقبل كل شيء طفلًا في إنسان واحد
مغارة بيت لحم.
دون إهمال تاريخ العهد القديم، حيث عاش موسى ويسوع في نفس أرض مصر ، لهذا السبب تم تنظيم رحلات الحج على مر السنين والخروج لتتبع تاريخ شعب إسرائيل بقيادة موسى نحو أرض الموعد. “لما كان إسرائيل شابًا أحببته ومن مصر دعوت ابني” (هوشع: 11: 1)
وعن تجربة أدريانا في رحلتها لمصر، قالت: عشت تجربة زيارة مصر من خلال زيارة بعض محطات من رحلة العائلة المقدسة. في القاهرة كان لي لقاء مع البابا شنودة الثالث الذي كان مرحبًا، أراني المسارات المختلفة للعائلة المقدسة. لدهشتي اكتشفت ذلك أن هناك أكثر من عشرين مكانًا تذكر مرورها. وكان سبب رحلتي هو تقييم أهم الأماكن التي زارتها العائلة المقدسة فوجدتها مناسبة ليتم تضمينها في رحلات الحج.
وشرحت أدريانا بالتفصيل رحلة العائلة المقدسة والنقاط التي زارتها.. ثم أنهت كلمتها قائلة: بالنسبة إلى ديوميرا ترافيل، فهي تتيح رحلات الحج إلى مصر بإمكانات كبيرة ومتنوعة.. وشركة ديوميرا للسياحة ، يساهم في استدامة وتطوير مسارات جديدة، التي تسمح بانفتاح للحوار وتعميق العالم القبطي والكاثوليكي والأرثوذكسي.
أما عن الجزء الأخير بالمؤتمر جاءت كلمات آباء الكنيسة، في كلمة الأنبا برنابا أسقف تورينو وروما وضواحيها، رحب بكل الحضور وقال: يعتبر مشروع العائلة المقدسة فرصة للحوار بين أجيال من المهاجرين خاصة المهاجرين المصريين، ليس فقط الأقباط ولكن كل المصريين الذين يعيشون في أوروبا حيث أن تاريخ العائلة المقدسة هو جزء من تاريخ وطنهم الأم، فلا يمكننا تجاهل ما يقرب من ستة قرون من التاريخ القبطي المصري، وإذا فهمنا أهمية الحوار بين مختلف الطوائف والأديان والثقافات ومعرفة الأصول التاريخية، فسنساعد أطفالنا على العيش معًا في مناخ أكثر صحة. ننتهز فرصة المشروع للربط بين الأقباط الذين يعيشون في أوروبا مع كنيستهم الأم ووطنهم الأم ودعوة جميع الشباب المصريين والأقباط للمشاركة في المشروع من خلال الرحلات إلى مصر ليس فقط لأنها جزء المسيحية بشكل عام أو المسيحية الشرقية ولكنها جزء من التراث الثقافي العالمي.
ثم جاءت كلمة الأنبا مارتيروس أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد، عن أهمية الوعي الثقافي بحدث مجئ العائلة المقدسة إلي مصر وتنمية مسار العائلة المقدسة فقال: نحن نتمنى المزيد من التشجيع على السياحة الدينية في مصر، وللإرتقاء بحقل الدراسات القبطية في هذا المجال، ونقدم شكرنا الجزيل لقداسة البابا فرنسسيس، وقداسة البابا تواضرروس الثاني، علي إهتمامهم بمحطات مسار العائلة المقدسة في مصر.
ويعد مشروع العائلة المقدسة فرصة للحوار بين أجيال المهاجرين، وخاصة المصريين، وننتهز فرصة المشروع، لإنشاء روابط بين الأقباط الذين يعيشون في أوروبا مع كنيستهم الأم في وطنهم الأم ، ودعوة جميع الشباب، ليس فقط المصريين والأقباط ، للمشاركة في المشروع من خلال تنشيط الرحلات الدورية إلى مصر، بل تنشيط الرحلات لجميع المسيحين في العالم، لأن تراث العائلة المقدسة هو جزء من التراث الثقافي العالمي.
وأكد نيافته على حقيقة مجيئ العائلة المقدسة إلي مصر، في كتابات الإنجيل من العهد القديم والجديد، وأكدها بابوات كنيسة الإسكندرية، منهم البابا أثناسيوس ال ٢٠ (٣٨٢م -٣٧١م) في كتاباته، والبابا ثاؤفيلس ال٢٣ (٣٨٥م – ٤١٢م) في ميمره، والبابا تيموثاوس ال ٢٦ (٤٥٨م- ٤٨٠م)، ثم أكدها البابا كيرلس الكبير ال ٢٤ (٤١٢م- ٤٤٤م)، وأكدها من الشرق القديس يوحنا ذهبي الفم، وأكدها من الغرب القديس إمبروسيوس أسقف ميلان، وفي نص قديم باللغة القبطية في أوستراكا، وقد سجلت هروب العائلة المقدسة إلي مصر، وهي ترجع إلي القرن السادس الميلادي، وقد نشرها العلامة كرم ١٩٠٢م.
وسجل أيضا علي أقدم بردية باللغة القبطية باللهجة الفيومية، وهي من القرن الرابع الخامس الميلادي، وهي محفوظة في جامعة كولون بألمانيا ، نشرتها الدكتورة جيزا شينكا عام ١٩٩٧م ،
وهناك عثر علي أقدم رسم فريسكا بدير القديس يوحنا أبو يحنس بملوي في المنيا، يرجع للقرن الخامس السادس الميلادي، وهناك أقدم تصويرتين هامتين بمخطوطة عن العهد الجديد، عن الذهاب والإياب للعائلة المقدسة ترجع لعام ١١٩٧م موجودة في مكتبة جامعة هامبورج بألمانيا.
وشكر الأنبا مارتيروس الدولة المصرية على مجهوداتها بتنمية مسار ومحطات العائلة المقدسة، علي المستوي الإنشائي، والإعلامي، والتوعوي، ومحاولة تسجيلها علي خريطة السياحة العالمية بهيئة اليونيسكو، وعمل برامج مختلفة في الإذاعة والتلفزيون.
وأعلن نيافته عن مشاركته في برنامج إسبوعي عن العائلة المقدسة براديو صوت العرب، بالإضافة إلي إفتتاح معارض فنية كثيرة عن العائلة المقدسة، وحضور ندوات وملتقيات عن العائلة المقدسة.
وفي نهاية المؤتمر قدم الأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط الشرفي لألقباط الكاثوليك الزائر الرسولي لكنائس كندا وامريكا، كلمته بعنوان: “الكنيسة القبطية الكاثوليكية جسر يربط العالم الكاثوليكي بالحضارة المصرية” واستهل نيافته فيها قائلاً: “عرفت بلادكم، في العالم كله ، بحضارة عريقة، وعلم غزير، وحكمة لا نظير لها” هذا ما أعرب عنه القديس البابا يوحنا بولس الثاني، عند وصوله إلى مطار القاهرة الدولي، يوم 24 فبراير 2000 ، في مطلع زيارته ، التي قصد بها أن يذهب “للصلاة في أهم الأماكن التي ارتبطت ارتباطا خاصا بتدخلات الله في التاريخ.
وقد عبر قداسة البابا فرنسيس عن نفس المعاني، في خطاب أمام السلطات المصرية، عند زيارته القصيرة والمكثفة، التي قام بها يومي 28-29 أبريل 2017 ، إذ قال :”إن بلادكم تعني الكثير لتاريخ البشرية والتقليد الكنسي ليس فقط بسبب ماضيها العريق، إنما أيضا لأن العديد من رؤساء الأباء عاشوا بين ربوعها، وقد ورد ذكرها عدة مرات في الكتب المقدسة. وفيها كشف عن إسمه لموسى ، وفيها وجدت العائلة المقدسة ملجأ آمنا. ومازال صدى كرم الضيافة ،التي قدمتها قبل ألفي سنة، يتردد إلى اليوم وكما تقولون أنتم : مصر أم الدنيا”
ونحن معشر المصريين، إذ نفخر بانتمائنا إل هذا البلد العريق، نشعر أن واجبا مقدسا يقع على عاتقنا، ويتحتم علينا القيام به ، ألا وهو أن لا نحتكر هذا الغنى الحضاري والزخم الثقافي لأنفسنا، بل نشرك الأخرين به ، لكي يستفيد منه الجميع.، وذلك بأن يكون كل واحد منا سفيرا لها في مجاله الخاص
والكنيسة القبطية الكاثوليكية، بنوع خاص ، إذ تربطها رباطات وثيقة بمليار و378 مليون كاثوليكي في العالم، تقوم بهذا الدور عن طريق الدعوات، التي توجهها في كل مناسبة إلى ابناء الكنيسة الكاثوليكية للحضور في زيارات دينية وسياحية ودراسية، ليكتشفوا هذا الزخم، ويلمسوا بانفسهم هذا الكرم ويختبروا الفرح الروحي، المصاحب لزيارتم وهم بدورهم ،عند عودتهم إلى بلادهم، ينقلون تلك الخبرات لأخرين، فتتسع دائرة السياحة الدينية، ويتشجع الكثيرون على المجئ لإكتشاف أم الدنيا..
وبالفعل فقد استقبلنا، في الأونة الأخيرة، العديد من الوفود القادمة من مختلف البلدان الأوروبية.. تحيا مصر..
وانتهي المؤتمر بتوصية من الجميع بتكراره على أمل تفعيله بشكل اكبر.. وفي تصريح لوطني من منسقة المؤتمر الدكتورة جولييت شاكر أعلنت أن أهم ما تميز به هذا المؤتمر كان التعددية من حيث الديانات المختلفة والطوائف المتعددة والجنسيات المختلفة بلغاتها المتنوعة والثقافات وبرغم ذلك فالهدف كان واضحاً وهو أن مسار العائلة المقدسة يجمعنا جميعا.