فقال الله لآدم:بعرق جبينك تأكل خبزا….(تكوين3:19) نحتفل كل عام بعيد العمال في اليوم الأول من شهر مايو, لذلك يجب علينا أن نقف لحظة مع الذات ليسأل كل شخص نفسه:هل أقوم بعملي كما يجب؟ هل أحب عملي وأجد فيه ذاتي؟هل أضع فيه كل كياني وعقلي وقلبي؟ لأن من يريد أن ينجح ويتفوق ويبدع في عمله يجب عليه أن يحبه ويكرس له طاقاته.مما لاشك فيه أن الغالبية العظمي من الجنس البشري تعمل من أجل الحصول علي لقمة العيش والرزق قفط, فالهدف الأول والأخير بالنسبة لها الربح, لكننا لاننكر وجود نخبة تعمل لا طعما في الكسب بل تلبية لنداء داخلي من أجل رسالة إنسانية, ونجد من هذه النوعية أشخاصا في مختلف المجالات سواء معلمين أو مربين أو أطباء أو مهندسين أو كتاب أو فنانين وغيرهم جميعهم يعمل من أجل إسعاد الغير وتوفير الراحة للمتعبين, حتي أنهم يجدون سعادتهم الحقيقية فيما يقومون به من تضحية وجهد, كما أنهم لا يبالون بأي تعب يحل عليهم, أو ما يدفعونه من مال ووقت من أجل الآخرين, ولا ينتظرون أي مقابل. نحن أمام مثال حقيقي من هذا النوع,ففي عام1920 أقامت نقابة الأطباء بإنجلترا حفل تخريج عدد من الأطباء الجدد بحضور رئيس الوزراء, وأثناء الاحتفال وقف النقيب يبدي بعض النصائح المهمة لهؤلاء الخريجين وحكي لهم موقفا واقعيا حدث معه قائلا:جاءت امرأة عجوز إلي منزلي بعد منتصف الليل وأيقظتني من النوم قائلة لي:لو سمحت يادكتور انهض لأن ابني مريض ويختضر فقمت للتو غير مبال بالعواصف الشديدة والبرد القارس والمطر الغزير, وكان مسكنها في ضواحي لندن وهو عبارة عن غرفة صغيرة متواضعة ووجدت ابنها يرقد في زاوية منها يتألم ويئن, وعندما قمت بواجبي كما يجب أعطتني كيسا صغيرا به بعض النقود, فأعدته لها مرة أخري بلطف معتذرا عن عدم أخذه, ووعدتها بأنني سأتابع حالة ابنها حتي وهبه الله الشفاء الكامل. هذه هي مهنة الطبيب التي تتسم بالرحمة والشفقة والتضحية كما أنها الأقرب إلي قلب الله. وما كاد النقيب ينهي كلامه حتي قام رئيس الوزراء متجها نحو المنصة ووقف أمام الميكروفون قائلااسمح لي أيها النقيب بتقبيل يدك!….كنت أبحث عنك منذ عشرين عاما! فأنا ذلك الابن الذي ذكرت حكايته! الآن والدتي الغالية بين يدي الله, وكانت وصيتها الوحيدة لي أن ابحث عنك لأكافئك عما قمت به من عمل خير معنا ونحن كنا نعيش في ظروف صعبة. إنه ديفيد لويد جورج الذي شغل منصب رئيس الوزراء في الفترة(1916-1922) فالعمل عبادة…وكل من يبذل مجهودا أو يقوم بتضحية في سبيله, إنما يعبر عن دوره في الحياة ولا ننكر أن الله يكافئنا علي عملنا هذا عندما نقوم به بكل إخلاص وتفان, كما أن الله يبارك كل شخص أمين في واجبه نحو الآخرين. إذا يجب علينا ألا نعتبر العمل واجبا ثقيلا نؤديه مقابل ربح مادي أو أجر نحصل عليه في نهاية الشهر, ولكنه رسالة سامية من أجل خيرنا وخير الآخرين والمجتمع الذي نعيش فيه. كما يجب علينا أن نتحلي بروح العمل والمبادرة في خدمة الآخرين, وأن نعمل بإرادة التحدي والصمود لأنها تساعدنا علي إتمام واجباتنا مهما كانت الظروف والمعوقات لأن عادة التشكي تحبط عزيمتنا وتقتل فينا كل حماس وحيوية وتضحية حتي أننا نقع في فخ البطالة والخمول والامتناع عن القيام بواجبنا إذا يجب ألا نجلس ضاربين كفا بكف ونتحسر علي ما يواجهنا من ضيقات وصعوبات كما يجب علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام العراقيل التي تعترض القيام بعملنا, ولا نيأس من مستقبل يبدو لنا مظلما, لأن الله منحنا العقل والإرادة والعزيمة التي تساعدنا علي النهوض مرة أخري لنقدم ما في وسعنا فالحياة تمنحنا الفرص الكثيرة التي بها نتعلم ونحاول ونقدر. إذا من يعقد العزم, يسير في طريقه دون أن ييأس, فكل واحد يخلص في عمله بكل تضحية وتفان يربح تقدير واحترام الآخرين له. لأن العمل يساعدنا علي تجنب ثلاثة أشياء:الملل والرذيلة والعوز. ونختم بكلمات الكاتبةMary Higgins Clark:إذا أردت أن تحصل علي السعادة لمدة عام, عليك أن تربح في اليانصيب لكن إذا أردت أن تصبح سعيدا مدي الحياة فأحبب ما تقوم به.