بينما كنت أطالع صحف الصباح, في الأسبوع الماضي توقفت عيناي علي خبر شدني فقرأته أكثر من مرة.. الخبر يقول:
أعلنت الشرطة اليونانية أنها تلقت شكوي تفيد بأن أحد الأشخاص كان ثقود سيارته ربط كلبا له عن طريق طوق حول رقبته, وسحبه عن طريق سلسلة حديدية كانت مربوطة في الطرف الآخر بالسيارة.. وعلي الفور حددت شرطة منطقة باترا بغرب أثينا العاصمة مكان المتهم, وتم القبض عليه, بينما تم نقل الكلب المصاب بجروح في رجليه وفكه إلي طبيب بيطري لعلاج الإصابات التي لحقت به.. وتم تغريم المتهم ثلاثين ألف يورو لإساءته معاملة الكلب وإهانته لأن هذا الفعل هو ضد القانون العام. وبالإضافة إلي الغرامة المالية التي فرضتها الشرطة علي المتهم فسوف ينقل إلي النيابة العامة في باترا بأثينا لإجراء التحقيقات القانونية له. حقيقة قرأت الخبر سعيدا ومبهورا بالقانون الذي يحمي الحيوان والبني آدمين طبعا.
تسرب الحزن إلي نفسي عندما تذكرت وضع المرأة في مصر والحوادث التي نقرأ عنها يوميا في الصحف, غير الحوادث التي تحدث ولا يبلغ عنها. لقد أصبحت عادة ضرب المرأة وجرحها وإصابتها بل وقتلها شيئا سهلا وظاهرة خطيرة.. كل يوم نقرأ عن قتل امرأة أو اثنتين زوجة أو فتاة مخطوبة أو عروس ليلة فرحها وسعادتها ـ ليلة العمر ـ أو شاب ساذج جاهل يريد أن يرتبط بفتاة فترفض هي الارتباط, أو مشاكل من أجل الوراثة ولمنع المرأة من الورث, وهذا حقها, أو لمشاكل بسيطة متواضعة ساذجة لا تتساوي مع هول الضرب والإساءة والقتل العمد, ثم الصورة السيئة المظلمة لرؤية الأبناء لهذه الأحداث. ماذا يفعل الأبناء في هذه المناظر والأوضاع السيئة واللا إنسانية عندما يرون أمهاتهم تهان وتضرب وتقتل؟ صورة تهدد كيان الأبناء ووجودهم وكل ما يصل إليهم من تعاليم دينية وتعليمية مثل: الجنة تحت أقدام الأمهات.. وكل عظيم وراؤه امرأة.. هذا غير الشتائم والألفاظ القذرة من شتائم وسب وقذف. هل هذا ما نعلمه لأبنائنا ومن من؟ من آبائهم النموذج الحي أمامهم.
الغريب أن القانون اليوناني الصارم الذي حكم علي المواطن بغرامة 30 ألف يورو غير تحويله للجنايات والنيابات لمجرد حادث مع حيوان هو قانون مستورد من مصر, فمصر هي أم الدنيا وأصل حضارات العالم. واليونان اعترفت بفضل مصر عليها في هذا. فالفيلسوف أفلاطون تلميذ أبو الفلسفة سقراط, والذي عاش حوالي أربع سنوات في مصر يعترف بحضارة مصر فيقول: كل ما تعلمناه أخذناه من مصر, وأبو التاريخ.. هيرودوت يعترف أيضا ويقول.. مصر علمتنا كل شيء. الفيلسوف والرياضي العظيم فيثاغورث يعترف أيضا بذلك. إذن فنحن أصحاب هذه الحضارة وهذا القانون الذي يحترم حياة الإنسان والحيوان. الغريب والعجيب فعلا أن الذين استفادوا بهذا القانون يطبقونه في حضارتهم الحالية ويعاقبون من يسيء إلي الإنسان والحيوان. أما نحن فنعيش في غيبوبة البحث عن ضرب المرأة حلال أو حرام؟ ونقف أمام القتل مترددين! بل نقف فعلا مترددين بكل ما يخص المرأة, لأننا مازلنا ننظر إليها بأنها غير مساوية للرجل, وأنها عورة وعيب لدرجة أن العامة ورجل الشارع عندما يشتم رجلا آخر يقول له يامرة!!! وكأن المرأة ليست أقل من الرجل فقط ولكنها وصمة وقبح وجرم.
حقيقة أن مايحدث للمرأة في مصر هو عار علي الرجل المصري والمرأة أيضا. يجب أن ينتفض المجتمع المصري ليصلح هذا العوج في العادات والتقاليد والمعاملات بالنسبة للمرأة المصرية الفاضلة الكريمة المعطاءة, وبخاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي ينادي دائما ويعمل لمصلحة المرأة وتعويضها عما فات. ويكفي أن يقول الرئيس.. لن أوقع أي قرار ضد المرأة وفي غير مصلحتها.