في عام ألفين خصصت منظمة الأمم المتحدة يوما كل عام من أجل إنهاء العنف ضد المرأة, ولأن القضية حقا خطيرة ومأساوية وتهدد مستقبل الإنسانية جعلت المنظمة الدولية اليوم طويلا يشمل 16 يوما, ويبدأ كل عام بداية من 25 نوفمبر, وينتهي في 10 ديسمبر وهو اليوم الذي يمثل اليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان. في هذه الأيام تقام الندوات والمحاضرات والمسيرات والمظاهرات في كل العالم مع أحاديث الإذاعة والتليفزيون لنشر الوعي بالمشكلة التي لم تنته منذ نشأت المجتمعات وحتي الآن وهي المعاملة السيئة للإنسان ممثلا في المرأة, نسي الرجال أن الإنسان هو الرجل والمرأة وأنهما متساويان تماما في كل شيء كما أثبت العلم, لكن الرجل ـ للأسف ـ تجبر وتكبر ودفعه غروره وجهله إلي الإساءة للمرأة بشتي الوسائل, واستخدم العنف ضدها, العنف النفسي والجسدي والاجتماعي, ووصل العنف إلي حد التعذيب والقتل!! المشكلة الحقيقية أن الظاهرة تتزايد وتتفاقم مع الزمن ولم تجد الـ16 يوما لإنهاء العنف ضد المرأة, فالنتيجة أكثر من سيئة, تقول الإحصاءات الرسمية إنه خلال عام 2021 تعرضت نحو 736 مليون امرأة في جميع أنحاء العالم للعنف الجسدي علي يد الزوج أو أحد أفراد الأسرة, وتعرضت حوالي 25% من النساء المتزوجات حاليا للعنف الجسدي من قبل الأزواج, ووصلت نسبة الإتجار بالبشر من الفتيات والنساء إلي 71% من الضحايا. وأن واحدة من كل أربع نساء شابات تتراوح أعمارهن بين 15 و24 سنة تعرضن لعنف ببلوغها منتصف العشرينات. هذه الإحصاءات أعلنتها منظمة الأمم المتحدة نفسها.
في عام 2022 المنصرم اختارت الأمم المتحدة شعار: اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة. كان الهدف هو حشد كل الأطياف في كل المجتمعات وتنشيطها في مجال منع العنف ضد المرأة, والتضامن مع ناشطات حقوق المرأة ودعم الحركات النسائية, في كل بقاع الأرض لمقاومة التراجع عن حقوق المرأة, والدعوة إلي عالم خال من العنف ضد المرأة والفتاة.
اهتمت المنظمات النسائية والإنسانية بيوم إنهاء العنف ضد المرأة في كل العالم فوجدنا مسيرات لنشر الوعي وبرامج وأفلاما سينمائية في باريس, وروما, وليما وبرشلونة ومدريد في إسبانيا وغيرها بل وجدناها في إيران. ومع أن اختيار 25 نوفمبر يوما لإنهاء العنف ضد المرأة منذ عام ألفين إلا أن المشكلة مازالت باقية بائسة يائسة حائرة بغير حل أو حلول إيجابية يمكن أن تحل المشكلة فعلا مما يدل علي جهل حقيقي بحقوق الإنسان وبقيمة المرأة كنصف المجتمع, وأم الدنيا ومربية الأجيال.
أشعر أنه عار ثم عار ثم عار علي الإنسانية ذلك الذي يحدث للمرأة كل يوم في ربوع العالم كله, الفقراء والأغنياء, المتحضرون والمتخلفون, المتعلمون والجهلة. العجيب والغريب أن العالم كله يعذب المرأة ثم يتغني بجمالها وحبها وحنانها. لقد فقد الناس عقولهم وأصيبوا بأمراض نفسية غريبة غير مفهومة! فهل يدلنا علماء النفس والاجتماع علي سبب هذه الظاهرة وكيفية الحل؟ والسؤال الذي يفرض نفسه علينا أين رجال الدين ورجال التربية وعلماء الأنثروبولجيا والآباء والأمهات وخبراء الاجتماع؟ أين المدرسة والمعاهد والجامعات والنوادي والإعلام من صحافة وإذاعة وتليفزيون؟ أين الخبراء الذين يذهبون إلي القري والنجوع ويلتقون بأهالينا البسطاء يشرحون لهم المشكلة ويشجعونهم علي الحب والتعامل الإنساني السوي بين الرجل والمرأة, وأنهما فعلا متساويان في كل شيء, ولا فرق بين الرجل والمرأة, والله سبحانه وتعالي سيحاسبهما الرجل والمرأة حسابا واحدا ولا يفرق بينهما, فكيف نفعل نحن ذلك؟ ثم أين رجال الفن من هذه المشكلة.. لماذا لم نسمع أغنية شجية جميلة جذابة عن مساواة الرجل بالمرأة وضرورة أن يحترم كل منهما الآخر بنفس القدر والانضباط؟ لماذا لم نجد مسرحية تتغني بالمساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة إلا القليل جدا؟
أما عن السينما فلا نريد أن نفقد الأمل فيها فالعاملون في هذا المجال يسيئون للمرأة جدا ويجعلون منها جارية وخادمة وبائغة لذة ونكدية ومجرمة وفاجرة حتي ينجح الفيلم وتجري الملايين في جيوبهم, ونسي هؤلاء أن الفن رسالة حقيقية شريفة إلهية من أجل بناء المجتمع وتربية الوعي ونشر الفكر المستنير.
أيها السادة 16 يوما لا تكفي, اتحدوا لإنهاء العنف.
إلي لقاء…