عزيزي القاريء تحدثت معك في المقال السابق عن الجزء الخامس من لحن: شيري ني ماريا مرد الإبركسيس الكبير.واليوم اريد أن أتحدث معك عن الجزء السادس والأخير في هذا اللحن العريق.
❖ الجزء السادس من اللحن:-
كما رأينا مما سبق شرحه أن العذراء القديسة مريم التي تتشفع عن البشرية كلها، تستحق التطويب، ففي شخصها استطاعت البشرية أن تقول “نعم” لله وأن تقبله مخلصاً لها ففي مريم تم الإتحاد بين الله والناس. وفيها تأسست كنيسة العهد الجديد المفدية بدم المسيح المسفوك من جسده الذي أخذه من مريم. وفيها بلغت قداسة العهد القديم ذروتها في الإيمان والتواضع والطاعة لله.
لذلك فالجزء السادس من اللحن يعتبر مقدمة قصيرة (بإعتباره أصغر جزء في اللحن) لكلمات التطويب التي أخيراً استطاع الملحن أن يتخلص من أسلوب الميلسما لينطق بها قائلاً “السلام لك يا مريم الحمامة الحسنة” وبذكاء الموسيقي البارع قام هذا الملحن بعمل flash back لإحدى الجمل الموسيقية التي ظهرت في الجزء الرابع والذي فيه استعرض “نشيد التعظيم” الذي قالت فيه مريم ببصيرتها النافذة للمستقبل “هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني” كان لهذا الـ flash back دور هام في ربط الجزء السادس من اللحن بالجزء الرابع من موسيقياً وروحياً.
أما موسيقياً، فلأنه استطاع أن يسترجع هذه القيمة الموسيقية التي عبرت عن التطويب في نشيد التعظيم فجعلها لذيذة في الأذن وأصبح من الصعب نسيان هذه الجملة الموسيقية حتى أن أحداً من الشمامسة الذين يحفظون هذا اللحن إذا ما فقد التركيز أثناء التسبيح في هذا الجزء السادس فإنه قد يخطئ فيستكمل بعد هذه الجملة ما يليها في الجزء الرابع فيجد نفسه في دوامة موسيقية كلما وصل فيها إلى الجزء السادس عاد إلى الرابع وهكذا حتى يتدخل “المعلم” فينتشله من هذه الدوامة الموسيقية.
وأما روحياً فلأنه بإعادة هذه الجملة في هذا الجزء السادس تم استرجاع كل المعاني الروحية التي تضمنها نشيد التعظيم الذي هو نشيد الخلاص للبشرية كلها والذي فيه نطقت شفتا العذراء ” هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني”.
الآية التي بسببها تحرك خيال هذا الملحن ففاض منه هذا اللحن بأجزائة الست والذي ينتهي بالنطق بكلمات التطويب “السلام لك يا مريم الحمامة الحسنة” وعند النطق بها يعود اللحن إلى مقام اللحن الثابت السنوي الذي يقال في أغلب الأحيان بدون الست أجزاء الذي تم شرحها أنفاً.
فيا أيتها العذراء الطاهرة… يا من تسربلت بالشمس والقمر تحت رجليك وعلى رأسك اكليل من أثنى عشر كوكباً … نسألك ألا تحرمي البشر من أن تسطعي بنورك البهي وظهورك السنيّ ومجدك الذي جذب البعيدين إلى كليّ المجد والقداسة والطهارة إبنك الحبيب يسوع ربنا”.
عزيزي القارئ سوف أكتفي بهذا القدر من شرح لحن:شيري ني ماريا مرد الإبركسيس الكبير، فعلى مدى 7مقالات شرحت لك 6 أجزاء يتكون منها اللحن، وغوصنا معا بين نغماته العذبة ومعاني كلماته الرقيقة الروحية،وفهمنا معا كيف إستطاعت الميليسما والإطناب النغمي أن يرسم بجدارة صورةحية لحياة السيدة العذراء من بشارة الملاك حتى صلب إبنها الحبيب على عود الصليب.فإلى اللقاء في مقال جديد ولحن قديم من ألحان القداس الإلهي نغوص معا ونتجول بين نغماته وبين معانيه الروحية ونفهم كل مايحيط به من مفاهيم عقائدية وموسيقية وطقسية، فإلى أن التقى بك أتركك تستمتع بنغمات لحن شيرى ني ماريا مرد الأبركسيس الكبير العذبة الممتلئة بالروحانية.
المراجع التي استخدمت في لحن
شيري ني ماريا الكبير
1- القديسة والدة الإله مريم العذراء الدائمة البتولية: القس: يوحنا حنين (كنيسة مارمينا بفلمنج – الإسكندرية) طبعة 1976.
2- العذراء والكتاب المقدس: أيريس حبيب المصري (كنيسة العذراء بسموحة – الإسكندرية).
3- القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي : القمص تادرس يعقوب ملطي (كنيسة الشهيد مارجرجس باسبورتنج).
4- القديسة مريم العذراء وتطويب الأجيال: نيافة الأنبا ياكوبوس (مطرانية الزقازيق زمنيا القمح.
5- القديسة مريم العذراء (من سير القديسين): ساجي سليمان عزيز.
6- ملكة السمائيين والأرضيين: القمص لوقا الأنطوني – طبعة مارس 1992.