بكل أسف نبدأ عاما جديدا في ظل الحروب وأشباه الحروب.. حرب في أوكرانيا, بات العالم أجمع في مرمي نيرانها سياسيا واقتصاديا, فضلا عن حجم الدمار الهائل الحاصل علي أرض المعركة في البشر والحجر.
كل يوم يتباري الجانبان الروسي والأوكراني في إعلان بيان الخسائر البشرية وفي الآلة العسكرية للجانب الخصم وكأننا في مباراة قتل علني وهي كذلك, يغذيها الغرب ممثلا في الولايات المتحدة وأوروبا بكل نسخ الجديد في الترسانة العسكرية الغربية لتركيع روسيا كسبيل لوقف الحرب.
المشهد ينبئ عن سوء طالع, فلا أحد يلمح لمفاوضات مباشرة جادة تحمل أفكارا قابلة للتداول.. الأوكران من جانب يزدادون إصرارا علي استعادة ما اقتطع من أراضيهم وسط تدفق هائل للمساعدات العسكرية, ولا يذرون أن الغرب يحارب الروس من خلالهم كوقود للحرب.
وعلي الجانب الآخر يعلم الغرب أن الدب الروسي غير قابل للخنق, فعلي ماذا يراهنون؟! والغلبة في النهاية لصاحب النفس الأطول.
ما يحدث أن الحرب الأوكرانية باتت مسرحية سياسية عسكرية اقتصادية هي الأسخف منذ عقود. وما يخيفنا أننا في مرمي النيران الاقتصادية كعالم ثالث وفقير, فبالرغم من أن دول أوروبا والولايات المتحدة تشهد ومازالت موجة غلاء أسعار طاحنة تأثرنا في مصر دون شك كوننا جزءا من العالم الثالث, فالأسعار باتت شاغل المواطن المصري, وأبسط تأثير سلبي جاء من خلال تكرار رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة علي الدولار, الأمر الذي تسبب في هروب الأموال الساخنة وإضعاف الجنيه أمام الدولار.
ولولا الارتباط بالدولار كعملة يحسب علي أساسها استيراد السلع علي اختلافها ما كان التأثير السلبي بهذا الحجم المخيف.
ومن ثم يصبح الدرس الوحيد الذي نتعلمه من الحرب الدائرة بعناد ورعونة سياسية هو أن نجتهد كدولة لنأكل ما نزرع ونستهلك ما نصنع من سلع وأدوات, وهو ما نراه عن يقين شغل الحكومة الشاغل.. فكل اجتماعات القيادة السياسية بالمسئولين التنفيذيين تدور حول جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة, وتوطين الصناعات لتقليل الاستيراد وزيادة الرقعة الزراعية لزراعة مزيد من المحاصيل التي تصنف بالاستراتيجية كالقمح والذرة وفول الصويا والأرز وغيرها لإجراء جراحة عاجلة تفضل بين الجنيه المصري والدولار الأمريكي قدر المستطاع.. ومازال الأمل معقودا.