لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح, ذاك أفضل جدا (في1:23)
إخوتنا الذين انتقلوا إلي السماء كانوا ثابتين وصامدين ومسبحين.
ما أشهي أن ينتقل الإنسان وعلي لسانه اسم الله:
اذكرني يارب متي جئت في ملكوتك (لو23:42).
ارحمني يا الله حسب رحمتك (مز50:1).
ياربي يسوع المسيح ارحمني.
وهذا ما رأيناه وسمعناه, ولكن ما كان في القلوب بالتأكيد كان أكثر وأكثر.
أولا: مفهوم الموت:
1- انتقاء: طوبي للذي تختاره وتقربه ليسكن في ديارك (مز65:4), الله يختار.. فطوبي, (يا بخت ويا بركة) من اخترته يارب ليسكن في ديارك.. لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح, ذاك أفضل جدا (في1:23), فالموت هو اختيار وانتقاء.
2- راحة: الموت ينهي آلام الإنسان علي الأرض: آلام الغربة, العوز, المرض, الجوع.. إلخ. فالموت انتهاء لكل هذه الآلام, والإنسان يعيش في غربة هذا العالم غريب أنا في الأرض. لا تخف عني وصاياك (مز119:19). وعندما تنتهي هذه الغربة يرتاح.
3- لقاء: لقاء بالسمائيين, ربما عندما ننظر إلي إخوتنا الذين انتقلوا وننظر إلي عيونهم ماذا كانوا يرون.. كانت أعينهم شاخصة إلي السماء, وكأن السماء تستدعيهم وتستعد لاستقبالهم, وصاروا من السمائيين في يوم عيد. ما أشهي هذا اللقاء! وهذا اللقاء ليس مثل لقاءات الأرض يبدأ وينتهي.. إنه لقاء فيه دوام فالأبدية ليس لها زمن.
4- هناء: يقول سفر يشوع بن سيراخ: لا تحسد أحدا سعيدا قبل موته. فلا توجد سعادة حقيقية علي الأرض, بل في السماء.
ثانيا: موقفنا من الموت
أمام الموت بأي صورة من الصور لا نملك إلا ثلاثة أمور:
1- الإيمان: نؤمن بالله ضابط الكل الذي يدبر كل شيء. ورغم أن الموت هو العدو الأخير للإنسان والذي لا يقف أمامه إنسان, لكن لا ينبغي أن يزعزع الموت إيماننا, لأن تاريخ وطننا وتاريخ كنيستنا يشهدان أن كل شهيد يسقط يزيد ويقوي الإيمان أكثر فأكثر.
2- الرضا: نحن نرضي بكل ما يفعله الله صانع الخيرات, وتدبيره المملوء حكمة. وهذا الرضا نابع من إيمان قوي في داخلنا, أنه مدبر حياتنا كلنا.
3- الشكر: نشكر الله علي كل حال, ومن أجل كل حال, وفي كل حال, لأننا بالحقيقة نؤمن أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله, الذين هم مدعوون حسب قصده (رو8:28).
ثالثا: أكاليل نورانية
1- إكليل الإيمان: نالوا إكليل الاعتراف, فقد تعرضوا لضغوط كثيرة لكي ما يتركوا إيمانهم, ولكنهم ظلوا ثابتين, هم شهداء للإيمان لأنهم حافظوا علي إيمانهم إلي النفس الأخير, عاشوا في هذا الإيمان ربما لم يتعلموا في كليات لاهوت, وربما غربتهم لم تكن تتيح لهم الانتظام في الكنيسة, ولكن الله رأي في قلوبهم نقاوة فأعطاهم أن يحصلوا علي إكليل الإيمان.
2- إكليل الشهادة: نالوا إكليل الشهادة, لأنهم بذلوا حياتهم من أجل المسيح.
3- إكليل الوطنية: هم قتلوا لأنهم من مصر, فنالوا إكليل الدفاع عن الوطن.. وشهادتهم أمام الله غالية.
رابعا: موقفنا من المعتدين
1- فرصة توبة: الله لا يقضي علي الشرير ولكن يمنحه فرصة التوبة يوما واثنين وثلاثة ربما يتوب ويعود.
2- الصلاة من أجلهم: نحن نصلي من أجل هؤلاء المعتدين, ومن أجل هؤلاء الأشرار, فالحياة الإنسانية ستنتهي يوما ما.
خامسا: نداء
1- يا أيها الشرير انتبه.. مهما طالت حياتك تب قبل فوات الأوان.
2- يا أيها المغيب انتبه.. فالعنف والظلم حتي وإن تخفي تحت عباءة التدين فهو ليس مقبولا أمام الله.
3- يا أيها العنيف انتبه.. ربما فيروس صغير يصيب الإنسان يقعده.
4- يا أيها الظالم انتبه.. فحينما يأتيك الأجل سيوضع جسدك في التراب, ولكن في يوم الدينونة ستقف أمام الله, فماذا ستقول له؟!
* نحسب أننا كسبنا واحدا وعشرين شهيدا في السماء, ولذلك فسوف يذكرهم تاريخ الكنيسة وتاريخ الوطن. تركوا الأرض ليصيروا في السماء.